إعلان قضائي    إعلان قضائي    لجنة أراضي وعقارات القوات المسلحة تسلم الهيئة العامة للأراضي سبع مناطق بأمانة العاصمة    بيَّن أن الدفاع الساحلي تمكن من بناء قوات بحرية محترفة    جامعة صنعاء... موقف ثابت في نصرة فلسطين    لا مكان للخونة في يمن الإيمان والحكمة    الراحل عبده درويش.. قلم الثقافة يترجل    مرض الفشل الكلوي (15)    اتحاد إب يظفر بنقطة ثمينة من أمام أهلي تعز في بطولة بيسان    الرئيس المشاط يعزّي مدير أمن الأمانة اللواء معمر هراش في وفاة والده    من بائعة لحوح في صنعاء إلى أم لطبيب قلب في لندن    مكتب الصناعة بشبوة يغلق ثلاث شركات كبرى ويؤكد لا أحد فوق القانون "وثيقة"    أبين.. مقتل شاب بانفجار عبوة ناسفة في لودر    عدن وتريم.. مدينتان بروح واحدة ومعاناة واحدة    أبو عبيدة: مستعدون للتعامل مع الصليب الأحمر لإدخال الطعام للأسرى    بتوجيهات الرئيس الزُبيدي .. انتقالي العاصمة عدن يُڪرِّم أوائل طلبة الثانوية العامة في العاصمة    عدن.. البنك المركزي يوقف ويسحب تراخيص منشآت وشركات صرافة    الشخصية الرياضية والإجتماعية "علوي بامزاحم" .. رئيسا للعروبة    المعتقل السابق مانع سليمان يكشف عن تعذيب وانتهاكات جسيمة تعرض لها في سجون مأرب    2228 مستوطناً متطرفاً يقتحمون المسجد الأقصى    اجتماع يقر تسعيرة جديدة للخدمات الطبية ويوجه بتخفيض أسعار الأدوية    أبين.. انتشال عشرات الجثث لمهاجرين أفارقة قضوا غرقًا في البحر    اجتماع للجنتي الدفاع والأمن والخدمات مع ممثلي الجانب الحكومي    بدلا من التحقيق في الفساد الذي كشفته الوثائق .. إحالة موظفة في هيئة المواصفات بصنعاء إلى التحقيق    إصابة ميسي تربك حسابات إنتر ميامي    من يومياتي في أمريكا .. تعلموا من هذا الإنسان    الاتحاد الرياضي للشركات يناقش خطته وبرنامجه للفترة القادمة    وفاة مواطن بصاعقة رعدية في مديرية بني قيس بحجة    الهيئة العليا للأدوية تصدر تعميماً يلزم الشركات بخفض أسعار الدواء والمستلزمات الطبية    مونديال السباحة.. الجوادي يُتوّج بالذهبية الثانية    تدشين فعاليات إحياء ذكرى المولد النبوي الشريف في محافظة الحديدة    مجلس القضاء الأعلى يشيد بدعم الرئيس الزُبيدي والنائب المحرمي للسلطة القضائية    انتشال جثة طفل من خزان مياه في العاصمة صنعاء    قيادة اللجان المجتمعية بالمحافظة ومدير عام دارسعد يعقدون لقاء موسع موسع لرؤساء المراكز والأحياء بالمديرية    هناك معلومات غريبيه لاجل صحتناء لابد من التعرف والاطلاع عليها    العسكرية الثانية بالمكلا تؤكد دعمها للحقوق المشروعة وتتوعد المخربين    تشلسي يعرض نصف لاعبيه تقريبا للبيع في الميركاتو الصيفي    عدن .. جمعية الصرافين تُحدد سقفين لصرف الريال السعودي وتُحذر من عقوبات صارمة    توقعات باستمرار هطول امطار متفاوة على مناطق واسعة من اليمن    الحكومة تبارك إدراج اليونسكو 26 موقعا تراثيا وثقافيا على القائمة التمهيدية للتراث    مجموعة هائل سعيد: نعمل على إعادة تسعير منتجاتنا وندعو الحكومة للالتزام بتوفير العملة الصعبة    الرئيس الزُبيدي يطّلع على جهود قيادة جامعة المهرة في تطوير التعليم الأكاديمي بالمحافظة    طعم وبلعناه وسلامتكم.. الخديعة الكبرى.. حقيقة نزول الصرف    الشيخ الجفري: قيادتنا