أبين.. مقتل شاب بانفجار عبوة ناسفة في لودر    مكتب الصناعة بشبوة يغلق ثلاث شركات كبرى ويؤكد لا أحد فوق القانون "وثيقة"    مصرع 54 مهاجرا افريقيا وفقدان العشرات قبالة سواحل ابين    انصار الله يستنكر انتهاك المجرم بن غفير للمسجد الاقصى    اتحاد إب يظفر بنقطة ثمينة من أمام أهلي تعز في بطولة بيسان    الرئيس المشاط يعزّي مدير أمن الأمانة اللواء معمر هراش في وفاة والده    من بائعة لحوح في صنعاء إلى أم لطبيب قلب في لندن    عدن وتريم.. مدينتان بروح واحدة ومعاناة واحدة    عدن.. البنك المركزي يوقف ويسحب تراخيص منشآت وشركات صرافة    المعتقل السابق مانع سليمان يكشف عن تعذيب وانتهاكات جسيمة تعرض لها في سجون مأرب    بتوجيهات الرئيس الزُبيدي .. انتقالي العاصمة عدن يُڪرِّم أوائل طلبة الثانوية العامة في العاصمة    الشخصية الرياضية والإجتماعية "علوي بامزاحم" .. رئيسا للعروبة    ابوعبيدة يوافق على ادخال طعام للاسرى الصهاينة بشروط!    اجتماع يقر تسعيرة جديدة للخدمات الطبية ويوجه بتخفيض أسعار الأدوية    اجتماع للجنتي الدفاع والأمن والخدمات مع ممثلي الجانب الحكومي    الاتحاد الرياضي للشركات يناقش خطته وبرنامجه للفترة القادمة    وفاة مواطن بصاعقة رعدية في مديرية بني قيس بحجة    بدلا من التحقيق في الفساد الذي كشفته الوثائق .. إحالة موظفة في هيئة المواصفات بصنعاء إلى التحقيق    من يومياتي في أمريكا .. تعلموا من هذا الإنسان    إصابة ميسي تربك حسابات إنتر ميامي    الهيئة العليا للأدوية تصدر تعميماً يلزم الشركات بخفض أسعار الدواء والمستلزمات الطبية    مونديال السباحة.. الجوادي يُتوّج بالذهبية الثانية    مجلس القضاء الأعلى يشيد بدعم الرئيس الزُبيدي والنائب المحرمي للسلطة القضائية    تدشين فعاليات إحياء ذكرى المولد النبوي الشريف في محافظة الحديدة    انتشال جثة طفل من خزان مياه في العاصمة صنعاء    وكالة الطاقة تتوقع ارتفاع الطلب العالمي على الكهرباء    قيادة اللجان المجتمعية بالمحافظة ومدير عام دارسعد يعقدون لقاء موسع موسع لرؤساء المراكز والأحياء بالمديرية    هناك معلومات غريبيه لاجل صحتناء لابد من التعرف والاطلاع عليها    العسكرية الثانية بالمكلا تؤكد دعمها للحقوق المشروعة وتتوعد المخربين    تشلسي يعرض نصف لاعبيه تقريبا للبيع في الميركاتو الصيفي    توقعات باستمرار هطول امطار متفاوة على مناطق واسعة من اليمن    مجموعة هائل سعيد: نعمل على إعادة تسعير منتجاتنا وندعو الحكومة للالتزام بتوفير العملة الصعبة    عدن .. جمعية الصرافين تُحدد سقفين لصرف الريال السعودي وتُحذر من عقوبات صارمة    الحكومة تبارك إدراج اليونسكو 26 موقعا تراثيا وثقافيا على القائمة التمهيدية للتراث    خيرة عليك اطلب الله    الرئيس الزُبيدي يطّلع على جهود قيادة جامعة المهرة في تطوير التعليم الأكاديمي بالمحافظة    مليشيا الحوثي الإرهابية تختطف نحو 17 مدنياً من أبناء محافظة البيضاء اليمنية    الشيخ الجفري: قيادتنا الحكيمة تحقق نجاحات اقتصادية ملموسة    طعم وبلعناه وسلامتكم.. الخديعة الكبرى.. حقيقة نزول الصرف    شركات هائل سعيد حقد دفين على شعب الجنوب العربي والإصرار على تجويعه    يافع تثور ضد "جشع التجار".. احتجاجات غاضبة على انفلات الأسعار رغم تعافي العملة    نيرة تقود «تنفيذية» الأهلي المصري    عمره 119 عاما.. عبد الحميد يدخل عالم «الدم والذهب»    السعودي بندر باصريح مديرًا فنيًا لتضامن حضرموت في دوري أبطال الخليج    غزة في المحرقة.. من (تفاهة الشر) إلى وعي الإبادة    الاستخبارات العسكرية الأوكرانية تحذر من اختفاء أوكرانيا كدولة    صحيفة امريكية: البنتاغون في حالة اضطراب    قادةٌ خذلوا الجنوبَ (1)    مشكلات هامة ندعو للفت الانتباه اليها في القطاع الصحي بعدن!!    تدشين فعاليات المولد النبوي بمديريات المربع الشمالي في الحديدة    من تاريخ "الجنوب العربي" القديم: دلائل على أن "حمير" امتدادا وجزء من التاريخ القتباني    من يومياتي في أمريكا.. استغاثة بصديق    من أين لك هذا المال؟!    كنز صانته النيران ووقف على حراسته كلب وفي!    دراسة تكشف الأصل الحقيقي للسعال المزمن    ما أقبحَ هذا الصمت…    تساؤلات............ هل مانعيشه من علامات الساعه؟ وماذا اعددناء لها؟    رسالة نجباء مدرسة حليف القرآن: لن نترك غزة تموت جوعًا وتُباد قتلًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لماذا لا يستوعب العرب قِيمْ الديمقراطية؟
