لا يمكن الجزم بأن العوامل الخارجية وحدها هي التي خلقت الوضع الراهن اليمني وتداعياته على الحدود السعودية. فمن الواضح أن المشهد السياسي الداخلي ممزق بدرجة عنيفة. فلا يعقل أن تواجه الحكومة حربا في الشمال وتمردا في الجنوب وتململا في الوسط دون أن يكون للعامل السياسي دور في هذا التشظي الوطني. فالحراك الجنوبي انفجر هذا العام بعدما وصلت الحالة الاجتماعية والاقتصادية إلى درجة غير مقبولة، بسبب ما يتردد عن الفساد والمحسوبية والبيروقراطية. وصاحب هذه الخيبات تهميش سياسي بسبب اسئثار حزب المؤتمر بالسلطة وهو استئثار مشروع دستوريا بسبب التوازنات في البرلمان غير أنه لا ينفع في الديموقراطيات الناشئة التي تقوم في مجتمعات فقيرة. ومع تفاقم المشكلات السياسية والانفجارات الاجتماعية وجدت حركة الحوثي فرصتها في استعراض قوتها بطرد اليهود والاعتداء على الشخصيات العامة ومصادرة أملاك الدولة، حتى انفجرت الحرب السادسة قبل أربعة أشهر واختلطت أوراق الأولويات الوطنية. وأمام ذلك من اللائق في حكومة الرئيس علي عبدالله صالح أن تقدم بعض التنازلات السياسية التي ستحسب لها تاريخيا لأنها قد تكون مفتاحا لحلحلة الأزمة اليمنية، ويتم ذلك بإعادة النظر في التعامل مع المعارضة السلمية المتمثلة في التجمع اليمني للإصلاح والحزب الاشتراكي وفي بعض عناصر الحراك الجنوبي مثل الفضلي، فلا يمكن للحكومة أن تخوض حربين في آن واحد. وإذا قامت حكومة وحدة وطنية وحظيت بشبه إجماع وطني فمن الممكن أن تكسب التحديات المتبقية سياسيا وعسكريا وأمنيا، لأنها ستتخذ قرارات شجاعة لبسط سلطة الدولة والقانون تحت تغطية سياسية وطنية، مما سيدفع العالم كله لدعم هذه الحكومة كيما تقوم على أقدامها وتطلق مشروع الأمن والاستقرار بموازاة ورشة النهضة والتنمية.