مع قرب انتهاء طرد تنظيم داعش وإنهاء وجوده كلياً بعد خسارته مساحات كبرى في سورياوالعراق، بدأت تساؤلات كثيرة تفرض نفسها اليوم بخصوص المرحلة المقبلة، فقد ترك التنظيم الإرهابي قنابل موقوتة في مجتمعات المناطق التي احتلها وعاث فيها فساداً. ومن بين أخطر ما خلفه «داعش» على الصعيد الاجتماعي قضية الأطفال الذين ولدوا في سورياوالعراق من آباء إرهابيين، والأطفال غير الشرعيين الذين لا يعرفون شيئاً عن آبائهم حتى عن أمهاتهم، وهؤلاء لا يملكون أي وثائق رسمية، ما يثير الغموض حول مستقبلهم على اعتبار انهم جيل بلا جنسية وتُطرح تساؤلات بشأن انه هل سيتم التكفل بهؤلاء الأطفال لمنعهم من التوجه الى التطرف على غرار آبائهم؟ أم انهم سيهمشون ويكونون خطراً على مستقبل العالم على اعتبار أنهم ولدوا في بيئة متطرفة؟ مع الاخذ بعين الاعتبار بأن الأطفال يعتبرون صفحات بيضاء يمكن طباعة الإيديولوجية المتطرفة عليها منذ الصغر. وكشفت مؤسسة «كيليام» وهي معهد للأبحاث حول التطرف مقرها لندن، أن 31 ألف امرأة حملت في الأراضي التي كان يسيطر عليها تنظيم داعش في العراقوسوريا وليبيا في الفترة ما بين 1 أغسطس 2015 و9 فبراير 2016. ما يعني أن عشرات آلاف الأطفال في المدن التي كانت تحت قبضة التنظيمالإرهابي يعيشون من دون هوية، ما أدى إلى نشوء جيل لا يمتلك أي مستمسكات رسمية، وهو ما يعتبره البعض «جيل إرهاب جديد»، حيث ان العديد من الإدارات المحلية العراقية والسورية رفضت تسجيل أطفال عند ولادتهم بحجة أن آباءهم يقاتلون في صفوف تنظيم داعش فهؤلاء الأطفال هم من دون وثائق ولا هوية ولا وجود قانوني ولا أحد يريد التكفل بهم، فلديهم آباء توفوا في القتال وآخرون لا يريدون التكفل بهم على اعتبار انهم نتاج علاقة غير شرعية. الاعتراف بالوضع وأكد محللون أن الوضع الحالي لأطفال تنظيم داعش حقيقة لا يمكن إنكارها أو تجاهلها تحت أي ذريعة بل يجب الاعتراف بها بشكل علني وصريح ووضع الحلول الناجعة والإجراءات الكفيلة لمواجهة خطرها وشرها. ولم تتوقف ممارسات تنظيم داعش عند تدمير البشر والحجر والآثار وأيقونات التاريخ، وإنما طالت ضرب البنية الوجدانية والروحية للفرد، وتجريده من كل المشاعر الإنسانية، ولذلك، يرى البعض، أن التنظيم الإرهابي يركز على صب فكره المتشدد في عقول الأطفال البريئة ويعتمد في إعداده للأطفال أسلوباً ممنهجاً في بناء فكر إرهابي يتعارض كلياً مع التعامل الإنساني. فالأطفال الذين تقل أعمارهم عن 15 عاماً، يخضعون لمعسكر يزرع فيهم الفكر المتشدد، وبعد بلوغ سن 16، يزج بهم في ساحات التدريب العسكري، ليصبح المتدرب بعد ذلك عنصراً مقاتلاً مجرداً من أية رحمة، ومشبعاً بالتشدد في آنٍ واحد. ويؤكد البعض أنهم الأكثر تضررًا على مستوى اللحظة الراهنة بسبب تعرضهم للقتل، واليتم، والتجنيد. التطرف وتشير دراسات إلى