في عصر المعلومات يصعب أن نغطي وجه الشمس بمنخل أو بخطاب يدعو الأمة لتجنب أفكار الغرب الكافر«!» وكأن أدمغة علمائنا ومفكرينا لا تستطيع أن تقوم بغير هذه الوظيفة الوديعة. الغرب يفكر ويخترع ويتقدم واحنا جالسين «نكارح» ونتحارب ونقف على الدوام في موقع المدافع الضعيف، ذلك لأن حجتنا في الحياة من أساسها ضعيفة أصلا . في الحروب نجلس دوماً في موقع المدافع، ولكن عندما يكون الخصم «أخونا» تجدنا يا سريع الغارات، نهاجم وبشراسة ما جعل منا على الدوام أمم لا تنتصر إلا على نفسها ! حتى في مباريات كأس العالم نخرج دائماً مغلوبين ونعوض خسارتنا بصفقات السلاح!! السياسيون في بلداننا يبدأون أحاديثهم لوسائل الإعلام بعبارة : في الحقيقة والواقع ؛ ذلك لأنهم لا يقولون الحقيقة في الغالب، ولا يقتربون من الواقع . جرت العادة أن نصدق ما يعجبنا أو ما يتناسب معنا، ونكذب كل شيء لا يتفق مع قناعاتنا الراسخة . وكم تضحكني حكاية : كذب مصدر رسمي، أو نفى مصدر مسئول، لنتفاجأ في اليوم الثاني مباشرة بأن الحكاية صحيحة وأن التكذيب مجرد كريم " وزلي" ليطحس الخبر إلى الناس . ينبغي للأشياء كلها أن تخرج إلى السطح، وأن نسمي الأشياء بمسمياتها الحقيقية لكي نفضي إلى تشخيص دقيق لمشاكلنا.. أما نظل نلتف وندور حول الحقائق أوونبني مع الحقائق علاقات طيبة فحسب فإننا بذلك نكرر فعل الأمهات اللواتي يقولن لأطفالهن أن المولود يخرج من "الُركبة". وحينما يكبر الواحد منهم ويعرف الحقيقة، بالتأكيد يصير الكذب لديه عادة حسنة ! على أي حال، الحقيقة في مجتمعاتنا " المكارحة" مثلها مثل الثروة، لا يمتلكها الناس العاديون! وعلى سبيل المثال مجزرة جمعة الكرام ومحرقة ساحة الحرية بتعز ومذبحة شهداء السبعين، واغتيال الشهيد إبراهيم الحمدي، وعديد أحداث مؤلمة عاشها اليمنيون، حقائقها لا يمتلكها الناس العاديون، بل يمتلكها – حتى اللحظة – منفذوها والمتواطئون معها .