الحكيمة تحقق نجاحات اقتصادية ملموسة    عمره 119 عاما.. عبد الحميد يدخل عالم «الدم والذهب»    يافع تثور ضد "جشع التجار".. احتجاجات غاضبة على انفلات الأسعار رغم تعافي العملة    نيرة تقود «تنفيذية» الأهلي المصري    السعودي بندر باصريح مديرًا فنيًا لتضامن حضرموت في دوري أبطال الخليج    صحيفة امريكية: البنتاغون في حالة اضطراب    قادةٌ خذلوا الجنوبَ (1)    مشكلات هامة ندعو للفت الانتباه اليها في القطاع الصحي بعدن!!    تدشين فعاليات المولد النبوي بمديريات المربع الشمالي في الحديدة    من تاريخ "الجنوب العربي" القديم: دلائل على أن "حمير" امتدادا وجزء من التاريخ القتباني    من يومياتي في أمريكا.. استغاثة بصديق    من أين لك هذا المال؟!    ما أقبحَ هذا الصمت…    تساؤلات............ هل مانعيشه من علامات الساعه؟ وماذا اعددناء لها؟    رسالة نجباء مدرسة حليف القرآن: لن نترك غزة تموت جوعًا وتُباد قتلًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحوثيون: من حركة واعدة إلى سلطة فاسدة

ربما تنفرد الحركة الحوثية تاريخيًا بكونها الحركة الأسرع في تحولها من الوعد إلى الفساد، وذلك لأنها فور تصدرها قيادة الانتفاضة الشعبية التي نجحت في القضاء على الاقطاع السياسي والعسكري لبيت الأحمر، مشيخة ولواء، سعت إلى فرض سلطتها وسلطانها بقوة غير منظمة قانونيًا من خلال ما أسمته اللجان الشعبية والثورية.
لم تدرك الجماعة أن الفساد الأكمل والأشمل يأتي من أفراد منحوا سلطة أعلى من كل السلطات بغير ما تنظيم لهذه السلطة يشرعنها إداريًا بالقانون ويحكمها به لتكون مسئولة عن هذه السلطة ومساءلة عنها أمام القانون، ولم تنتبه للكيد السياسي الذي استدرجها إلى هذا المستنقع الآسن بالفساد، واستهدفت به القوى المتضررة من سقوط الاقطاع القبلي في الداخل والخارج القضاء التام على الوعد الذي حملته الحركة وانجزته في وثيقة وطنية عرفت ب "اتفاق السلم والشراكة الوطنية".
لم تكتف بالفساد الذي صنعته بتسليط لجانها الشعبية والثورية على الدولة ومؤسسات سلطتها الحاكمة، وأضافت إليه مفاسد سطوها المسلح على دور الدولة في استخدام القوة ضد الجماعات الإرهابية عندما فوضت نفسها بمحاربة تنظيم القاعدة في مواقع تمركزه بالمحافظات القريبة من العاصمة صنعاء والبعيدة عنها على حد سواء، وهنا ظهرت الحركة الحوثية كسلطة أعلى من كل السلطات، متجاوزة حدود حقيقتها كجماعة منظمة وحركة محكومة، بنظام واتفاقيات، ولعلها جهلت أو تجاهلت المخاطر المترتبة على تعدد السلطات الذي صنعته الحركة في المجال العام.
وعندما وجدت الحركة الحوثية نفسها غارقة في مستنقع فساد صنعته بيدها وأوقعها فيه المتربصون بها وبالمشروع الوطني معها، لم تحاول أن تقف من نفسها موقفًا تقييميًا موجهًا بالنقد الذاتي للأخطاء والخطايا ومنفتحًا على المراجعة والتراجع والقدرة على التصحيح والتصويب، وبدلًا من ذلك، اتجهت نحو تصعيد أهوج وضعها في مواجهة مع هرم السلطة ورمز شرعيتها ممثلة برئاسة الدولة ورئيس الجمهورية، ابتداء من اختطاف مدير مكتب رئاسة الجمهورية وما تلا ذلك من حماقات ارتكبتها الحركة حتى أعلن قائدها الأخ عبدالملك الحوثي بغير صفة محددة له التعبئة العامة مقررًا خوض حرب مجهولة ومفتوحة بلا حدود على كل الاحتمالات وكافة المخاطر.
