تماماً كما في بنطلون الطفل، وصدرية المدرسة، د.خالص جلبي وتنورة المرأة، فالخياط (الفقيه) جاهز لتركيب الفتاوى حسب الأوامر السلطانية. ومنذ أيام فرعون (بيبي الثاني) كانت مهمة الكهنة حفظ الأسرار وركب ظهور العباد كالحمير المسرجة، وبث الوعي الخرافي، أن نسل فرعون من السماء، وأن شكله بشري، ولكن لسانه من لحم الرب وكلمته قانون الوجود الأعلى، لا يسأل عما يفعل وهم يسألون، وأنه سيرجع إلى السماء بواسطة زاوية سرية من الهرم، فاشتغل في بناء أهرام خوفو عشرين ألفاً من الأنام، يبدلون كل سنة، فلم يبق أحد من الشعب الفرعوني إلا وحمل حجارة خوفو على خوف فوق كتفيه المنهكتين، واستمر ذلك تخطيطاً وتنفيذاً أربعين سنة.. كما هو الحال في معظم حكام العالم العربي، فهم الفراعنة الجدد. ولذا أطلق القرآن مصطلح الجبت والطاغوت؛ فأما الطاغوت فهو الذي يملك الرقاب بقوة السلاح والطغيان والجاندرما والمخابرات والمباحث وتجهيل الناس ثقافياً بالفتاوى الدينية!. وأما الجبت فهم الكهنة والمفتي وشيخ الديار الذي يخيط ويفصل الفتاوى حسب رغبة الحاكم, ومنه دمج القرآن بين الكلمتين؛ يؤمنون بالجبت والطاغوت. ومن هذه الفتاوى الشيء الكثير؛ الحجاب واللباس، وإرضاع المراهق، وقيادة المرأة للسيارة، وما هو جنس الملائكة ذكراً أم أنثى, وهل يفطر اللعاب؟ وخنق الرضيع أخو السلطان العثماني يوم توليه العرش، حفظاً للكرسي، وأمناً للفتنة بفتوى من شيخ الديار. يكاد الإنسان يعثر على هذه الظاهرة المرضية في كل التاريخ الإسلامي، ومنها الفتوى الأخيرة في موضوع حجاب زوجات النبي ولباس المرأة المسلمة، وهو أمر ليس بالجديد، بل موجود في آيات بينات، ولكن مع ضغط الثقافة لا ينفع نص ولو فتحت السماء ونزل عليهم كتابا يقرأونه, وهذا ينفعنا بأن الإنسان يقرأ ليس بلغة واحدة، بل بحواف الكلمات ولحن القول وسيمياء الوجوه. وأذكر من الراحل (عبدالحليم أبوشقة) حين كان يضع كتابه الموسوعي حول (تحرير المرأة في عصر الرسالة) أن الفكر الديني في مصر كان يلحق كل تطور على نحو دبري، فإذا افتتحت المدارس الابتدائية قالوا حلال فأرسلوا بناتهم، ولكن الثانوية حرام!!. فإذا افتتحت الثانوية قالوا الثانوية حلال والجامعة حرام للاختلاط، واليوم دخلت المرأة المسلمة كل مجال. وفي مؤتمر جراحة الأوعية الدموية في الرياض في 10 يناير 2010 م تقدمت سيدة جرّاحة في الأوعية؛ فعرضت حالة أم دم منثقبة أنوزرما في منطقة ما فوق الشريان الكلوي، عرضت الحالة النادرة وناقشت من سألها وهي متنقبة، فالنقاب لا يمنع الكلام، ولكن تعمى القلوب التي في الصدور.. ونصف المظاهرات في الثورة الإيرانية كانت من النساء بالشادور.. ولم تكن بريطانيا لتتحرر لولا مصرع بانكهورست دهساً بالإقدام في مظاهرات حق المرأة في التصويت علم 1912م. من قرأ القرآن مرّ على أربع مواضع تتعلق بلباس المرأة أو اللباس عموماً، الأولى من سورة «النور» عن الخمار، وليس فيه من حديث عن كشف الشعر من تغطيته، ولكن شقوق الصدر بين النهدين, وحين تكلم الشحرور عن الموضوع أصبح رأسه مطلوباً للعدالة. وفي آخر سورة «الأحزاب» حديث عن الجلباب، وأكدت الآية أنه من أجل معرفة النساء المؤمنات فلا يؤذين, فلا علاقة له بالموضوع الجنسي. ومنه أمر عمر أمة من ملك اليمين أن تخلع اللباس, فقال لها: يا لكاع تريدين أن تقلدي الحرائر.. فهذا فصل هام في موضوع اللباس والجنس.. فاللباس لا علاقة له بالجنس. وفي سورة «الأحزاب» أيضاً كلام واضح عن زوجات النبي في الاحتجاب الكامل عن الناس بفاصل، وعدم الزواج منهن بعد وفاة النبي, فهذه من خصوصيات زوجات النبي، أما غطاء الرأس الحالي الذي صدع الرؤوس فهو لباس المرأة المسلمة ولا علاقة له بحجاب!!. أما سورة «الأعراف» فقد وضحت وظائف اللباس بثلاث؛ العورة والجمال والثقافة فقالت: “قد أنزلنا عليكم لباساً يواري سوءاتكم وريشاً ولباس التقوى". وهذا يعني أن المرأة المسلمة ولباسها يعود لذوقها هي بالذات, فتلبس بدون وصاية من الرجل عليها على نحو محتشم لا يثير الغرائز.. ومن علم الكهرباء نعرف أن سلكي الكهرباء يجتمعان متلاصقين ومبتعدين مفترقين عن بعضهما ولا يلتحمان إلا في نقطة واحدة، ومن هذه النقطة تتولد ما يعرف بالكهرباء فتضاء الأنوار وتعمل الآلات.. وكذلك العملية الجنسية بين الرجل والمرأة؛ فهي التصاق وتباعد والتحام في نقطة الزواج، فتحضَّر المرأة المجتمع وتدخل الأنسنة له، وتقود السيارة والطيارة، وتعمل جرّاحة ومحامية وواعظة “كلٌ قد علم صلاته وتسبيحه". فقط البورنو واستغلال المرأة هو الذي يجب أن يحرم في مجتمع نظيف اسمه المجتمع الإسلامي.