كانت مفردات اللغة العربية ونصوص القانون تخرج بوضوح وطلاقة وزهو من فم نبيل المحمدي وهو يترافع في المحكمة دفاعا عن صحيفة النداء في إحدى القضايا المرفوعة ضدها من وزارة الإعلام قبل سنوات عدة. كانت الكلمات ونصوص القانون تخرج بقانون من فم رجل القانون هذا. أتذكر يومها: كنت مندهشا بأدائه في قاعة المحكمة، فهو لا يقرأ مرافعاته من ورقة، ولا يتلعثم وهو يترافع، كما أنك حين تسمعه، تشعر أن الكلمات التي تخرج من فمه، تخرج من محل ذهب، تشعر أنها لا تخرج قبل أن تمر على ميزان ذهب. كنت قد سمعت أن بين خريجي كلية الشريعة والقانون من يحرصون على حضور مرافعاته من أجل الاستفادة والتعلم منه، وقد ظننت في الأمر مبالغة. لكن، بعد استماعي لمرافعته تلك، أدركت أن تلك المعلومة لا تفي الرجل حقه: فحتى لو لم تكن خريجا من كلية الشريعة والقانون يريد أن يستفيد، فإنك ستسعد بالاستماع لمرافعاته لكي تستمتع، بلغته ومنطقه وحتى بطريقته في النطق. نبيل المحمدي محامي متخصص في القضايا التجارية، لكنه في الوقت نفسه من المدافعين عن حرية التعبير منذ تسعينات القرن الماضي حيث دافع عن عدد من الصحف والصحفيين الذين كان على رأسهم الصحفي الراحل عبدالكريم الخيواني (رحمه الله) الذي دافع عنه هو وزميله المحامي القدير ورجل القانون الفذ هائل سلام في وقت كان كثيرون من مطبلي الحوثي اليوم يتهربون حتى من ذكر الخيواني وقضيته. بعد ذلك، أصبح المحمدي المستشار القانوني لنقابة الصحفيين اليمنيين، ومن ثم أصبح ضمن الفريق الذي أعد مشروع قانون الصحافة الذي قدمته نقابة الصحفيين لمجلس النواب. فجر يوم الاثنين الموافق 20/6/ 2015 م، كان نبيل المحمدي يغادر مكتبه الواقع في جولة "كنتكي" بشارع الزبيري سيراً على الأقدام باتجاه منزله الواقع في منطقة عصر. أعترضته سيارة سنتافي سوداء تقل أشخاص مجهولي الهوية قاموا بالإعتداء عليه ثم لاذوا بالفرار. نقل نبيل الى المستشفى وتم معالجته من جراح هذا الاعتداء الغادر والحقير. في كل مرة ألتقي فيها بنبيل، ننشغل هو وأنا بتبادل المناكفات والهجمات (الودية طبعا)، وقلما كشفت له شيئا مما أكنه له. والآن، خرج شيء يسير مما أكنه له. الحمدلله على سلامتك يانبيل، ولابد من يوم ينتهي فيه كل هذا الظلم والظلام والغدر والتفاهة!