لجأ موقع ويكيليكس الذي بدأ منذ الأحد الماضي بنشر برقيات دبلوماسية سرية أمريكية جديدة، إلى سويسرا الجمعة بعد تعرضه لهجمات الكترونية جديدة، في حين تسعى واشنطن إلى وقف أنشطته وأنشطة مؤسسه جوليان اسانج. وأعلن الموقع صباح الجمعة عبر موقع تويتر أن ويكيليكس انتقل إلى سويسرا، كاشفا عنوانه الالكتروني الجديد (ويكيليكس.سي اتش) بعد أن بات متعذرا على مستخدمي الانترنت الدخول إلى الموقع عبر عنوانه المعتاد (ويكيليكس.اورغ). وبالفعل، فقد قام موزع أسماء النطاق الالكترونية (ايفري دي ان اس.نت) عند الساعة 03,00 ليلا بوقف الخدمة التي يزود ويكيليكس.اورغ بها بعد هجمات الكترونية كبيرة استهدفت الموقع المتخصص بكشف الاسرار الدبلوماسية. وأوضح الموزع في بيان أن الهجمات التي تسمى (الحرمان من الخدمات) والهادفة إلى اعاقة الوصول إلى الموقع تهدد استقرار البنية التحتية للموزع الذي يعطي مجانا اسماء نطاق الكترونية لنحو 500 الف موقع اخر. وعادة في هذا النوع من الهجمات، يقوم عدد كبير من مستخدمي اجهزة الكمبيوتر الحاملة لفيروسات الكترونية بالدخول في وقت واحد الى موقع ما يؤدي الى استخدام الطاقة القصوى للخوادم (سرفور) ويتسبب بانقطاع الموقع عن الشبكة. وأكد ويكيليكس أن اسم النطاق خاصته تم الغاؤه. واشار الموقع عبر تويتر إلى أن "اسم النطاق ويكيليكس.اورغ تعرض للالغاء من الامريكي (ايفري دي ان اس.نت) بعد ادعاءات بهجمات كبيرة. ادعمونا". وأكد المحامي البريطاني مارك ستيفنز محامي مؤسس ويكيليكس صباح الجمعة في تصريحات لهيئة الاذاعة البريطانية (بي بي سي) أن الموقع تعرض لهجمات بالغة التعقيد.
كما قال ستيفنز لفرانس برس الجمعة إن هناك دولة على الارجح تقف وراء الهجمات الالكترونية التي تعرض لها موقع ويكيليكس في الأيام الأخيرة.
واعتبر أن المحاولات (المتطورة) لوضع موقع ويكيليكس خارج الخدمة جزء من خطة اشمل ترمي إلى اسكات مؤسس الموقع جوليان اسانج.
وأضاف المحامي "أحدهم، على الارجح دولة، قام بالسيطرة على مئات آلاف أجهزة الكمبيوتر المصابة بمشاكل في العالم وربطها كلها في وقت واحد بموقع ويكيليكس".
وتابع "هذا الأمر معقد للغاية، ونعلم أن جوليان (اسانج) تعرض لهجمات عدة من هذا النوع، نعلم ايضا أن أمورا غريبة تحصل في السويد"، مؤكدا أن القضاء السويدي لم يرغب في بادئ الأمر بالاستماع إلى اسانج.
وتظهر عملية بحث عبر موقع (هو ايز) أن صاحب اسم النطاق (ويكيليكس.سي اتش) هو (حزب القراصنة السويسريين) الذي يقول انه يدافع عن شرعنة تبادل الملفات الالكترونية عبر الانترنت وحماية الخصوصية الشخصية للمستخدمين.
إلى ذلك، يظهر تعقب عنوان بروتوكول الانترنت (أي بي) صباح الجمعة أن الموقع الالكتروني الفرنسي او في اش (أحد أكبر مستضيفي المواقع الالكترونية في أوروبا وفي السويد تحديدا) يستضيف موقع ويكيليكس الذي طرده الأربعاء الموقع الأمريكي العملاق للتوزيع أمازون، وهو ما أكده مصدر قريب من ويكيليكس.
