تتحايل إيران على العقوبات المالية المشددة المفروضة عليها دولياً، وذلك من خلال نظام مالي أوروبي يتم فيه إدارة التحويلات باليورو وليس بالدولار الأمريكي، ويدعى (Target 2)، إلا أن الأمريكيين اكتشفوا هذا الالتفاف ويعملون حالياً على إغلاق هذا المنفذ. وكشفت جريدة "فايننشيال تايمز" البريطانية، والمتخصصة بالاقتصاد وأخبار المال، أن الولاياتالمتحدة تضغط على الاتحاد الأوروبي من أجل تشديد العقوبات المالية على إيران، حيث يعتزم الكونجرس الأمريكي إصدار قانون سيجبر البنك المركزي الأوروبي على إغلاق هذا المسار المالي أمام إيران، بما يشدد من تضييق الخناق على حركتها المالية في العالم. وحسب الصحيفة، فإن مشروع القانون الأمريكي المقترح سيكون جزءاً من حزمة إجراءات وتدابير أمريكية جديدة تهدف للضغط على المركزي الأوروبي لمنع الشركات والبنوك الإيرانية من إجراء التعاملات المالية الخارجية بواسطة القنوات الأوروبية. ومن المفترض أن يكون مشروع القانون الأمريكي جاهزاً ويتم عرضه على الكونجرس الأمريكي لمناقشته الأسبوع المقبل. وتقول "فايننشيال تايمز" إن إقرار مزيد من العقوبات على إيران يحظى بدعم كل من الحزب الجمهوري والديمقراطي في الولاياتالمتحدة، في الوقت الذي تشكل العديد من الملفات الأخرى محوراً للخلافات بين الحزبين، وهو ما يعني أن إقرار مزيد من العقوبات لا يحتاج إلى الكثير من الجهد في أروقة الكونجرس لإقرارها والموافقة عليها.
وحسب مسودة مشروع القانون الأمريكي فإن الولاياتالمتحدة قد تفرض غرامات كبيرة على المؤسسات المالية التي تدير عمليات مالية لصالح جهات إيرانية باستخدام نظام (Target 2) المالي الأوروبي. وقال مصدر في الكونجرس مطلع على المسودة إن "القانون الجديد سيركز بوضوح على البنك المركزي الأوروبي، وذلك للتأكد من أن إيران لا تقوم باستخدام نظامه المالي" في أنشطتها التجارية والمالية الخارجية. ونقلت "فايننشيال تايمز" عن مارك دوبويتز، وهو المدير التنفيذي لمركز أبحاث أمريكي وخبير متخصص في العقوبات على إيران، قوله: "الشركات الإيرانية عادت للسيطرة والحركة في العالم من خلال اليورو، حيث تقوم بتحويله غلى العملات المحلية، وهذا يمكنها من إجراء العمليات التجارية مع آسيا"، لكنه أضاف: "ما زالت لدينا الفرصة للتحرك سريعاً من أجل عرقلة استخدامهم لليورو". وتعاني إيران أوضاعاً اقتصادية بالغة الصعوبة منذ منتصف العام الماضي عندما شدد الاتحاد الأوروبي من عقوباته النفطية والمالية عليها، حيث انخفضت صادراتها من النفط إلى أدنى مستوى منذ أكثر من عشرين وتراجعت عائداتها النفطية بالتالي من العملة الصعبة، كما تراجعت احتياطاتها من العملة الأجنبية إلى مستويات متدنية جداً.
وأدت العقوبات المالية التي تعرضت لها طهران أيضاً إلى انخفاض حاد في العملة المحلية، حيث تراجع الريال الإيراني بأكثر من 50% خلال الشهور القليلة الماضية مع تدافع الإيرانيين على التخلص منه وشراء العملات الأجنبية الصعبة أو الذهب، في محاولة للحفاظ على مدخراتهم المالية.