رغم التأكيدات المتكررة على إجراء نجلاء ناجي البعداني الانتخابات النيابية القادمة في موعدها المحدد وعدم الوقوع في فخ التأجيل مرة أخرى، فقد بدأت تلوح على الأفق علامات لسيناريو تأجيل محتمل للانتخابات النيابية وترحيل الاستحقاق الدستوري سنوات أخرى قادمة، خصوصاً أن تلك الاستحقاقات المحددة بمواعيد زمنية من العيب تأجيلها والتحايل عليها مهما كانت المبررات. سيناريو يتم كتابته من قبل بعض الأحزاب وهو شبيه تماماً بسيناريو عام 2009م بكل تفاصيله.. بدءاً من رفض تنفيذ اتفاق فبراير مروراً برفض قاطع لإجراء أي حوار، ورفض المشاركة في لجان قيد وتصحيح جداول الناخبين؛ وانتهاءً بطرح اشتراطات ونقاط جديدة للحوار، والتلويح بمقاطعة الانتخابات، والطعن بشرعية اللجنة العليا للانتخابات. هذه الأحزاب وطوال ما يقرب من عامين ترفض أي تقارب أو حوار يفضي إلى تنفيذ ما تم الاتفاق عليه في فبراير 2009م، وبقيت على هذا الحال حتى أغسطس 2010م قبل المشاركة في لجان الحوار الوطني؛ ليس إيجاباً منها بالحوار وعملاً به، ولو كان كذلك لكانت قبلت لهذا الأمر منذ أشهر طويلة وكنا قد تبيّنا من هو على صواب ومن يريد بهذا الوطن الخير والإصلاح ومن هو الساعي إلى خرابه. لكن مشاركة هذه الأحزاب في الحوار في هذا الوقت بالذات ومع اقتراب الاستحقاق الانتخابي الذي لم يعد يفصلنا عنه إلا أشهر معدودات هو ورقة سياسية تلعب بها لكسب الوقت ليس إلا. فما أن بدأت لجان الحوار أعمالها حتى عادت هذه الأحزاب من جديد لتعلن مقاطعتها جلسات الحوار، مبررة ذلك بطرح قانون التعديلات الدستورية للمناقشة في مجلس النواب، وهو ما هدد بفشل الحوار الذي لم يبدأ أصلاً حتى الآن.
سحب القانون من مجلس النواب بطلب من فخامة رئيس الجمهورية الحريص كل الحرص على نجاح الحوار والخروج برؤية وطنية تنهي حالة اللا وفاق والتنافر السياسي بين الفرقاء من أجل الوطن ومصالحه العليا.
والمفترض في هذه الحالة الإسراع في عقد جلسات الحوار، والدخول في صميم النقاط الخلافية، والبدء العملي في حوار جاد ومسؤول، خصوصاً أن ما سيتم الحوار عليه والتفاهم حوله قضايا معروفة سلفاً ونقاط قد تم الاتفاق عليها من قبل.
لكن ما حصل هو الإعلان عن عقد جلسة جديدة للحوار مطلع نوفمبر المقبل، أي بعد حوالي شهر من الآن، وقبل أربعة أشهر من موعد الانتخابات النيابية المزمعة والتي يفترض أن نكون قد بدأنا في التهيئة والإعداد لها وفق الجدول الزمني.
وهذا يعني الوصول إلى الانتخابات دون التوصل لأي اتفاق، وحينها سيكون المبرر واضحاً في وقت لم يعد يسمح بإجراء الانتخابات والتي لا يمكن عقدها دون إجماع وطني بمشاركة كافة الأحزاب السياسية المتنافسة كما تقتضي الشرعية الديمقراطية.
وحينها لن يكون هنالك من مخرج إلا اتفاق جديد على غرار اتفاق فبراير يتم بموجبه خرق علني ومخالفة صريحة للدستور بتأجيل الانتخابات والتجديد غير الشرعي وغير الدستوري لأعضاء مجلس النواب الحاليين ليحققوا الرقم القياسي في بقائهم كأعضاء مجلس نواب رغم أنف الناخب ورغم أنف الدستور والقانون وعلى عين الديمقراطية!!.
نأمل أن تجرى الانتخابات في موعدها المحدد كاستحقاق دستوري لا تنازل عنه !.