أوشكَ رمضان على الانتهاء.. هناك من سيحزن لأجله، وهناك من سيفرح برحيله لأنه لم يعد يقوى على تحمُّل مصاريفه وديونه التي ستظل تبعاتها تلاحقه إلى أجل غير مسمَّى، وسيأتي بعده العيد الذي يقصم ظهر المواطن، ويفضح ذوي الدخل المحدود. ماذا يفعل موظفٌ لا يتجاوز مرتبه خمسين ألف ريال، ولديه سبعة أطفال، وكيف سيستطيع مواجهة العيد، بل كيف يقدر أن يبتسم في وجه العيد ويصافح أصدقاءه وأقاربه بحرارة صادقة!! هناك موظفون لا تتجاوز مرتباتهم ثلاثين ألف ريال، وفوق هذا يسكنون في بيوت الإيجار.. من يستطيع أن يقنع هؤلاء بفرحة العيد وجدواه، وهم يرون العيد يقترب فتضيق آفاقهم ونفوسهم تجاه هذا العيد الذي أصبح مثل ضيف لم يعد يرغب في قدومه سوى القادرين على مواجهته، كأنه خصم!!. هناك من سيقضي العيد في طوابير محطات البترول، وسيكتفي بكتابة رسالة إلى كلِّ أرحامه وأقاربه، وسيذيِّلها باعتذار ووعدٍ بأنه سيأتي للزيارة بمجرد أن ينتهي من تعبئة سيارته. وهناك من ستطلُّ عليه شمسُ العيد لتجدِّد حزنَ حبيبٍ راحلٍ، أو أخٍ قُتل في معارك الحوثيين والإصلاحيين. هناك مرضى في قسم الحروق بالمستشفى الجمهوري، وهناك مرضى الفشل الكلوي، وهناك دورٌ تكتظُّ بالأيتام، وهناك أناسٌ يفترشون الأرصفة ويلتحفون السماء، وهناك أطفال مصابون بالسرطان.. من يتذكَّر هؤلاء يوم العيد؟ لم يعد العيد مناسبة لتجديد المحبة، والتصالح، ونسيان الأحقاد بين الناس الذين كانوا يخجلون من قدومه وبينهم خصومات، وتجنُّباً لذلك الخجل يبادرون للتصالح وفتح صفحة جديدة، احتراماً للعيد الذي لا مكان فيه سوى للمحبة فقط. لكن، هل ستخجل الحكومة من قدوم العيد والشعب بأكمله يمر بأزمات اقتصادية، وحروب لا أمل في انتهائها؟