أعلنت مصادر رسمية أن الرئيس السوداني عمر البشير قد حقق فوزا كبيرا في الانتخابات السودانية التي بدأت في الحادي عشر من ابريل الجاري. واشارت المصادر الى أن البشير فاز بما يقارب ال 70 و92% من الأصوات التي تم الإدلاء بها في حوالي 35 مركز اقتراع في مناطق متفرقة بالسودان، مؤكدة فوزه بنسبة 90% من الأصوات في انتخابات الرئاسة بالولاية الشمالية. ومن جانبها أعلنت المفوضية القومية للانتخابات أول نتائج رسمية، حيث فاز حزب المؤتمر الوطني الحاكم الذي يتزعمه البشير بثمانية مقاعد في برلمان ولاية نهر النيل بشمال السودان بأغلبية كبيرة. ووصف د. ربيع عبد العاطي المسئول في حزب المؤتمر الوطني الحاكم ان هذا الانتصار هو انتصار حقيقي، وفرز الأصوات وقع تحت الشمس، وليس في غرفة مظلمة، المراقبون تابعوا كل شيء. ومن جهة أخرى، نقلت معلومات صحفية عن مسئولين انتخابيين في جنوب السودان أن إعلان بعض النتائج ربما يؤجل حتى الثلاثاء المقبل، وهو الموعد النهائي الرسمي المحدد لإعلان النتائج. أعلنت المفوضية القومية للانتخابات السودانية اليوم انها غير قادرة على تحديد موعد لاعلان النتائج كاملة بسبب ضخامة عملية الفرز، بعدما كان منتظرا صدور أولى النتائج اعتبارا من غدا الثلاثاء. واوضح الفريق الهادي محمد أحمد رئيس اللجنة الفنية في المفوضية لا نستطيع أن نحدد تاريخا محددا لإعلان كل النتائج لأول انتخابات تعددية في السودان منذ 24 عاما . وأضاف: كنا نتوقع في البداية أن يتم إعلانها في الحادي والعشرين من أبريل ولكننا الان لا نستطيع ان نحدد تاريخا لان العملية ضخمة ومعقدة ولم تنشر المفوضية منذ بدء الفرز سوى نتائج الفائزين بالتزكية ونتائج جزئية في ولايات مثل نهر النيل وكسلا في الشرق وولاية الشمالية في الشمال وغرب دارفور في الغرب. ويعتبر الفوز مضمونا للرئيس عمر البشير الذي تولى السلطة في 1989 اثر انقلاب عسكري، في الانتخابات التي قاطعتها أحزاب معارضة رئيسية مثل حزب الامة بزعامة الصادق المهدي. وأشارت تقارير إلى فوز جميع مرشحي المؤتمر الوطني لمناصب حكام الولايات الشمالية ال 15، عدا ولاية جنوب كردفان التي أرجئت الانتخابات فيها إلى وقت لاحق، وفشل نائب رئيس الحركة الشعبية المرشح لمنصب حاكم ولاية النيل الأزرق مالك عقار وفوز منافسه من الحزب الحاكم ابن عمه فرح عقار. وراجت معلومات في الخرطوم أن مالك عقار توجه إلى مناطق نفوذ حركته في منطقة الكرمك المتاخمة للحدود الإثيوبية التي يوجد فيها الجيش الشعبي لتحرير السودان الذي يسيطر على جنوب البلاد.. وأكدت تقارير غير رسمية فوز ثلاثة من مرشحي الحزب الاتحادي الديموقراطي – الأصل بزعامة محمد عثمان الميرغني هم وزير التربية حامد محمد إبراهيم ونائب حاكم ولاية البحر الأحمر عيسى كباشي وأسامة عطا المنان، كما فاز ثلاثة من مرشحي الحزب الاتحادي المتحالف مع الحزب الحاكم، هم رئيس الحزب وزير الصناعة جلال يوسف الدقير ووزير الدولة للخارجية السماني الوسيلة ومستشار الرئيس أحمد بلال.ولم يحصل حزب المؤتمر الشعبي المعارض على أي مقعد حتى الآن سوى مقعد واحد فاز به مرشح مستقل ينتمي إلى الحزب في دارفور. وبات مؤكداً فشل زعيم الحزب حسن الترابي في الحصول على مقعد في البرلمان، على رغم ترشحه في اللوائح الحزبية، إذ حصل على 2 % بينما كان يحتاج الى 4 % . وكان الترابي اعتبر الانتخابات «مزورة»، ورفض الاعتراف بنتائجها والمشاركة في المؤسسات التي ستفرزها. وفي إقليم الجنوب، أظهرت النتائج الأولية اكتساح مرشح الحركة الشعبية لرئاسة حكومة