نشر في أوراق برس يوم 20 - 11 - 2013

الراصد لمألات الربيع العربي من منظور معطياتها وفي جزئية النمو الديمقراطي تحديداً ، تنتابه أحاسيس اليأس والقنوط حيث كان المتوقع ازدهارها بعد أفول الأنظمة الشمولية والتي سعت منذ عقود لإدخال تعديلات شكلية لا تمس حقيقية الديمقراطية إعتقادا منها إسكات الضغوط الأجنبية الخارجية وإرضاء معارضيها في الداخل ، والحال أن من يتابع ويرصد نمو الديمقراطية المتعثرة يطرح جملة من التساؤلات حيث تبدو العلاقة بين العرب والديمقراطية متباينة في الرؤى والغاية في جوهرها لدى الحاكم والمحكوم وما بينهما النخب المثقفة ، وغدت الديمقراطية فقط نصوص نظرية في التشريعات والدساتير منذ خمسينيات القرن الماضي ولم تترسخ كسلوك حضاري طيلة هذه الزمن رغم تنامي حالة الوعي وتطور ثورة المعلومات ، اللافت بأن كل المختلفين في المشهد السياسي في بلدان الربيع العربي التي اجتاحتها موجة التغيير والتحولات يقرّون بأهمية الديمقراطية (فكلا يدعي وصلا بليلى ، وليلى لا تقر لهم بذاكا)ولكنها تبدو كما يرى البعض مثل علاقة قيس بليلى بمعنى حبا عذريا خالصا ، فطالما تغزل المثقفون العرب بالديمقراطية منذ عقود سبقها أعلام فكرية كانت تحلم بعصر النهضة منذ مطلع القرن المنصرم ولها نصوصا ادبية في مقارعة الاستبداد وكانت لتلك النخب أفكار ورؤى طوباوية وأخرى لامست هموم ذلك الجيل ولم يكن متوقعا تعثر وتأخر الديمقراطية لما يقارب قرنا من الزمن ، ويبدو أن منتصف القرن الماضي والذي جاء من فوهة البندقية وعلى ظهر الدبابة بالشرعية الثورية والمد القومي متجاوزاً القيم الديمقراطية المفترضة وتبين بمرور الزمن خطاء تلك الأولويات ، وعندما تعاملت الأنظمة العربية مع الديمقراطية كانت مكبلة بجيل مسخ تأثر بثقافة العسكرتارية والأنظمة الشمولية ومشبعة بهوس السلطة وهو ما تبين جليا بعد ثورات الربيع العربي حيث وأدت تلك القيم الديمقراطية لأسباب متباينة منها الصراع والخلاف الفكري الذي يرتكز على تيارين علماني وأصحاب من عرفوا بالإسلام السياسي فانقسمت المجتمعات في تلك البلدان والأخطر من ذلك هو أن الاختلاف شمل المحسوبين على التيار الإسلامي والمنقسمين فيما بينهم مذهبيا الأمر الذي زاد من تداخل الدين (المذهبي ) بالسياسي وبات سمة المشهد السياسي الحالي في اغلب بلدان الربيع العربي التي اجتاحتها الثورات منذ أكثر من عامين دخلت في صراع مزدوج على النحو المشار إليه وسط ذهول وحيرة الأغلبية الصامتة في مستنقع ضبابية المفاهيم وتاهت الشعوب التي تنشد الأمن والاستقرار والعيش الكريم في سوق النخاسة السياسة للأسف!
من سمات الربيع العربي هو خروج الملايين للشارع ولكنهم عمليا في تطبيق الديمقراطية غير ذلك سواء لدى النخب الحاكمة أو المحكومة المثقفون وسواهم ، ومن هنا فلسان حال المتفرج اللبيب والساخر لما آلت إليه الثورات المجلجلة هو فشل للديمقراطية أم ديمقراطية الفاشلين !
وكذا يتسائل البعض هل العرب غير ناضجين ثقافيا وسياسيا ولكن واقع الحال أنهم يصبحون على سياسية ويمسون عليها ، ولاسيما في الألفية الثالثة التي سهلت ثورة المعلومات والاتصالات وتداولها في متناول الجميع وانتشار مواقع التواصل الاجتماعي ونحو ذلك ، ولكن بالمقابل فأن النخب السياسية والثقافية في اغلبها انتهازية وطفيلية وليست تلك التي يعول عليها الرأي العام وهو ما يعبر عنه بالأغلبية الصامتة ، فتلك الفئات جمعتها المصالح وتحالفت السلطة في تسخير التشريعات والدساتير لإغراض آنية سرعان ما تتبدل بتبدل النخب الحاكمة .
