تطور خطير هذا الذى حدث أخيراً فى المملكة العربية السعودية، ولم ينتبه إليه أحد عندنا، فقد أعلن رسمياً أن السلطات السعودية تعتزم السماح للنساء بممارسة الرياضة. فبعد سنوات من تحذير رجال الدين للمرأة من ممارسة الرياضة، أعلنت السلطات السعودية فجأة أنها ستسمح لأول مرة بمنح تراخيص للأندية الرياضية النسائية التى كانت ممنوعة فى المملكة منذ نشأتها. إن خطورة هذا القرار هى أنه يأتى فى الوقت الذى نسعى فيه جاهدين، فى ظل دولة الإخوان، للوصول إلى بعض ما وصلت إليه السعودية من عدم السماح للمرأة بقيادة السيارة أو بإظهار شعرها أو بالسفر دون محرم، وتحتاج لإذن من ولى أمرها سواء كان والدها أو زوجها أو شقيقها للعمل أو لفتح حساب فى البنك أو لإجراء عملية جراحية. ومنذ أيام فقط تحدثت أوساط الطيران عن ذلك الراكب السعودى الذى أوقف إقلاع إحدى الطائرات لأن المضيفة لم يكن معها محرم على متن الطائرة. لقد كنا جميعاً هنا فى مصر ننظر إلى هذه الممارسات السعودية نظرة تقدير وإجلال ونعتبرها قدوة لنا فيما ينبغى أن يكون عليه حال المرأة فى ظل دولة الإخوان الحالية، وقد طالب بعض شيوخنا المفوهين والذين يعرفون الدين الإسلامى حق المعرفة بعدم خروج المرأة من البيت ومنعها من العمل وحظر اختلاطها بالرجال فى الأماكن العامة. ولقد حاول بعض الليبراليين العلمانيين الملحدين أولاد ستين فى سبعين تصوير ذلك خطأ على أنه محاولة لاقتصار دور المرأة على الفراش، وهذا طبعاً غير صحيح فبقاء المرأة فى البيت وعدم الخروج إلا بصحبة محرم وبعد أن تكون قد غطت يديها بقفاز أسود وشعرها بخمار أسود ووجهها بحجاب أسود، لا يعنى بالضرورة أن تبقى فى الفراش طوال الوقت، فمن حقها أن تترك الفراش طبعاً إلى دورة المياه مثلاً لتغتسل استعداداً لعودة الرجل، أو إلى المطبخ لطهى الطعام للرجل، أو لتنظيف المنزل حتى لا يستاء من منظره الرجل، وليس من حق الزوج أن يمنعها عن أى من هذه الأنشطة المحببة لكل النساء والتى تعطيها إحساساً بكينونتها لأنها خُلقت من أجلها. لكن ها هى السعودية تخيب أملنا كمثل أعلى بهذا القرار غير الحكيم الذى سيدفعنا دفعاً لاتخاذ أفغانستان مثلاً بدلاً منها طالما أنها قد حادت بهذا الشكل عن الشريعة الإسلامية وتعاليمها كما نفهمها نحن وشيوخنا، وليس كما يفسرها الأئمة الأربعة أو مؤسسة الأزهر. والحقيقة أننى كنت أرى هذه الانتكاسة قادمة فى السعودية منذ فترة، فلا ننس أن المملكة أرسلت فى العام الماضى لأول مرة فى تاريخها لاعبات رياضيات للمشاركة فى دورة الألعاب الأوليمبية، فى خطوة أثارت استياء كل مسلم غيور على دينه، لذلك لم يكن غريباً أن تسمح بعد ذلك للنساء بممارسة الرياضة فى المراكز الرياضية داخل المملكة بعد أن كان فى الماضى لا يسمح إلا بالمراكز الطبية ومراكز العلاج الطبيعى أو هكذا كانوا يسمونها وليس بالنوادى الرياضية. إننى أحذر من كل هذه الخطوات التى تبدو بريئة فى ظاهرها لكنها ستؤدى إلى عواقب اجتماعية وخيمة، خاصة بعد صدور تلك الوثيقة المشؤومة عن الأممالمتحدة، والتى قيل إن الهدف منها هو منع العنف ضد المرأة، لكن هدفها الحقيقى هو ما كشفه لنا شيوخنا الأجلاء، الذين علا صوتهم فى ظل دولة الإخوان، حيث أكدوا أنه لا غرض من هذه الوثيقة إلا تشجيع الرذيلة ونشر الدعارة والسماح بشذوذ المرأة، ثم جاء قرار السعودية ليسمح لها أيضاً بممارسة الرياضة.. عليه العوض ومنه العوض!! المصري اليوم