وهنا، نتوقف لمناقشة دفاعين يضعهما بعض قادة الحركة لتبرير تحولها الأسرع من الوعد إلى الفساد أحدهما يقول بأن كيد المتآمرين على الحركة وعلى الإنجاز الوطني المتحقق بالحوار والشراكة، أجبر الحركة على كل ممارسات التسلط التي اتخذتها دفاعًا عن المنجزات، ودفعًا للمؤامرات، ومكافحة للفساد ومحاربة للإرهاب. أما الآخر، فمفاده أن المصير الذي آلت إليه مسيرة الحركة بعد 21 سبتمبر 2014م كان حتمًا مقضيًا بالتآمر الداخلي المسنود خارجيًا بقوى الاقليم ودول كبرى، لذلك لم يكن بمقدور الحركة دفع هذا التآمر حتى لو اتخذت مواقف وإجراءات مغايرة تمامًا لكل ما صدر عنها وتحقق بها.
وهما دفاعان لا يستقيمان ومنطق المسئولية الذي يفرض على الحركة الحوثية تحديد الاحتمالات والاختيار منها على ضوء ما تقدمه حساباتها للإمكانيات والعواقب، فأولًا، لم تكن الحركة مجبرة على ممارسات فشلت في دفع التآمر واحباط مخططاته الرامية إلى إغراق الوطن بالفوضى والدمار، وثانيًا، كام بمقدور الحركة الحوثية أن تلتزم بحدود طبيعتها كجماعة شريكة مع غيرها ومشاركة له في حمل المسئولية الوطنية وأداء ما تقتضيه من واجبات ومهام، وثالثا، ليس بمقدور الحركة إنكار غرورها بقوتها وتوهم استعصائها على الانكسار، فهذه حقيقة كانت ظاهرة في لغة التهديد والوعيد التي طغت على كل خطابات الأخ عبدالملك الحوثي.
ومن الواضح بيسر أن الحركة لم تحسم أمرها تجاه الاختيار بين الاستيلاء على السلطة أو الشراكة في إعادة بنائها وفقًا للأطر المرجعية التي حددتها مخرجات الحوار الوطني واتفاق السلم والشراكة الوطنية، فمارس الأخ عبدالملك الحوثي دور قائد ثورة من موقعه كشريك في المسئولية مع الغير، على سلطة مستقلة عنه بمسئوليات محددة ومنظمة بالقانون العام. وبهذه الازدواجية عطلت الحركة عملية تنفيذ المهام التي حددها اتفاق السلم والشراكة واتجهت بعيدًا عنها لتنزلق بنفسها ومعها اليمن إلى اقتتال أهلي وحرب خارجية لتحالف عسكري تقوده السعودية.
ولعل التناقض الذي تتخبط فيه الحركة الحوثية، بين التصرف كسلطة عليا والبقاء كجماعة معبرة عن نفسها فقط في كل المفاوضات التي شاركت بها الحركة في موفنبيك بصنعاء قبل الحرب، وفي مسقط وجنيف بعدها، ولو أنها حسمت الأمر لتكون إما سلطة عليا، أو جماعة معبرة عن نفسها فقط، أقول، لعل هذا التناقض يكشف عن قصور ذاتي لدى الحركة نتيجة ضحالة رصيدها المعرفي بالسياسة وسوء تقدديها لعواقب ما تتخذه من مواقف وقرارات.
وإذا كانت الحركة قد صنعت أسرع تحول من الوعد إلى الفساد، فإن استمرارها في ذلك يعني صناعتها لأسرع عملية تلاشي وانهيار فمن الواضح في الظاهر والباطن من وضعها الراهن، أن الحركة الحوثية لم تعد قادرة على تقديم الوعد المستقبلي لجماهيرها قبل الشعب كله، وهذا يعني فقدانها كل ما يبرر وجودها واستمراره في الواقع، ألم تخرج الحركة نهائيًا من القضية الجنوبية بعد أن كانت وحدها من تحمل كل الوعود المأمولة للجنوب وقضيته العادلة؟!
تقول الوقائع في الواقع الذي شهد تحول الحوثيين من الوعد إلى الفساد، إن هذا التحول تحقق بأغلى ثمن دفعه شعبنها اليمني العظيم ولم يربحه الحوثيون، وإن مالاته المحتملة تنذر بما هو أفظع وأقسى من المآسي والويلات، فهل يتدارك الحوثيون فرصتهم الأخيرة لإنقاذ اليمن، الشعب والوطن، الحاضر والمستقبل من كوارث فسادهم وويلات خروجهم النهائي من المشهد الوطني اليمني كله؟ وبمقدورهم ذلك إذا وإذا فقط أنهوا عملية السطو المسلح على الدولة، وتحملوا مسئوليتهم عن عواقبه الوخيمة، وكفروا عن ذلك بتقديم كل ما يتطلبه إنقاذ اليمن من مواقف وقرارات، ومن تراجع وتنازلات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.