المتابع الدقيق للإعلانات التجارية على وسائل الإعلام التلفزيونية يدرك مدى تغلل المناطقية والحزبية في العلاقات الشخصية وحتى التجارية , فالإعلانات التجارية التي نراها في القنوات التلفزيونية صارت توهب لهذه الوسيلة دون الأخرى , وفق معيار مناطقي وحزبي بحث وخصوصا البيوت التجارية الكبيرة التي تدرك أن الإعلان ليس ترويج لسلعة أو شركة بقدر ما هو واجب الشركات التجارية في دعم وسائل الإعلام المختلفة, فضلا ان الشركة التجارية اذا كانت بحاجة للوصول الي أكثر عدد من متابعي وسائل الإعلام فان الضرورة تقتضي الإعلان في أكثر من وسيلة لان لكل وسيلة إعلامية جمهورها, لكن هذا المبدأ غائب لدى معظم البيوت التجارية في اليمن , فنجد وسائل إعلامية متخمة بالإعلانات وأخرى نادرا ما نرى الإعلانات فيها سواء قنوات تلفزيونية أوصحف او مواقع اليكترونية رغم نجاحها الكبير . وفي رمضان المبارك عملت القنوات الفضائية اليمنية على المنافسة في استقطاب المشاهدين عبر مسلسلات وبرامج مسابقاته واستطاعت بعض القنوات الناشئة حديثا ان تستقطب الكثير من المشاهدين بل تزاحم القنوات التقليدية , لكن كان ملاحظ ان المعلنين من البيوت التجارية وخصوصا مجموعة " هائل سعيد أنعم " لا تعلن سوى في قناة السعيدة التي أخذت النصيب الأكبر من الإعلانات فيما حرمت مجموعة هائل وبعض البيوت التجارية القنوات الأخرى بما فيها القنوات الرسمية وكذا القنوات المستقلة الحديثة النشأة , رغم ان الكثير منها استطاعت ان تسحب البساط من القنوات الأخرى من خلال البرامج الجماهيرية المنوعة والمسلسلات المتنوعة التي كانت حديث الشارع . وذكر مجموعة هائل سعيد ليس على سبيل التشهير بل كونها المجموعة التجارية الأكبر التي تمتلك أكثر من 80% من الإعلانات التجارية في السوق اليمنية , وتكاد تكون هي المسيطرة على السوق اليمنية , والإعلانات التجارية التي توزعها ليست إلا نوعا من المحاباة والمجاملات لوسائل الإعلام , والبعض الأخر للسكوت عنها , و ان يصل الامر الى ان يكون الاعلان التجاري محكومة بمعيار مناطقي أو حزبي , فهذا يعد افسادا لوسائل الاعلام المعنية بتقديم رسائل اعلامية مختلفة تسهو في بناء مجتمع مدني يحترم التنوع والاختلاف . لكن في المقابل فان كثرت الإعلانات وخصوصا في القنوات التلفزيونية ليست ظاهرة صحية , فالمتابع غاليا ما يصيبه الضجر من كثرة الإعلانات التي تتخلل البرامج وغالبا ما يهجروها بسبب المقاطع الإعلانية الكثيرة ,وكأن القناة تحولت الى قناة إعلانية وليست إعلامية , وبالتالي , ولابد ان تكون اعلانات مقننة ولاتأتي على حساب الرسالة الاعلامية .