مثلت زيارة المشير عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع المصري، إلى لروسيا رسالة للغرب ، بحسب خبراء مصريين ، كما فتحت الباب مجدداً أمام استئناف التعاون العسكري بين مصر وروسيا بعد نحو60 عاماً، على صفقة الأسلحة التشيكية، التي دفعت القاهرة إلى التقارب مع موسكو، بعد رفض واشنطن تزويد مصر بالسلاح، كما يحدث اليوم. وذكرت تقارير إخبارية، أمس، أن روسيا ومصر على وشك إبرام عقود لشراء أسلحة بقيمة تفوق ثلاثة مليارات دولار (2،18 مليار يورو) . وقالت صحيفة فيدوموستي الاقتصادية نقلاً عن مصادر داخل صناعة الدفاع الروسية إن الطرفين "وقعا بالأحرف الأولى عقوداً تفوق قيمتها ثلاثة مليارات دولار" وتتناول "شراء طائرات قتالية من طراز ميغ-29ام/ام2 وأنظمة دفاع مضادة للطيران من مختلف الأنواع ومروحيات ام اي-35" وغيرها من الأسلحة الروسية . ويأتي هذا الإعلان غداة محادثات في موسكو بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ووزير الدفاع المصري المشير عبد الفتاح السيسي الذي لا يخفي نيته الترشح إلى الانتخابات الرئاسية في مصر، بعد عزل الرئيس محمد مرسي في يوليو/تموز الماضي . وفي إطار زيارة المشير السيسي، أعلنت روسيا ومصر خصوصاً أنهما ستسرعان "التعاون العسكري والعسكري التقني"، من دون المزيد من التفاصيل . يذكر انه في أعقاب ثورة 30 يونيو، جمدت الولاياتالمتحدة المساعدات العسكرية إلى مصر، وامتنعت عن تزويد الجيش المصري بالأسلحة التي يحتاجها لتحقيق التوازن العسكري مع "إسرائيل"، وهو ما جعله مكشوفاً ومضطراً إلى تدبير احتياجاته وتجديد أسلحته بعيداً عنها . *رحلة البحث عن السلاح وفي تحليل أخباري قالت صحيفة الخليج الإماراتية بعددها يوم السبت ان الشخوص والتواريخ اختلفت ، لكن الملابسات تبقى واحدة أو على الأقل متشابهة، وكأنها نسخة طبق الأصل، فقبل 60 عاماً كانت مصر تعيش العام ،1954 الذي شهد تهديدات "إسرائيلية" للحدود الشرقية . واليوم تبدو الحدود الشرقية مهددة أكثر من أي وقت مضى في ظل اتفاقية "كامب ديفيد"، ولولا ذلك ما قتل 16 جندياً مصرياً في رفح خلال أغسطس/ آب ،2012 وما تمكن الإرهابيون من استغلال الفراغ الأمني للتغلغل في سيناء . وإذا كان الإرهاب هو ما يشغل الجيش المصري الآن، فإن الخطر الحقيقي بحسب ثوابت الأمن المصري يكمن في التهديدات "الإسرائيلية" . وأضافت انه في الحالتين، كان البحث عن السلاح ولا يزال هو المحرك للسياسة المصرية داخلياً وخارجياً، ولهذا لعب الجيش في المرحلتين الدور الأساسي في صياغة العلاقات المصرية بين الغرب والشرق، حيث اتسمت المرحلتان بصعود الجيش إلى واجهة السياسة المصرية، فشكلها وصاغها وفق محدداته للأمن القومي، وليس وفق المناورات الفارغة، إذ يعد التسلح الحديث والمتفوق هو الركن الأول في قوة الجيش والدولة المصرية . وحسب التحليل الإخباري فان واشنطن تقف اليوم معادية لمصر، بينما تفتح موسكو أبوابها مرحبة ومتفهمة، والعالم اليوم يشابه ما كان عليه قبل 60 عاماً، ففي الماضي كان يمر بتحولات استراتيجية وتغير لموازين القوى، كانت القوة السوفييتية صاعدة في مواجهة الولاياتالمتحدة، وتريد لنفسها مواقع في المنطقة العربية والشرق الأوسط . واليوم تتراجع القوة الأمريكية، بفعل الأزمة الاقتصادية، لحساب القوى الآسيوية ومنها موسكو، التي تريد استعادة مواقعها القديمة لتؤكد قوتها ونفوذها . وأضافت أن القاهرة تبدوا مرشحة لتحريك توازن القوى العالمية مجدداً، بعد فترة كمون قاربت