اليوم فقدت الجُمع أسماءها وتحللت منها وأصبحت عبارة عن أسطوانة مشروخة لأسماء نشاز تتناقض مع خطاب الثورة والمطالبين بالتغيير وأصبح التذكر الآن للأحداث يتم بطريقة مغايرة بحسب أهم الأحداث الجارية مثل : ليلة ضرب المشاركين في مسيرة الحياة , أو صباح الاعتداء على المشاركين بمسيرة الكرامة , أو عصر أنتهاك حرية المشاركين في مسيرة العزة التي لم تسلم واحدة منها من بطش وكلاء الله والثورة . أو تجد من بالقول : لااااااااااا هذا الكلام مش صحيح اللي أحرقوه بالأسيد كان قبلما يعتدوا على احمد سيف حاشد وفي نفس اليوم اللي نتوعوا أمل الباشا , وآخر يسترجع الأحداث وهو يقول أعتقد هذا حصل بعدما صدرت فتوى العلماء اللي كفروا فكري قاسم وبشرى المقطري ومحسن عائض , حتى أنا سأتذكر مقالي هذا بأن كتابته تمت ليلة ما ضُرِب فارس أبو بارعة ونبيل حيدر وعاد نعمان من قبل ميليشيات الإصلاح وكتائب الإخوان في مناطق مختلفة . بعكس بداية ثورة التغيير كنا نعرف الأحداث بحسب الجمع , فنقول أن علي محسن أكل الثورة بعد جمعة الكرامة "مثلاً" وأن شهداء رئاسة الوزراء ودفت بهم توكل بعد جمعة الزحف "مثلاً" وأن جمعة البداية كانت الجمعة الوحيدة في تعز دون باقي المحافظات لأن شرارة الثورة انطلقت من هناك "مثلاً" وأن الجمعة الوحيدة التي لم تحمل صورةً لها تعلق على اللوحة الكبيرة الموجودة في الستين هي جمعة الوفاء للرئيس الشهيد الحمدي "مثلاً" وأن أول جمعة تبين الشرخ القائم في جسد الثورة هي جمعة الوفاء لصعده التي وُضع لها أسم آخر فكانت أول جمعة باسمين "كذلك مثلاً" . أكثر ما يتعبنا مؤخراً هو النزق الحاصل فطوال الأسبوع من حين تشرق "الشمس" وتبدأ ارتفاع درجة الحرارة في جسدك التي تجعلك تركل بطانيتك بقدمك طلباً للبرود ومع هذا لا يزال جسدك يتصبب عرقاً مما يدعوك أن تقوم متململاً تبحث عن قطرات ماء تشربها لتبرد على عمرك وما فيش فائدة فمشروع المياه لم يصل , ويفارقك النوم فتعود لتصفح الإنترنت على عجل مستفيداً من بعض الوقت الذي تتسلل فيه الكهرباء إلى خطك - دون علم المسئولين - فتجد مئات المقالات التي كُتبت وجميعها تنبئ عن النبوغ الخارق والعبقرية الفذة لاتفاق الرياض , متغنيةً بمدى تطور الوعي السياسي للمشترك وكم حقنوا من الدماء لنفس الأرواح التي أزهقوها قبلاً , وتجد السب واللعن والتكفير والدعاء بالويل والثبور وعظائم الأمور لمن يرى ما لا يروه . تُقبِل على كتابة ما يدور بخلدك ببراءةٍ كاملة على صفحتك بموقع التواصل الاجتماعي لتنصب عليك التعليقات التي تصفك بالخيانة والتفريط , وأنت كنت ببراءة تقصد بكلماتك تلك شفرة بينك وحبيبتك المقيمة في المكسيك لا غير . يرن هاتفك فتفزع وتشاهد الرقم ليطمئن قلبك قليلاً فاسمه مسجل لديك فترد لاهثاً عليه ومع هذا شعر يدك يقف وأنت تتحدث مع صديقك خشية دخول أحد المعلقين في الله أن يسيئ فهمك وأن تقول : نعم يا عزيزي . دقات قلبك تتسارع عند خروجك من منزلك لشراء المقاضي واحتياجاتك فتختبئ في أحد الأزقة خشية أن يعرف أحد الجنود السماويين أنك من كتبت اليوم صباحاً أو يكون قرأ مقالتك بإحدى الصحف أو المواقع , ويتصبب عرقك بارداً عند كل منعطف في الطريق وأنت تتلفت يميناً ويساراً فالجماعة لا يمزحون بخصوص الاتفاقية , وتتناقز عن فرشك ليلاً مرات عديدة وأنت تحلم بيد تلوي عنقك وصوت متحشرج يردد على مسامعك ( لا سبيل سوى المبادرة ) تأتي الجمعة فتجد الخطيب الأثرم يسب ويلعن في النظام ويعاهد الشهداء على حفظ دمائهم وكرامتهم والذود عن حياض شرفهم , مؤكداً أن الثورة حررت الدين من مغتصبيه - استغفر الله - وأن يجعل الله بيوت البلطجية ونسائهم غنائم للثوار , وبالطبع يقصد غنائم له وجماعته , ولو كان الأمر بأيديهم لأدخلوا في الأذان "أشهد أن لا ثوار إلا الإخوان" ويختتم الأثرم خطبته الحماسية في صورةٍ دراماتيكية والدموع تكاد تهطل من عينيه بالدعوة للذهاب للانتخابات .. عندها فقط تنشرح أساريرك وتنزاح الغمة عن صدرك وتعرف أن كل ما يدور ليس سوى فيلم محبوك الإخراج لا ينبغي القلق منه بل الاستمتاع بأحداثه مع الكورن بوب ( التنفاش ) . وهكذا لن أستغرب إذا استعان أهل الجماعة بالنجم شعبولا للدعاية الانتخابية للمرشح الأوحد لا شريك له عبدربه منصور هادي , ولكن على هادي كذلك عدم الاستغراب إذا سمعه يردد طروباً كعادته"أنا باكره صالح , وبحب علي محسن" بل عليه استيعاب أنه المرشح فعلاً لكن شعار الفرقة الأولى مدرع سيكون رمزه الانتخابي بدلاً عن خيل المؤتمر جراء التلطيش الذي حل به طوال فترة الثورة .