واسانج، الذي بات مكان اقامته مجهولا منذ بدء موقعه بنشر التسريبات الاحد، ملاحق من جانب ستوكهولم وتستهدفه مذكرة توقيف صادرة عن الانتربول في اطار تحقيق بتهمة اغتصاب واعتداء جنسي عام 2008 في السويد.
وأكد محاميه ان الشرطة البريطانية وعدة دول تعرف مكان وجود مؤسس موقع ويكيليكس، بدون ان يؤكد مكان اقامته حاليا بعد معلومات عن وجوده في بريطانيا.
وأعلنت المحكمة العليا في السويد انها رفضت الخميس النظر في طعن مؤسس موقع ويكيليكس في مذكرة التوقيف بحقه بتهمة الاغتصاب واضعة حدا لاخر طعن قضائي من الاسترالي البلغ من العمر 39 عاما.
وتبذل الولاياتالمتحدة، التي وصفت مؤسس ويكيليكس بانه (فوضوي)، قصارى جهدها لتوقيفه هذه المرة بسبب التسريبات.
وأعلن عدد من أعضاء مجلس الشيوخ الامريكيين الجمهوريين والمستقلين الخميس انهم تقدموا باقتراح قانون لتسهيل الملاحقة القضائية بحق اسانج وموقعه، عبر جعل نشر أسماء مخبرين في أجهزة الاستخبارات الامريكية غير قانوني.
وقال وزير العدل الامريكي اريك هولدر في وقت سابق "إذا كان هناك من ثغرات في القانون الأمريكي، سنحاول سدها".
وفي آخر البرقيات التي كشفها موقع ويكيليكس، تتواصل التسريبات المربكة بدءا من تلك التي تعني الولاياتالمتحدة نفسها.
ويبدو أن البرقيات الدبلوماسية المسربة قد توصد أبوابا مفتوحة في بعض الأحيان، كما الحال بالنسبة لاحداها التي أفادت أن الولاياتالمتحدة مستاءة من الفساد المستشري في أفغانستان و(هواجس) الرئيس حميد كرزاي في نظرته إلى العالم.
وفي رد على هذه المعلومات، اعتبر متحدث باسم الرئيس الافغاني الجمعة أن التصريحات المسربة بحق كرزاي لا تحوي أي جديد.
وقال مساعد المتحدث باسم الرئاسة الافغانية حامد علمي لفرانس برس إن هذه التسريبات لا تحمل أي جديد وليس فيها شيء قد يؤثر على علاقاتنا الجيدة مع المجتمع الدولي.
الا أن هذه المذكرات نفسها تصبح أكثر ارباكا باشارتها الى ان احمد ضيا مسعود نائب الرئيس الافغاني انذاك توجه الى الامارات وبحوزته 52 مليون دولار قبيل اعادة انتخاب كرزاي.
كما تستهدف برقيات مسربة هايتي التي شهدت قبل أيام قليلة انتخابات رئاسية، اذ أفادت وثيقة أمريكية ان الرئيس المتهية ولايته رينيه بريفال سعى إلى ترتيب خلافته خشية ارغامه بالذهاب الى المنفى.
ولا يزال تسريب هذه الوثائق السرية يحدث زلزالا دبلوماسيا في العالم.
وواصلت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون محاولاتها لملمة آثار هذه التسريبات اذ اتصلت الخميس بالرئيسة الارجنتينية كريستينا كيرشنير وبالرئيس الباكستاني اصف علي زرداري للتعبير عن أسفها بعد نشر وثائق تتضمن توصيفات غير محببة بحقهما.
وفرنسا، التي تملك ثاني أكبر شبكة من السفارات في العالم بعد الولاياتالمتحدة، أكدت سعيها الى تعزيز امنها في مواجهات هجمات معلوماتية مثل تسريبات ويكيليكس.