بعد الانتصارات التي حققتها القوات الموالية للشرعية مدعومة بالتحالف العربي في اليمن وخاصة في المناطق الجنوبية، تحاول قوى سياسية متمثلة بحزب الإصلاح ركوب موجة الإنجازات العسكرية في تعز وتحقيق مكاسب تمكنه من وضع قدمه في ركب المستقبل السياسي في اليمن بعد انسحاب ميليشيا الحوثي وصالح. ويرى كثير من العارفين بالشأن اليمني، أن من أبرز العوامل التي أخرت الحسم استثمار أطراف سياسية محسوبة على حزب الإصلاح الفراغ الأمني الذي فرضه الحوثيون بعد انقلابهم.
ففي خضم الفوضى، حاولت هذه الأطراف التأثير على مشايخ بعض القبائل والعشائر من منطلق إمساك العصا من الوسط، في انتظار ما ستؤول إليه الأمور وبمنطلق الانتهازية السياسية وتحين الفرص سعت هذه الأطراف إلى لعب دور في المسرح السياسي.
فقوات التحالف والشرعية، خلال معاركها في تعز واجهت ما يمكن وصفه بالفتور في الالتفاف بسبب مساعي أطراف حزب الإصلاح، للنأي بالشارع عن المعركة.
وتحاول هذه القوى الملتفحة بعباءة الإخوان المسلمين استباق النتائج على الأرض وخطف الانتصارات بالتخاذل عن دعم قوات الشرعية في تعز وانتهاز الفرصة في المناطق المحررة عوضا عن التحرك لتحرير باقي المدن اليمنية من قوات المتمردين.
وكانت قوات الجيش الوطني اليمن مدعوما بقوات التحالف قد حققت تقدما عسكريا كبيرا في مدينة تعز وعلى مقربة من تحرير وسط المدينة عبر تحركها على عدة جبهات من ناحية الشرق والغرب، لولا تخاذل عناصر الإخوان المتمثل بحزب الإصلاح اليمني.
وفي مقابلة مع سكاي نيوز عربية، قال وزير الخارجية اليمني رياض ياسين إن معظم تعز تحت سيطرة القوات الموالية للشرعية، مشيرا إلى أن 15% فقط لازالت تحت سيطرة الحوثيين والقوات الموالية لصالح، مضيفا أن القوات الموالية للشرعية بالتعاون مع قوات التحالف العربي تسير على درب تطهير المحافظة من قوات المتمردين.
وليست تلك المواقف الانتهازية بجديدة على الإخوان عموما، وفي اليمن تحديدا، فقد تحالفوا مع المخلوع صالح ضد خصومه في وقت كان يملك المنح والمنع بسيطرته على مقدرات الأمور ثم تحالفوا مع خصومه (ومنهم ألد أعدائهم السابقين: الحوثيين) ضده حين بدأ ميزان الأمور يميل ضد حكمه.
وفي بداية الأزمة الأخيرة في اليمن مع الانقلاب الحوثي على الشرعية كانت تعليمات قيادة الإخوان وحزب الإصلاح لأتباعهم ألا يتصدوا للحوثيين ميليشيات صالح في أماكن تواجدهم، وأن"يدخروا جهدهم لما بعد استتباب الأمور"، بانتظار إلى من ستؤول الغلبة: التمرد أم الشرعية.
ويعكس هذا الأمر مدى انتهازية الإخوان في استباق الأمور وتحين الفرص وركوب صهوة النجاحات قبل اكتمالها من أجل المضي قدما بمخططهم السياسي في تعز وبسط سيطرتهم عليها لتصبح المدينة الأولى التي تقع في قبضة الإخوان المسلمين.
من جانبه ، أشاد محافظ مأرب سلطان العرادة بقوات التحالف العربي وقال في مقابلة مع سكاي نيوز عربية إن التحالف العربي استطاع إعادة الحياة المدنية وبوتيرة عالية وعودة المؤسسات إلى العمل وخدمة أهالي سكان مأرب بعد تحريرها من الانقلابيين.
ومن عدن عاصمة اليمن المؤقتة تلملم الدولة المنهكة شتاتها وتدخل مرحلة بناء المؤسسات، إذا يشرف الرئيس الشرعي عبد ربه منصور هادي على تحرير اليمن كله.
فقد أخذت الإنجازات الميدانية بعدا سياسيا عبر هذه العودة، واستطاعت أن تقلب الطاولة على حزب الإصلاح، ومن كانوا يتحينون فرصة كسب رهانات ضيقة.
وتعتبر محافظة تعز البوابة الكبرى للمحافظات اليمنية ككل من حيث موقعها الاستراتيجي الذي تتمتع به المدينة من جهة وديمغرافيا من حيث عدد السكان.
إلا أنه لم تكن طبوغرافية المحافظة وحدها من أبطأت وتيرة الحسم ولا حتى الألغام التي ملأ بها الحوثيون وأنصارهم الأرض، بل إن الألغام السياسية التي حاول زرعها أطراف من "الإصلاح" بولاءات قبلية زادت المشهد تعقيدا.
وعوضا عن إكمال المسير جنبا إلى جنب مع قوات التحالف والقوى الشرعية الأخرى من أطياف سياسية كالتيار السلفي والاشتراكي، سارعت عناصر "الإصلاح" إلى الحنث بعهودها وكانت "كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا".