الإعلام المحرض على أبناء المحافظات الجنوبية هو بالمعنى الأدق والأشمل ليس أقل من فكر انتقامي انقلابي من النمط الثكني الذي يؤسس في مضمونه ومراميه وأبعاده للتركيبة الهرمية الشمولية النمطية، ويفضي كما يراد له إلى الوجود الثكناتي الذي يشكل طريقاً حتمياً نحو الشمولية والاستبداد..! المؤسف أن كنَّة المعضلة هنا هو انتزاع هذه القوى لزمام المبادرة في فتح حروب وجبهات عنف مع أكثر من طرف..! فهي لم تكتف بجبهاتها المشتعلة مع الحوثيين مثلاً، ومع النظام السابق، وربما مع النظام الحالي نفسه، لذلك ذهبت لتفتح جبهة مواجهة دموية شاملة مع أبناء عدن وحضرموت والضالع وردفان..إلخ، هذه السياسة العدوانية تتقاطع تماماً مع روح ثورة التغيير وأهدافها ومضامينها، التي جاءت لتعيد الأمل لأبناء المحافظات الجنوبية في استعادة حقوقهم وكرامتهم ومكانتهم كشركاء أساسيين بالسلطة والثروة في وطن واحد..! فإذا بهؤلاء يركبون هذه الثورة ويستخدمونها لضرب أية فرصة أو أمل للتسوية العادلة مع الجنوب وحل قضيته العادلة..! نحن أمام عبث، يتعرى بسفور في دغمائية «كاهن» في هذا الحزب، أو عنجهية «شيخ» أو حيلة «أمين غير مؤتمن» في ذاك الحزب، أو لعبة «مشعوذ» أو تهريج «عالم دين ساحر»، عفرتته شياطين دينهم ودنياهم..! إنها ذهنية التحريض على الكراهية والعنف، وصناعة الأوهام والأزمات والموت واصطناع الذات الزائفة بحسب القول المأثور لاراغوان :«كل شيء كأنه زانٍ بنفسه، لا شيء يبدو كذاته»..!