اعتبر الزعيم الليبي رئيس الاتحاد الإفريقي العقيد معمر القذافي أن سويسرا قدمت "أكبر خدمة" لتنظيم القاعدة أو "من يقال عنهم إرهابيون" بحظرها بناء المآذن، داعيا إلى الرد على هذا الحظر ب"مواقف سياسية فعالة". وصوت 57.5% من الناخبين السويسريين في استفتاء يوم التاسع والعشرين من الشهر الماضي لصالح اقتراح حظر بناء مآذن جديدة في سويسرا، ما مثل مفاجأة لكون استطلاعات الرأي رجحت رفض هذا الاقتراح الذي تقدم به اليمين المتطرف.
وخلال تكريمه بمنحه شهادة الدكتوراه الفخرية في الدعوة والثقافة الإسلامية من جامعة الأسمرية للعلوم الإسلامية في مدينة زليتن الليبية الجمعة 4-12-2009، شبه القذافي قرار الحظر ب"اللعب بالنار"، مضيفا أنه "يلغي التسامح بين الأديان ويشرع للكراهية والعنف"، و"بمثابة دعوة للحرب بين المسلمين والغرب".
وحذر من تداعيات نتيجة استفتاء الأحد الماضي، إذ إن "أتباع القاعدة سيجدون فى حظر بناء المآذن ما يدعم قولهم بأن الأوروبيين أعداء وأهل كراهية تجب محاربتهم.. حجة القاعدة ستبدو من الآن حجة قوية جدا"، بحسب ما نقلته وكالة الأنباء الليبية.
وكان الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين قد حذر في بيان وصلت "إسلام أون لاين.نت" نسخة منه في الأول من الشهر الجاري، من أن نتيجة الاستفتاء "ستقوي موقف العناصر المتطرفة من المسلمين الذين يقولون لنا: هذا هو الغرب الذي تدعوننا للتحاور معه والتعاون معه يكرهكم ويطاردكم".
اليهود "مرعوبون"
ورأى الزعيم الليبي أن "الشيء الآخر الذي لم يوضع في الحسبان هو أنه حتى اليهود أصبحوا الآن مرعوبين ودب القلق فيهم؛ لأنهم تساءلوا إلى أين تتجه حملة الكراهية ضد الأديان؟ (وتوصلوا إلى أنها) لن تتوقف عند الدين الإسلامي, بل سوف تصل إلى اليهودية".
وأضاف: "ومعروف كيف أن المسيحية تكره اليهودية, وكيف يكره الأوروبيون اليهود، وعملوا لهم المحارق وأفران الغاز"، وقد أدان حاخامات يهود بشدة هذا الحظر، معتبرين أنها انتهاك للحريات الدينية.
ومضى منتقدا الحظر بتساؤله: "أين الكذب الذي يقولون عنه التسامح والإنسانية وحقوق الإنسان وعدم الكراهية؟! كل النعوت التي ينعتوننا بها (كمسلمين) هم الآن يطبقونها.. كل التهم التي وجهوها لنا, هم الآن مدانون بها".
"مافيا العالم"
الزعيم الليبي دعا إلى القول بأن الغرب "متقدم وليس متحضرا"، وأوضح قائلا: "يعني تقدموا جدا في الفضاء وفي الطب، لكن من الناحية الإنسانية هم صفر، من الناحية الاجتماعية هم لا شيء، فحياتهم ليس لها أي قيمة.. فهم الذين بتقنيتهم خلقوا ما يبيد الإنسانية، هم الذين صنعوا قنابل ذرية وكيماوية وجرثومية، وصنعوا فيروس الإيدز، والفيروس الذي يحكون عنه الآن.. الخنازير".
وأضاف: "عندما هاجموا النبي (صلى الله عليه وسلم) هل نهاجم عيسى أو موسى (عليهما السلام)؟! غير ممكن؛ لأننا بعد ذلك نكفر ونصبح كفارا.. الآن كيان مصطنع اسمه سويسرا، مافيا العالم، خطر لهم أن قالوا سنعرض على الناس قرارا بمنع مآذن المساجد.. نحن نرد عليهم بأن المئذنة هذه هي أساس الجامع ولا يمكن فصلها عنه".
واعتبر القذافي أن السويسريين يتبعون ديانة "وثنية"؛ لأنهم "يعبدون الصليب الذي هو عبادة وثنية لم يقل بها المسيح ولم يقل بها الله.. إذن الذي لم يمش مع محمد ومع الدين الإسلامي هو في الآخرة من الخاسرين، ونحن نتمنى أن يكونوا من الخاسرين".
ودعا من قال إنهم يحاربون الإسلام إلى مراعاة مصالحهم لدى العالم الإسلامى: "نقول لهم: يجب أن تقدروا مصالحكم، فأنتم محتاجون للنفط, ومحتاجون للغاز، ومحتاجون للموانئ, ومحتاجون للبحر, ومحتاجون للطاقة الشمسية, ومحتاجون للاستثمارات.. انتبهوا قبل أن تخسروا هذه المكاسب, وقفوا عند حدكم".
يشار إلى أن العلاقات متوترة بشدة بين ليبيا وسويسرا على خلفية اعتقال هانيبال القذافي وزوجته في جنيف عام 2008 إثر شكوى تقدم بها مخدومان يتهمان فيها نجل الزعيم الليبي وزوجته بسوء المعاملة.
"لا تهديدات"
وحيث جرى حظر بناء المآذن قالت وزيرة الخارجية السويسرية ميشلين كالمي راي: "ليست لدي معلومات عن تهديد إرهابي.. ونقوم بكل ما في وسعنا لتفادي تفاقم الوضع"، بحسب تصريحات لصحيفة "سونتاغ تسايتونغ" السويسرية نشرتها الأحد 6-12-2009.
وتابعت: "للأسف هناك في سويسرا جهات يتم استفزازها من خلال طلب حظر النقاب والمدافن الإسلامية" في إشارة إلى حزب الاتحاد الديمقراطي الوسطي، وهو الحزب اليميني الذي وقف خلف تنظيم استفتاء حظر المآذن.
واعتبرت الوزيرة أن النقاش حول حظر بناء المآذن "لم يكن نزيها"، موضحة أن "الجهات المسئولة عن الاستفتاء استخدمت الكذب والخوف وأعطت انطباعا بأن مئات المآذن ستبنى" في سويسرا.
وأثار الحظر ردود فعل غاضبة حول العالم من عواصم ومنظمات إسلامية وغير إسلامية، واستدعت الخارجية الإيرانية أمس السفير السويسري لديها، وحذرته من "عواقب" حظر بناء المآذن، داعية سويسرا إلى الحيلولة دون تطبيق هذا الحظر