أن التنظيم الإرهابي يركز في جهوده على تلقين الأطفال منهجًا تعليميًّا قائمًا على التطرف، وتعزيز فكرة أن يصبح هؤلاء الأطفال إرهابيي المستقبل، كما أن الجيل الحالي من المقاتلين يرى هؤلاء الأطفال أفضل وأكثر فتكًا منهم، حيث يتم تلقينهم الأفكار والأيديولوجيات المتطرفة في سن مبكرة جدًّا. كما أن الأطفال الغربيين من داعش وهم بالمئات ممن تم تلقينهم عقيدة دينية يشكلون في نظر القيادات خطراً محتملاً ينبغي الاستعداد لمواجهته في حال عودتهم إلى بلدانهم الأصلية، وذلك بعد أن قضوا سنوات في صفوف تنظيم داعش، ويأتي ذلك خصوصاً بعد الهزائم التي منيت بها الجماعات. ونظراً لما ينطوي عليه السلوك الداعشي من مخاطر على الوجود الإنساني ذاته، فإنه يجب محاربته، والقضاء عليه، حيث لا تكفي الصواريخ والقنابل والدبابات لمحاربته فكرياً ومواجهة خطره مستقبلياً من خلال العمل على وضع دراسة دقيقة ووضع الحلول السليمة واتخاذ الإجراءات الكفيلة بمواجهته والقضاء على مخاطره والعمل على التكفل بأبناء مسلحي تنظيم داعش غير الشرعيين ضمن استراتيجية اجتماعية قصد إدماجهم مجدداً في المجتمع ومحو الأفكار الخاطئة بمحاولة استرجاعهم لخدمة بلادهم بعيداً عن القتل والتطرف. وبدأت الجهات تركّز على ضرورة الاستعداد للاستماع إلى هؤلاء الأطفال وفق أعمارهم وخلفياتهم الأسرية، ومن ثمة إدماجهم مع الأطفال الآخرين وعدم تحميلهم مسؤولية ما فعله الآباء. قتلى أبرياء ووفق تقرير صادر عن مركز مكافحة الإرهاب التابع للجيش الأميركي في ويست بوينت، في فبراير 2016، فإن 89 صبياً تتراوح أعمارهم بين 8 و18 عاماً لقوا حتفهم في مواقع قتالية لتنظيم داعش بين يناير 2015 ويناير 2016. وأكثر من نصف القتلى سقطوا على أرض العراق، ولكن أغلبهم من السوريين، أما الآخرون فمن اليمن وتونس وليبيا، وهناك عدد قليل من بريطانيا وفرنسا وأستراليا ونيجيريا. تحذير حذرت وكالة فرض القانون الأوروبية «يوروبول» من أن أطفال المقاتلين الأجانب المقيمين في مناطق «داعش» في سورياوالعراق يتلقون تدريباً خاصاً يعدهم حتى يكونوا «الجيل الجديد» من إرهابيي المستقبل. وأوضحت أن الجماعة الإرهابية دأبت عبر وسائل دعايتها الدموية على عرض مقاطع فيديو تستعرض فيها كيف يستخدم الأطفال كمقاتلين ومفجرين انتحاريين، بما في ذلك صور لطفل عمره أربع سنوات وهو ينفذ عملية إعدام. ولكن ثمة قلق يبرز الآن من أن اعداد الأولاد الذين يرغمون على الانخراط في صفوف تنظيم داعش سوف يأخذ بالتصاعد نتيجة تزايد اعداد الأطفال الذين يؤخذون للعيش في مناطق التنظيم. قتلى 39 % من أطفال داعش لقوا حتفهم في تفجيرات بسيارات ملغومة. %33 من أطفال التنظيم قتلوا في معارك في 2016. 89 صبياً تتراوح أعمارهم بين 8 و18 عاماً قتلوا بين يناير 2015 ويناير 2016. 18 % من الصبية تمت تصفيتهم من قبل التنظيم.