أسفرت موجة الربيع العربي بتناقض صارخ للنُخب الثقافية المعوّل عليها حمل مشاعل التغيير والتنوير فهي في الوقت الذي تتغزل بالديمقراطية لكنها في الوقت ذاته تحن لجزمة العسكر وعجبي لشعب يتغنى بجلادة ، والأمثلة على ذلك كثيرة سواء في مصر الكنانة وتونس أو حتى اليمن وغيرها ، غير مدركين انه من السهولة بمكان تمرير وهم الديمقراطية في شعوب جاهلة جائعة بشراء أصواتها بل حتى البعض بدون حتى إغرائها بالمادة فالجهل مسيطر على عقولها بولاء تلك الشرائح وحنينها لجلاديها .
الإشكال الجوهري في التفكير الجمعي العربي أن الإنسان العربي غدا يفكر بعقلية حاكمه، ولا يتبين للبعض مدى حجم الفساد والظلم إلا بعد رحيله! فقد ينظرون لحياتهم وفق رؤية النخب الحاكمة التي يحلو لها الترويج لمثل تلك الثقافات ولم تتجرأ على إطلاق العنان لحرية الفكر بدراسة كل الظواهر وفق رؤية شخصية ومن ثم وطنية في قراءة تاريخهم.
الإشكال الآخر هنا ان البيئة المفترضة لنمو الديمقراطية غير متاحة في شعوب يجتاحها الفقر والأمية متلازما مع نزعات أنانية ونرجسية لدى قيادات معتقة لا تؤمن بحتمية التغيير بل تجتر لروح إقصائية ونزعات انفصالية وهو ما تبين بعد هدوء عاصفة الربيع العربي فرئينا الأقليات والأثينيات تتطلع للاستقلال سواء أكراد العراق او طوارق ليبيا وفي شمال اليمن وجنوبه المفارقات في الحالة اليمنية هو التقاء النزعات الجهوية في جنوبه بالمذهبية في شماله وكل منهما يريد تقرير مصيره ، كل ذلك جراء غياب الديمقراطية الحقيقة فبدلا من البحث عن الدواء يتجهون لبتر كياناتهم فما ذنب الأرض والجغرافيا عندما تتعرض لسكاكين الساسة وذبح الأوطان فقط من اجل السلطة !
الديمقراطية ، والحرية ، وحقوق الإنسان ... قِيمُ عظيمة ولم ينعم الغرب بها إلا بعد قرون من المعاناة بسيطرة الكنسية والإقطاع ، وتطورت من خلال خبرات ومخاض طويل وعسير ، والديمقراطية في الغاية والمنتهى ترمي إلى تحقيق توازن مجتمعي وتحقيق نوع من العدالة الاجتماعية وهو الأمر الذي يقلل من حالة الاحتقان المفترضة.
لقد مرت في أوروبا في تاريخها الحديث بفترة من عدم الاستقرار والنزاعات الإقليمية وحروبا دامية منها حربا عالميتين ، والتي ولت إلى غير رجعة منذ نهاية النصف الأول من القرن الماضي معلنة عهدا جديدا من التعايش وقبول الآخر بل وشهدت الخمسينيات بداية نواة الاتحاد الأوروبي .
أما التحول في بلدان أوروبا الشرقية التي انتقلت من الحكم الشمولي إلى الديمقراطي
قد نجحت لوعى تلك الشعوب ومقدرتها على تخطي العقبات المحتلمة ، وعدم انزلاقها الى الفوضى او الاقتتال والتنافس على السلطة إلا ضمن اللعبة الديمقراطية التي اقر بها جميع اللاعبون .
وليس نجاح الديمقراطية حكرا على الغرب فحسب ولكنها اقدم النماذج ، فهناك امثلة من دول أسيوية وفي أمريكا اللاتينية التي ذهبت الانقلابات العسكرية في بعضها إلى غير رجعة ، فلماذا تعثر التحول الديمقراطي لدى العرب ونجح غيرهم ؟
لعل من إفرازات ثورات الربيع العربي هو وصول أحزاب الإسلام السياسي إلى السلطة التي خلقت حالة من عدم الرضي من قِبل القوى المعارضة لها في بعض بلدان الربيع العربي ولاسيما تلك التي تجذّر فيها الفكر الليبرالي والعلماني لدى البعض كمصر وتونس وكان يتوقع أنها أكثر من غيرها ستتناغم وتنسجم مع تلك المعطيات ولكن الأمور سارت على بخلاف ما كان متوقعا فلا شفافية ولا حرية وإنما قمع الحريات الشخصية لدرجة إقصاء ليس من المشهد السياسي بل ومن حق الحياة وحوادث الاغتيالات في تونس وليبيا كانت سلوكا مفاجئا في المشهد السياسي ، وهنا عود على بداء لطرح التساؤل المحير، هل فعلا العرب غير مؤهلين للتحولات الديمقراطية !؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.