أكبر فيلم هندي يمكن أن نشاهده هو أن نجد أحمدغراب من يتصور أن سيناريو تونس قابل للتطبيق في اليمن بذات النتائج والآثار، وهو أمر يذكرني بطفل في قريتنا شاف حلقة من الكابتن ماجد فصعد على ظهر صخرة وهتف: "الضربة السحرية" وعلى رأسه. ثورة تونس جاءت تلقائية؛ لأنها عبرت عن كبت حرية وكان لها أثر مدوي مع نسبة الوعي والثقافة في تونس التي تزيد عن تسعين بالمائة. نسبة الأمية في اليمن بين الرجال فقط تزيد عن الخمسين بالمائة زد على ذلك أننا نعيش في بلد فيه ما يقارب ثلاثين مليون قطعة سلاح ويعج بقبائل مسلحة وأطراف سياسية وأيديولوجية متصارعة ومشاريع تمزيقية!! في تونس وقف التونسيون أمام المخابز طوابير طويلة كل واحد يقف بأدب في الطابور ويأخذ خمس خبز ويرحل مبتسما، فأي طابور يمكن أن تجده في بلادنا في حال لا قدر الله وحصل شيء؟! إذا كان القبائل حتى اللحظة يتبادلون الثارات في عواصم المدن فكيف سيصبح الأمر لو أصبحت البلاد فالتة. في تقرير تلفزيوني شاهدت التونسيين ينتقدون مواطنين لأنهم أخذوا قطعة أرض صغيرة بعد رحيل النظام ليزرعوا فيها محاصيل فكيف سيصبح حالنا ونحن بلد المليون مشكلة على الأراضي!! دخل الفرد التونسي يوازي دخل اليمني تسع مرات وثورتهم كان ثورة حرية أما عندنا فالصحفي لا يجرؤ على كتابة مقال في مدير قسم شرطة، لكنه يكتب عشرات المقالات القادحة في علي عبد الله صالح. التغيير الحقيقي يبدأ من العقول والنفوس، فأي تغيير ننشده ونحن نرى الأخ يقتل أخاه على شبر أرض ونرى الأخ ينهب حق أخته بعد موت أبيه ونرى التقطع والثارات القبلية ونرى صاحب العمل يأكل حق العامل و... و... الخ؟! في تونس الشعب فعل ما فعل وأهدافهم موحدة ومحددة، ولذلك نجح. أما نحن تعالوا شوفونا في حياتنا اليومية، مشاكل لا تهدأ ومشاريع لا تنتهي، قبائل وفرقا ومذاهب وأحزابا وحركات، كلا يمشي في واد وكل يغني على ليلاه وينشد التغيير ليس من أجل الجميع بل من أجل ذاته، ومشاريعنا: هذا يشتي يقسم البلاد وهذاك يعلنها إمارة وذاك يشتيها مملكة وآخر يشتيها ثلثين بثلث. نعم هناك فشل حكومي وفساد ومحسوبية وفقر مدقع ومعاناة متواصلة للمواطنين... ولكن من يضمن لنا ماذا سيكون الحال عليه لو فلت الزمام؟! من يضمن عدم تمزق اليمن وتحوله إلى بلد مفتوح للنهب والقتل والتقسيم و... و... و... و... جني تعرفه ولا إنسي ما تعرفوش.