الإقليم سلفاكير ميارديت، متقدماً على منافسة الوحيد لام أكول بفارق كبير من الأصوات. في غضون ذلك طالبت مجموعة شبكات المجتمع المدني السودانية المستقلة التي راقبت الانتخابات، بإعادة النظر في مجمل العملية، بما فيها النتائج، وعدم الاعتراف بها، وعدم اعتمادها في تشكيل الحكومة الجديدة. وشددت في مؤتمر صحفي امس على ضرورة حل المفوضية القومية للانتخابات ولجانها العليا وتكوين مفوضية جديدة بقدرات مهنية وأخلاقية ، إلى جانب فتح تحقيق مستقل حول أداء المفوضية المالي والمهني ونشر نتائجه للجميع. ودمغت المجموعة التي تتألف من " تحالف منظمات المجتمع المدني العاملة في الانتخابات " (تمام)، و «المنتدي المدني القومي»، و «منظمة افريقيا العدالة»، وشاركت في مراقبة الانتخابات بحوالي3500 مراقب، مفوضية الانتخابات بالفشل، لاسيما في إعمال مبدأ الحياد والفرص المتساوية في تعيين اللجان الولائية ورؤساء المراكز. واتهمتها بالسماح لمندوبي المؤتمر الوطني وأعضاء اللجان الشعبية، بالسيطرة الفعلية علي مراكز الاقتراع.وقالت إن العنوان الرئيس للانتخابات هو فشل المفوضية الذريع من الناحيتين المهنية والأخلاقية في إدارة انتخابات حرة ونزيهة ، محملة المفوضية مسئولية إهدار الأموال . ورأت أن الانتخابات التي أجريت لم تمكن الناخب السوداني من التعبير الحر عن إرادته واختيار ممثليه . ودعت إلى تشكيل حكومة قومية حقيقية يتم التوافق عليها بين جميع القوى السياسية لقيادة البلاد خلال ما تبقى من الفترة الانتقالية، وإجراء تعداد سكاني جديد في أقرب فرصة يستند إلى المهنية وإعادة ترسيم الدوائر وفق النتائج الصحيحة، وإلغاء القوانين المقيدة للحريات، وإصلاح جهاز الخدمة المدنية والأجهزة الأمنية لضمان نزاهتها وحيادها. اكدت بعثة جامعة الدول العربية لمراقبة الانتخابات في السودان امس ان الانتخابات السودانية هي خطوة كبيرة يحتذى بها وان كانت لم تصل الى مستوى المعايير الدولية في النزاهة والشفافية. وقال السفير صلاح حليمة رئيس البعثة خلال مؤتمر صحفي ان الانتخابات التعددية الاولى التي شهدها السودان منذ 1986 لم تصل الى مستوى المعايير الدولية لكنها "خطوة كبيرة الى الامام مقارنة مع الدول الاخرى وتعتبر انجازا متميزا رغم ما ظهر فيها من عيوب . واعربت البعثة التي ضمت 50 مراقبا وزارت 700 مركز اقتراع في 18 ولاية من ولايات السودان الخمس والعشرين بينها ولايات دارفور الثلاث، عن ارتياحها بصفة عامة لسير العملية الانتخابية ، مشددة على ارتفاع نسبة الاقبال التي رصدتها بين 60 و80%، والامن الذي ساد طوال مدة الاقتراع التي انتهت الخميس الماضي . لكن البعثة سلجت كذلك سلبيات تتعلق بوجود قصور في الترتيبات اللوجستية، وعدم توفر السرية الانتخابية، واخطاء في سجلات الناخبين وبطاقات الاقتراع والرموز الانتخابية وتاخر وصول بعض المواد الى مراكز الاقتراع وعدم ثبات الحبر على اصابع المنتخبين. وسجلت كذلك انه لم تخل بعض مراكز الاقتراع من هيمنة حزبية على عملية التصويت، حيث تم رصد عدد من حالات تدخل بعض ممثلي الاحزاب في توجيه الناخبين . ورصدت كذلك مظاهر ارتباك لدى الناخبين عزتها الى كثرة بطاقات الاقتراع وهي ثمان في الشمال و12 في الجنوب في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية والاقليمية. لكن رئيس البعثة اعتبر ان الاخطاء اللوجستية والتنظيمية لا تؤثر بشكل كبير على النتائج ، مؤكدا ردا على الاتهامات بالتزوير لم نر تزويرا بمعنى التزوير، وانما عيوبا واخطاء، لكن لا تؤثر على النتيجة . واعتبر