نحو40 عاماً، وهو ما يعني أن مصر الصاعدة قادرة على أن تكون مؤثرة في السياسات العالمية مستقبلاً، مثلما كانت قبل 60 عاماً، وأن محددات العلاقات المصرية في الفترة المقبلة، لن تكون قائمة على التبعية السياسية، بل على أولويات واعتبارات الأمن القومي سواء على صعيد حماية حقوق مصر التاريخية في مياه النيل أو حماية الحدود الشرقية، بل ستمتد لأول مرة منذ ما يزيد على 200 عام إلى حماية الحدود الجنوبية والشرقية، من اجل حماية كيان الدولة والحفاظ على تماسكها، ووحدة أراضيها وحقوقها، أمام محاولات التفتيت التي تتهددها خارجياً . وهو ما يعني أن الجيش سيكون له دور مهم داخل وخارج حدود مصر خلال الفترة المقبلة، سواء تم القبول بذلك داخليا وخارجيا أو رفضه، فعندما يتهدد وجود الدولة تصبح كلمة الجيش هي العليا في السياسة وفي الاقتصاد وغيرهما داخل وخارج الحدود، خاصة إن السياسة تبدو عاجزة عن حسم كثير من القضايا ومنها أزمة سد النهضة الأثيوبي، كما أن المخاطر الحدودية تهدد قلب مصر من كل صوب . *زيارة السيسي لروسيا رسالة للغرب وطالب خبراء ومحللون سياسيون مصريون بضرورة تبني علاقات خارجية متوازنة في الفترة المقبلة، وذلك في أعقاب الزيارة التي أجراها المشير عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع والدكتور نبيل فهمي وزير الخارجية إلى موسكو التي التقى الاثنان خلالها نظيريهما الروسيين، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين . ونقلت صحيفة الخليج عن نائب مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور وحيد عبد المجيد، قوله إن الزيارة تعد "تأكيداً على الاتجاه الرسمي لوضع حد لأحادية السياسة وارتهانها للولايات المتحدة وأوروبا لفترة طويلة" . وأضاف أن "المهم الآن هو أن نتجه إلى توازن حقيقي في السياسة الخارجية وليس إلى تبعية جديدة، لا نريد تبعية جديدة لروسيا محل التبعية للولايات المتحدة ولا على نحو ما حدث معكوساً في منتصف السبعينات عندما أحل السادات التبعية الأمريكية محل التبعية للاتحاد السوفييتي" . وتابع عبد المجيد: "ينبغي تحديد طبيعة العلاقة الجديدة مع روسيا بوضوح، بحيث تركز على جوانبها الإيجابية ورفض أي تدخل روسي في الشؤون المصرية"، ورداً على سؤاله بشأن موقفه من تصريحات بوتين الداعمة لترشح السيسي قال "إننا لا نريد تدخلاً في شؤوننا ولا نريد تبعية" . وحول تأثير إبرام صفقة تسليح كبيرة بين القاهرةوموسكو على علاقات مصر والولاياتالمتحدة، أوضح عبد المجيد أن العلاقة بين القاهرةوواشنطن لن تتأثر بذلك، لأن العلاقات مع روسيا ليست إحلالاً لعلاقة محل أخرى، وما يعنينا هو عدم تدخل أي من الأطراف الخارجية في الشؤون الداخلية لمصر . من جانبه، قال الخبير العسكري اللواء علاء عز الدين، إن زيارة المشير السيسي لروسيا، تمثل ضربة قوية للتنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين، بعد أن خطط التنظيم لجعل مصر في عزلة دولية، لافتا إلى أن الهدف من الزيارة إتمام صفقة أسلحة متطورة، خاصة بعد أن تصورت الولاياتالمتحدة أن مصر غير قادرة على الاستغناء عنها، وعن معونتها العسكرية . وأوضح أن مصر أعادت تقييم علاقاتها الدولية، وأصبح القرار المصري الآن مستقلاً، دون الالتفات لواشنطن كما كان في العقود الماضية، مشدداً على أهمية هذه الزيارة كونها تأتي قبل إعلان المشير السيسي ترشحه لانتخابات الرئاسة، وتحمل رسائل قوية للغرب، بأنه لا توجد أية دولة تستطيع الوقوف ضد ترشح المشير .