لازال الوضع في ليبيا متوترا ولم يتم التوصل إلى حل أو تهدئة للوضع نتيجة تعنت القذافي وتصميم الثوار على تحقيق مطالبهم، جميع ما تم اتخاذه من خطوات هي في الأصل خطوات شكلية لا ترضي الثوار ولا تعدو أكثر من كونها مجرد استخفاف بعقليتهم حيث كانت خطة معمر القذافي لتسليم السلطة وإحلال السلام في البلاد إلى المعارضة تتمثل في ثلاثة شروط أو تحفظات يتعين على معارضيه الالتزام بها حتى يتمكن من التقاعد وأول تلك الشروط حصول ابنه سيف الإسلام على السلطة لحين اختيار زعيم جديد. وثانيها بقاء القذافي في البلاد وحصوله على منصب مشرف في الحكومة الجديدة. أما عن الضمان الأخير فيتمثل في ضرورة التحول الرسمي للسلطة مع حصوله على ضمانات سلامته وحصانته هو وأفراد عائلته. قوبلت هذه التحفظات بالرفض من قبل المعارضة التي أشارت إلى عدم استعدادها لإجراء محادثات مع الحكومة حتى يتنحى القذافي ومن ثم بدأ القتال بينهم وبين أنصار معمر القذافي ولم تحرز قوات المعارضة حتى الآن أي تقدم على الجبهة الحربية على الرغم من الدعم الجوى الهائل من حلف شمال الأطلسي. هذا بالإضافة إلى فشل المفاوضات التي توسط فيها الاتحاد الأفريقي. توريث السلطة في قراءة لتلك الأحداث يرى المحلل السياسي ستانيسلاف تاراسوف طبقا لما ورد في موقع إذاعة " The voice of Russia" أن المعارضة لن تقبل بهذا السيناريو فهو لم يضف الجديد. أما بالنسبة للخطة التي وضعها الاتحاد الإفريقي والتي تنطوي على تعيين خلف للقذافي وإدخال تغييرات ديمقراطية. ووضع دستور مؤقت فهي خطة لتوريث السلطة ذلك أن قبيلة القذافي تفوق القبائل المتمردة عددا. واحتمال فوز قبيلة القذافي في الاستفتاء أو الانتخابات هو الاحتمال الأكبر، وهو ما يعني أنها ستحافظ على السلطة. لهذا تصر المعارضة على إزالة عشيرة القذافي بأكملها مما قد يرغم الغرب للاعتراف بتقسيم البلاد إلى جزأين. يستكمل ستانيسلاف تحليله قائلا إن الانتقال من الصراع نحو تسوية سياسية ودبلوماسية يشير إلى أزمة في صفوف التحالف الغربي. فالشئ المؤكد هو أن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة يرغبان في الخروج من الصراع دون فقدان الكثير. فمن ناحية، وصول نجل القذافي إلى السلطة سيسمح لهم بالمطالبة بالوصول إلى هدفهم وهو إنهاء الحكم الاستبدادي للأب، ولكن هذا يعني ضرورة التوصل إلى حل وسط مع الزعيم الليبي معمر القذافي والاعتراف بخطته من قبل المعارضة والثوار وهو ما لا يمكن الوصول إليه. وعلى الرغم من ذلك كشفت صحيفة "الجارديان" أن شخصا ما من أقرب مساعدي سيف الإسلام قام بزيارة لندن مؤخرا ، حيث أجرى محادثات سرية حول نقل السلطة من الأب إلى الابن "الليبرالي الموالى للغرب" كما يعتبر السيد سيف الإسلام في أوروبا والولايات المتحدة والأكثر من ذلك أن وسائل الإعلام الغربية قد شهدت عددا متزايدا من المعلومات السلبية حول المعارضة الليبية، مشيرة إلى كونها ملاذا آمنا للمتطرفين الدينيين.
أزمة مطولة من ناحية أخرى، يواصل الاتحاد الأوروبي ضغطه على نظام القذافي. الذي لا يزال يواجه عقوبات أوروبية قاسية، حيث صرحت باريس ولندن أن حملة الناتو الليبية قد شهدت نشاطا غير كاف للعنصر العسكري وأن الجميع أنصار، ومعارضون ومدنيون يعانون من هذا "النشاط الغير كاف". وينهي ستانيسلاف تحليله للوضع في ليبيا وطريقة تعامل الغرب معه بتأكيده على صعوبة التكهن بما يمكن أن يحدث سواء من قبل المعارضة وتناولها لاقتراحات القذافي أو من قبل الغرب وتحديده لطبيعة الدور الذي يقوم به، مشددا على أن الأزمة الليبية من الواضح أنها أزمة مطولة وأسوأ ما فيها أن هذا البلد قد يواجه تكرار السيناريو العراقي أو الأفغاني. وبالتالي يتعين على المجتمع الدولي تقديم حلول حقيقية لليبيا، وليس مجرد ضربات "توماهوك".