ان هناك توافقا في الراي بين كافة المراقبين بان ما تم في السودان افضل مما تم في دول افريقية اخرى، ويعتبر ان السودان تقدم خطوة كبيرة الى الامام ونتمنى ان يكون مثالا يحتذى من الدول الافريقية والعربية . واعتبر ان كون الانتخابات لا تتفق مع كل المعايير الدولية وانما مع العديد من المعايير الدولية، لا ينتقص من تجربة السودان بحكم الظروف التي يمر بها من تحول ديموقراطي ، معتبرا ان النظام الذي يحكم السودان منذ 21 عاما قدم مساحة من الديموقراطية يجب الاستفادة منها . واعتبر موقف الاحزاب التي قررت المقاطعة او تلك التي شاركت واعلنت رفضها المسبق لنتائج الانتخابات شانا داخليا ، ودعا الاحزاب المعارضة الى المشاركة في العملية السياسية، معتبرا ان مشاركة الاحزاب ورغم الظروف التي يمر فيها السودان خصوصا قد تساهم في دفع العملية الديموقراطية قدما، مع تحقق مساحة اكبر من الديموقراطية . لكن نائب رئس مفوضية الانتخابات عبدالله أحمد عبدالله انتقد تقارير مراقبين دوليين اعتبروا أن الانتخابات السودانية لم ترق الى المعايير الدولية. وقال إن هذه التقارير لم تراع الظروف التي أجريت فيها الانتخابات ، ووصفها بأنها كانت شديدة التعقيد، كونها على مستوى الرئاسة والبرلمان والولايات . وقاطعت احزاب المعارضة الرئيسية ومنها حزب الامة التاريخي بزعامة الصادق المهدي وحزب الامة-الاصلاح والتجديد الانتخابات معتبرة ان الظروف غير مهيأة لانتخابات ديموقرايطة. واعلن مرشح الحزب الاتحادي الديموقراطي للرئاسة المشارك في الانتخابات حاتم السر اامس الاول رفضه لنتاج الانتخابات، وقال د.حسن الترابي زعيم حزب المؤتمر الشعبي انه لن يشارك في المؤسسات المنبثقة عن الانتخابات التي شارك فيها متهما حزب المؤتمر الوطني الحاكم بالتزوير. ودخل تحالف قوى الإجماع الوطني - إعلان جوبا - في مشاورات مكثفة شكّل خلالها في اجتماعه بالمركز العام للحزب الشيوعي أمس أربع لجان مختصة. وذكرت مصادر مطلعة أن أحزاب جوبا شكّلت اللجنة الأولى مهمتها تقييم أداء التحالف خلال المرحلة السابقة. والثانية للترتيب للخروج في مواكب سلمية في العاصمة والولايات مصدق بها من الجهات المختصة. والثالثة للاتصال بمكونات قوى الإجماع والمجتمع الدولي والمنظمات العالمية. والرابعة للعمل الإعلامي، وأقر الاجتماع الترتيب للقاء قمة أحزاب جوبا يتم تحديد موعده في اجتماع بعد غدٍ الأربعاء. من جهته استبعد الفريق أول هاشم عثمان الحسين، حدوث أي مهددات شغب تعقب إعْلان نتيجة الانتخابات، وأشار إلى أن الخطة الأمنية استصحبت مجموعة من الافتراضات والمهددات نظرياً، وأكّد أن الخطة عملت بالحد الأدنى، وأشار إلى عدم حدوث أي مهدد، واضاف لن يحدث ذلك، وتوقع مسيرات فرح عقب إعلان النتائج النهائية، وحذر من مخربين يندسون وسط تلك المسيرات. وقال إن ما يشاهد من انتشار شرطي بغرض طمأنة المواطن. وفي السياق أكّدَ هاشم، أن الوعي السياسي والحس الأمني الذي تمتع به المواطنون أسْهم في سَير العملية التأمينية للانتخابات بالصورة المثلى، وأَوضح أنّ الشرطة نالت ثقة المواطن بفضل جهودها المتواصلة في كشف العديد من الجرائم وحماية المجتمع وحفظ أمنه واستقراره، وأضَافَ ، أنّ الانتشار الشرطي بالمركز والولايات يجئ ضمن الخُطة الإطارية التفصيلية لتأمين مراحل العملية الانتخابية وطَمأنة المواطنين، مُؤكداً أنّ ذلك غير مرتبط بأيِّ مُهدِّدات أمنية، مُشيراً إلى أن الشرطة تؤدي واجباتها الأساسية في العمل الكشفي والمنعي، إلى جَانب المعاملات الخدمية للمواطنين.