في مؤشر خطير على تبدّل في طبيعة الصراع القائم في سوريا، أعلن التلفزيون السوري عن «عمليتين إرهابيّتين في دمشق نفذهما انتحاريان هاجما (موقعين رسميين) بشاحنتين مفخختين»، بينما أفادت المعلومات الاولى عن استهداف إدارة المخابرات العامة وفرع الأمن قرب دوّار الجمارك في دمشق علماً بأن التفجيرات المشابهة عادة ما سادت العراق، واستخدمها بشكل أساسي تنظيم «القاعدة» في مواجهته مع الأطراف العراقية. وذكر التلفزيون السوري أن الانفجار الأول استهدف ادارة المخابرات العامة الكائنة في منطقة كفرسوسة عبر سيارة مفخخة يقودها انتحاري اصطدمت بالسور الخارجي للمبنى، فيما استهدف الثاني فرع الأمن قرب دوار الجمارك في البرامكة، ما أدى إلى سقوط ما يزيد على أربعون شخصا على الاقل وجرح اكثر من 150 ، كما أكد نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد. وأشار مراسل «الأخبار» في دمشق إلى أن لجنة المراقبين العرب وصلت إلى موقع التفجير في كفرسوسة، فيما قُبض على أحد المتورطين. وهناك أنباء تفيد بأن عدداً من الشبان محاصرون في جامع زين العابدين بمنطقة الميدان. وقطعت وحدات الجيش السوري أوتوستراد المزة، وهو أحد أهم الطرق الرابطة بين دمشق وضواحيها، وانتشرت وحدات الجيش في كل المناطق، وتجري عمليات تفتيش على الحواجر في المناطق التي شهدت توترات. من جهته أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان أن «انفجارين وقعا في العاصمة السورية تبعهما صوت إطلاق رصاص كثيف في محيط مبنى إدارة المخابرات العامة في كفرسوسة جنوب دمشق »، علماً بأن العديد من المعارضين شكّكوا في ان يكون التفجير الواقع هو نتيجة عملية أمنية ضد المراكز الأمنية. ورأى بعضهم أن جلّ ما في الامر هو محاولة من الاجهزة الامنية السورية للإيحاء امام اللجنة العربية بأن ما يحصل هو مواجهة بين القوى الامنية النظامية ومجموعات متطرفة من القاعدة.وقد سارعت وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا» إلى اتهام تنظيم «القاعدة»، مشيرةً الى ان النتائج الأولية للتحقيقات تشير إلى مسؤولية التنظيم عن العملية. من جهة أخرى، لفت الناطق باسم وزارة الخارجية السورية، جهاد مقدسي، إلى ان تفجيرات اليوم تحمل اثار الفكر السلفي ل«القاعدة». وأكد مقدسي ان «وزارة الدفاع اللبنانية حذرت الجهات السورية من ان مجموعة من عناصر القاعدة تسللت عبر بلدة عرسال اللبنانية الى سورية»، مضيفاً أنه «على بعد يومين من هذا التحذير والمعلومات اللبنانية تم استهداف المقار الأمنية ما اسفر عن استشهاد اكثر من 40 وجرح اكثر من 150 بين عسكري ومدني». وشدد مقدسي على ان «تفجيرات دمشق تحمل طبيعة التفجيرات التي ينفذها تنظيم القاعدة»، مشيرا الى أن «زعيم تنظيم القاعدة ايمن الظواهري اعلن عن دعمه للجهاد ضد السلطات السورية». وقال الناطق مقدسي انه «كلما اسرعت سوريا بالإصلاحات وتعاونت لإنهاء الأزمة على الصعيدين العربي والدولي يكون من المتوقع ان تشهد سوريا مثل هذه الأعمال»، طالباً من العرب أن « يعي أهمية الوقوف بصراحة ضد هذه الهجمات الإرهابية وان يدينها كما فعلت سورية عندما ادانت وبصراحة الهجمات الارهابية التي استهدفت عواصم غربية». وفي المقابل، شدد الناشط مهند عمر على أن العمليتين لا تعدوان كونهما «محاولة للالتفاف على المراقبين، وما يثبت ذلك أنه لم تقع أي عملية من هذا النوع داخل دمشق منذ بداية الثورة السورية»، مشدداً على أن العاصمة «مطوّقة بالحواجز العسكرية والنقاط الأمنية، وهو ما يطرح سؤالاً: كيف يمكن أن تصل هذه السيارات المفخخة إلى داخل دمشق؟». وأكد عمر أن «المستفيد الحقيقي والمباشر من هذه العملية هو النظام السوري لتشويه الحراك الشعبي السلمي، وتحديداً بعد التصعيد الثوري الذي شهدته منطقة الميدان في وسط دمشق خلال الأيام الماضية». * وكالات