لم يكن الاقبال على صناديق الاقتراع واحداً في المدن اليمنية، فهناك متحمسون لها ومعارضون ولكل أسبابه. فالمؤيدون يرون أنها محطة لابد منها لخروج اليمن من أزماته المستعصية، واستحقاق إجباري لابد منه للسير نحو التغيير الحقيقي الذي حمله شباب الثورة في اعتصاماتهم وتحركاتهم، فيما يرى المعارضون انها خيانة لدماء الشهداء. وفي حين يرى أنصار «الحراك» الجنوبي أنه يمثل استفتاء على استمرار الوحدة بين الشمال والجنوب، ولذلك قاطعوا الانتخابات وعطلوا التصويت في نصف مراكز الاقتراع. قاطع «الحوثيون» لأسباب تتعلق بمعارضتهم للنظام حيث رأوا أن انتخاب هادي يمثل استمراراً لصالح.
تفاوت ويؤكد المؤيدون للمشاركة في انتخاب هادي إنهم يشيعون علي عبد الله صالح إلى مثوى الرحيل الأخير ويدقون اخر مسمار في نعشه.. ففي محافظة إب التي زارتها «البيان» كان الاقبال قوياً إلى حد ما، بسبب حشد الناخبين والناخبات من البوادي والأرياف، وهيمنة البنى الاجتماعية التقليدية في هذه المنطقة، وقد شوهدت سيارات بعضها تتبع الحزب الحاكم المؤتمر الشعبي العام، وأحزاب «اللقاء المشترك» وبلوحات حكومية تقل مجاميع من النساء إلى مراكز الاقتراع ذهاباً وإياباً. ويقول المسؤول السياسي في حزب الإصلاح بمديرية ذي السفال في محافظة إب مختار الشغدري إنه شارك في الانتخابات وحشد لها بغية إخراج اليمن من المأزق الذي وضعنا فيه صالح، ولكي نقترب من ملامسة تخوم التغيير فعلياً». ويتفق العضو في الحزب نفسه عبد الوهاب الشرعبي مع زميله إذ يقول إنه شارك في هذه الانتخابات «من أجل بناء اليمن الجديد والقضاء على الماضي بكل سلبياته، وممارسة الحق الديموقراطي والانتقال السلمي للسلطة وتحقيق أول أهداف الثورة».
تمزيق صور أما في مدينة تعز، ثاني أكبر مدن الشمال بعد العاصمة صنعاء، فقد شوهدت سيارات تابعة للشرطة وهي تقل أفراداً بالزي الشعبي يحملون على اكتافهم أسلحتهم، وهم في طريقهم إلى مراكز الاقتراع، وعلى الرغم من أن حضور المؤيدين للانتخابات لافتاً، إلا أنه لم يكن في المستوى المأمول، وشوهدت صور المرشح الوحيد للرئاسة ممزقة أو مكتوب عليها نرفضها، وجابت مسيرة لشباب الثورة شوارع المدينة معلنة رفضها للانتخابات واعتبرتها خيانة لدماء الشهداء والجرحى .
خيبة أمل ويشعر الكثير من اليمنيين بخيبة أمل حيال هذه الانتخابات لأنهم يرون فيها استمرارا لهيمنة النخبة الحاكمة. ويقول العضو في التحالف المدني للثورة الذي أعلن مقاطعته للانتخابات طاهر الضراسي: «إنه لم يشارك في الانتخابات، لأن السلطة بموجب ترتيبات نقلها إلى هادي لاتغير في الأمر شيئاً لأنها، على حد تعبيره، إجراء انتقالي في إطار النخبة المهيمنة وإجهاض لمشروع الثورة والتغيير. ويتفق معه أحد شباب الثورة الدكتور عبدالعزيز الكندي الذي أكد انه عاد من أمام لجنة الانتخابات لأنه وجد أن من يحشدون للانتخابات هم من الضالعين في قضايا الفساد، ولذلك قرر العدول عن المشاركة وعاد أدراجه «مخذولاً»، حسب تعبيره. وهذا الموقف نجده أيضاً لدى جماعة الحوثيين التي دعت لمقاطعة الانتخابات، معتبرة أنها «مخطط أمريكي» لإفشال الثورة اليمنية، حسب تعبير ضيف الله الشامي رئيس المكتب السياسي لهذه الجماعة.-