دعا الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي الأربعاء الانقلابيين الحوثيين والرئيس السابق علي عبدالله صالح إلى "الجنوح للسلام والإعلان بقبول تنفيذ القرار الأممي رقم 2216 لحقن دماء الأبرياء، دون قيد أو شرط أو تسويف أو مماطلة". وتأتي تصريحات هادي وتأكيده على ضرورة التزام الانقلابيين بقرار مجلس الأمن دون قيد أو شرط، ردّا على الشروط التي طرحها الحوثيون في رسالة وجهوهها الاسبوع الماضي للأمين العام للأمم المتحدة وهي شروط رفتها الحكومة اليمنية الشرعية. وخلال ترؤسه في مقر إقامته بالرياض اجتماعا ضم سفراء دول مجموعة ال18، طالب هادي المجتمع الدولي ب"الضغط في هذا الاتجاه" قائلا "إن الشعب اليمني عانى الكثير من تداعيات الحرب على المستوى الإغاثي والإنساني". وتضم مجموعة ال18 ممثلين عن دول مجلس التعاون الخليجي (الإمارات والبحرين والسعودية وسلطنة عمان وقطر والكويت) والدول دائمة العضوية بمجلس الأمن (الولاياتالمتحدة وروسيا وبريطانيا والصين وفرنسا) وسفراء ألمانيا وهولندا وتركيا واليابان ومصر ورئيسي بعثتي دول الخليج والاتحاد الأوروبي. وقال الرئيس اليمني، إنه وجّه الجهات المختصة إلى السماح بدخول المشتقات النفطية والمواد الإغاثية والإنسانية إلى كافة الموانئ اليمنية "والذي يأتي انطلاقا من مسؤوليته تجاه كافة أبناء الشعب اليمني في الشمال والجنوب والشرق والغرب على السواء". وقال "هدفنا ومشروعنا سيظل على الدوام هو السلام وحقن الدماء على اعتبار أن الجلوس على طاولة الحوار هو الملاذ الأخير والدائم عقب أي نزاع". وأشار هادي إلى أن اليمن بحاجة إلى مساعدة المجتمع الدولي لإعادة الحياة والخدمات وبناء ما دمرته الحرب وآثارها على المجتمع. وكان الحوثيون وحزب المؤتمر الشعبي الذي يتزعمه الرئيس السابق علي عبدالله صالح والذي عبّر عن استعداده للتنحي عن رئاسته، قد بعثوا الأسبوع الماضي برسالتين إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أكدوا فيها "التزامهم بمبادئ اتفاق مسقط في سبتمبر/أيلول، بما فيها القرار الدولي 2216 الذي ينص على انسحابهم من جميع المدن وتسليم السلاح للسلطة الشرعية". ويضم اتفاق مسقط برعاية الأممالمتحدة 7 نقاط من بينها وقف إطلاق النار وانسحاب الميليشيات من المدن وعودة الحكومة اليمنية الشرعية إلى العاصمة صنعاء. ووضع الحوثيون شروطا عديدة لتنفيذ القرار أبرزها إسقاط العقوبات بحق صالح ونجله وقيادات حوثية بتجميد أرصدتهم ومنعهم من السفر، وهو ما رفضته الحكومة الشرعية. وكان عبدربه منصور هادي قد دعا مرارا الانقلابين المدعومين محليا من قوات الرئيس السابق واقليميا من ايران الحاضنة والممولة لجرائمهم في اليمن، إلى السلام وإلى الالتزام غير المشروط بقرارات الشرعية الدولية. وقال مراقبون، إن الحكومة اليمنية الشرعية أثبتت أنها لا تمانع الحوار مع الميليشيا الشيعية لكنّها في نفس الوقت لا تأمن مكرها وغدرها، لذلك دعاهم هادي إلى الجنوح للسلام وتنفيذ قرار مجلس الامن دون قيد أو شرط. وأضاف هؤلاء أن الشروط السبعة التي طرحها الحوثيون وصالح، محاولة للالتفاف على الشرعية ومنفذا للإفلات من العقاب في الوقت الذي اكدّت فيه تقارير دولية ويمنية أن الانقلابيين وحليفهم صالح ارتكبوا جرائم ضدّ الانسانية في العديد من المحافظات.
ويرى المراقبون ايضا أن دعوة هادي تأتي من موقع قوّة في الوقت الذي أجبرت فيه انتصارات الجيش والمقاومة الشعبية مدعومين بقوات التحالف العربي، الانقلابيين على الرضوخ والدعوة للحوار وان كانت بشروط. ولاحظوا أن الحوثيين لم يظهروا أية بوادر حسن نيّة، فلو أنهم جادّون بالفعل في مبادرتهم المشروطة التي ارسلوها لأمين عام الأممالمتحدة، لأوقفوا جرائمهم اليومية بحق الشعب اليمني.
ورجّحوا أن تلك الخطوة ربما محاولة لكسب الوقت واعادة ترتيب صفوفهم بعد هزائمهم المتتالية، وربما محاولة للظهور وكأنهم يجنحون للسلام، وهي محاولات مفضوحة بالنظر لما طرحوه من شروط. ويعتقد محللون أن انشغال ايران بمحاولات انقاذ حليفها الرئيس السوري بشار الاسد، ربما قلّل من حجم الدعم الايراني لمليشيا أنصار الله الشيعية في اليمن ولكنه لم يتوقف. على وقالوا إن طهران تدرك تماما أن الأمور ستؤول في النهاية إلى عودة الشرعية، أما في سوريا فهي لاتزال تأمل بدفع من التدخل العسكري الروسي في منع سقوط الأسد لذلك وضعت جزءا كبيرا من ثقلها العسكري هناك وربما تكون قد خفّضت – وفق سياسة الأولويات – دعمها المالي والعسكري للحوثيين. وتأتي دعوة الرئيس اليمني بعد يوم واحد من تأكيد قائد المقاومة الشعبية في محافظة تعز اليمينة حمود المخلافي أن "ساعة الحسم وتحرير كامل مدينة تعز من الحوثيين والقوات الموالية للرئيس السابق علي عبدالله صالح قد اقتربت". وحررت المقاومة الشعبية قبل ايام معقل صرواح الاستراتيجي للمقاتلين الحوثيين على المشارف الغربية لمدينة مأرب التي تقع على الطريق الرئيسي المؤدي إلى العاصمة صنعاء. وأكدت مصادر يمنية حينها أن آلاف المقاتلين من القوات الموالية لهادي (جيشا ومقاومة شعبية) انهوا عملية انتقالهم للتمركز داخل معسكر في صرواح في محافظة مأرب، بانتظار ساعة الصفر للشروع في عملية عسكرية واسعة النطاق لتحرير صنعاء بدعم من قوات التحالف العربي.