تشير الدكتورة "نوال إيحجدان" المختصة في أمراض الرئة والسل، إلى كون تشخيص الالتهاب الشعيبي-الرئوي المزمن، ينطوي على صعوبات، تبعا لعدم تكفل جهاز طب العمل في الجزائر بحالات عمال المحاجر وقطاع الانشاءات العامة، نظرا لأنهم غير مؤمنين اجتماعيا. بينما تركّز الدكتورة "سعاد حنّاش" على أنّ الكثير من مواطنيها لا يتقدمون للكشف، إلا حين بلوغهم مرحلة الصعوبة القصوى للتنفس، والأمر يتعلق تحديدا بفئة المدخنين المعرضين أكثر لهذا المرض الذي يسد القصبات الهوائية. وتشير إيحجدان إلى أنّ العديد من مواطناتها لا يفكرنّ في مراجعة الأطباء، بالرغم من كونهنّ معرضات أيضا لهذا المرض، بفعل مخاطر التدخين السلبي والتلوث المحيط بهنّ في البيوت لاسيما في المطابخ. من جانبه، يقدّر الأستاذ رشيد مسعدي بضرورة المبادرة إلى وضع مخطط عمل وقائي من هذا المرض، والحث على إجراء دراسات تحدد مدى انتشار هذا المشكل الصحي الذي بات يؤرق منظومة الصحة العامة، سيما وأنّ تكلفة التكفل بمرضى الالتهاب الشعيبي-الرئوي المزمن جد باهظة، خصوصا إذا جاءت في مرحلة متأخرة. أما عن الأسباب الأساسية لهذا المرض المزمن الذي تتوقع المنظمة العالمية للصحة أن يكون ثالث سبب للوفاة في العالم في آفاق العام 2020، فتشير الدكتورة إيحجدان إلى التدخين الذي يعتبر السبب الأول في ظهور وتطور الالتهاب الشعيبي-الرئوي، بالموازاة مع أسباب أخرى لا تقل خطورة مثل المحيط المهني المعرض لمختلف أنواع التلوث كحرفيي النقش على الحجر وعمال المناجم والبناء على وجه خاص، ناهيك عن قلة النظافة التي يعاني منها القاطنون في أحياء الصفيح الهشة المترامية على طول التجمعات السكنية الكبرى. ويدعو مسعدي إلى ضرورة التشخيص المبكر لهذا المرض الذي يستدعي وضع وسائل تكفل أكثر نجاعة لفائدة المرضى وأقل كلفة بالنسبة لميزانية الصحة العامة، في بلد يموت فيه سنويا أربعة آلاف شخص بسرطان الرئة، في حين يلتهم سرطان الحنجرة والعجز التنفسي عددا غير قليل. ويتفق الأستاذ مسعدي مع حناش وإيحجدان على أهمية تكثيف جهود الوقاية، وبين أهم الوسائل الوقائية بنظرهم، القيام بفحوصات دورية للجهاز التنفسي، والتوقف عن التدخين الذي يعتبر سببا رئيسيا لظهور الالتهاب الرئوي المزمن وتطوره، كما يدعو الأخصائيون الثلاثة إلى اعتماد التلقيح ضد الأنفلونزا الموسمية بغرض الوقاية من مضاعفات قد تؤدي إلى أزمات تنفسية حادة. وبلغة الأرقام، تفيد إحصائيات إلى أنّ أكثر من 43 بالمئة من الجزائريين يدخنون، 7 في المئة منهم نساء، ما يؤدي إلى وفاة 30 في المائة من المصابين سنويا، وبحسب تقرير أصدرته وزارة الصحة الجزائرية، فإنّ أغلبية المدخنين الجزائريين هم من الشباب الذين لا يدركون حقيقة خطورة التدخين، وما يتسبب به من قتل سبعة آلاف شخص بسكتات قلبية وأربعة آلاف آخرين بسرطان الرئة، في حين يلتهم سرطان الحنجرة والعجز التنفسي البقية الباقية، ويعترف 60 بالمئة من المدخنين أنّ السجائر أحدثت اختلالات في أوضاعهم الصحية.