شن رئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته نوري المالكي هجوما عنيفا على الدعوة إلى تشكيل حكومة إنقاذ وطني، وهي الفكرة التي دعا إليها رئيس الوزراء السابق إياد علاوي. يأتي هذا في ظل توسع دائرة المشاورات الإقليمية والدولية حول العراق من ذلك الزيارة المرتقبة لوزير الخارجية الأميركي إلى الرياض غدا (الجمعة) وكذلك تلويح العشائر بشن هجوم كاسح على بغداد بعد رفض المالكي التفاوض حول تشكيل حكومة وحدة وطنية. وقال المالكي في خطابه الأسبوعي “ليست خافية الأهداف الخطيرة لتشكيل حكومة إنقاذ وطني، كما يسمونها، فهي محاولة من المتمردين على الدستور للقضاء على التجربة الديمقراطية الفتية ومصادرة آراء الناخبين”. لكنه بالمقابل، أكد أنه سيحضر “الجلسة الأولى لمجلس النواب انسجاما مع الاستحقاقات الدستورية والتزاما بنداء المرجعية العليا ووفاء لأبناء شعبنا من جميع مكوناته”، في إيحاء منه بأنه سيظل متمسكا بالترشح مجددا لرئاسة الوزراء. وقال مراقبون إن هجوم المالكي على مبادرة علاوي يخفي رفضا لأي مبادرة تفترض تنحّيه عن رئاسة الوزراء بما في ذلك المبادرة التي يقودها وزير الخارجية الأميركي جون كيري، وأنه سيترشح لدورة ثالثة رغم معارضة طيف واسع من الطبقة السياسية والمراجع الدينية بما في ذلك موقف المرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني. وحذّر المراقبون من أن تمسك المالكي بالسلطة، وما قد ينجرّ عنه من ارتفاع منسوب التوتر الطائفي، سيزيد من الغضب الأميركي تجاهه، وسيدعم مواقف شق داخل الإدارة الأميركية يدعو إلى الضغط على رئيس الوزراء المنتهية ولايته بكل السبل لدفعه إلى الاستقالة. ونفى البيت الأبيض والسفارة الأميركية نقل أي رسالة إلى المالكي مفادها أن عليه الرحيل عن السلطة. لكن مسؤولين أميركيين أعربوا في لقاءات خاصة عن أملهم في أن يحصل الأمر سريعا. وكانت اجتماعات ساخنة عقدها دبلوماسيون أميركيون الأسبوع الماضي مع المالكي أبلغوه فيها بأنه سيتعين عليه أن يتنحى جانباً إذا لم يعد لديه التأييد البرلماني اللازم لولاية ثالثة. واعتبر المراقبون أن الإدارة الأميركية تمتلك أوراقا كثيرة للضغط على المالكي أهمها الحوار مع إيران التي تمتلك سلطة عليه وعلى المرجعية العليا التي يستمد منها قوّته لدى الأحزاب الدينية ذات المرجعية الشيعية. وكانت المرجعية حثت في الفترة الأخيرة على تشكيل حكومة وحدة وطنية تضم جميع ألوان الطيف العراقي و”تجاوز أخطاء الحكومة السابقة”، وهو موقف قرأه متابعون على أنه رسالة بأن المرجعية على استعداد للقبول بأي بديل عن المالكي. ويواصل وزير الخارجية الأميركي جون كيري تحركاته في المنطقة بحثا عن حل لأزمة العراق، ومن المنتظر أن يؤدي زيارة إلى الرياض غدا لتنسيق المواقف بخصوص مبادرة حكومة الوحدة الوطنية التي كانت السعودية أول من بادر إلى المطالبة بها. وقال كيري في مؤتمر صحفي في بروكسل إنه سيزور السعودية لمقابلة الملك عبد الله وبحث أزمتي العراقوسوريا. وأضاف "طلب الرئيس أوباما مني السفر الى السعودية لمقابلة جلالة الملك عبدالله وبحث قضايا اقليمية تشمل الوضع في العراق وكيف يمكننا التصدى للتهديد المشترك الذي يمثله تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام، وأيضا لبحث دعمنا للمعارضة المعتدلة في سوريا." وانضمت ألمانيا إلى قائمة الداعين إلى حكومة وحدة وطنية بما تعنيه من البحث عن حل خارج نتائج الانتخابات الأخيرة التي يشكك معارضون للمالكي في نزاهتها. وقالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في كلمة أمام البرلمان إن الحكومة في العراق فشلت على مدى سنوات في دمج وجهات نظر كل الجماعات في البلاد وإنه يجب الضغط عليها حتى تفعل ذلك. وأضافت “نحتاج إلى حكومة في العراق تتبنى كل مكونات الشعب، (وأنه) على مدى سنوات لم يحدث هذا وبسبب هذا يجب زيادة الضغط”. وحمّل خبراء ومحللون المالكي مسؤولية ارتفاع منسوب العنف خلال الأيام المقبلة بسبب موقفه الرافض للاعتراف بالتطورات العسكرية والأمنية وعلاقتها ب”سياساته الطائفية” و”الإقصائية”.
وفي هذا السياق، توعد قيادي في قوات العشائر السنية المعروفة ب”ثوار العراق” بالوصول إلى بغداد وإسقاط حكومة المالكي خلال الأيام القليلة المقبلة. وقال المتحدث باسم ثوار عشائر العراق أبو عبد النعيمي، في تصريح لوكالة باسنيوز إن الثوار «أنهوا جميع التجهيزات اللازمة للهجوم على بغداد وتنظيف العاصمة من حكم المالكي»، حسب تعبيره.