قال لي: مشاكل اليمن عميقة جداً ومتنوعة. قات، شح مياه، جهل، أمية، قبيلة، شح موارد، انعدام الكهرباء، انفجار سكاني، انفجار طائفي وحزبي، انفصال، حروب، ثارات، تقطعات، مماحكات، حمل سلاح، عشوائية الحياة، غش، تزوير، هنجمة، اتكالية، لا مبالاة، سرقة، نهب، قلة أدب، لصوصية النظام وتحالفه مع رجال الدين المحتالين، انتشار الفكر الوهابي المتطرف والحوثي العنصري. قلت له: هذا يعني أن المعركة الآن بين قوى الانشداد للماضي وقوى الانشداد للمستقبل. الطغيان والمال والقوة والغرور والأوهام طبعاً للأولى، تلك التي سببت تصدعاً كبيراً في الدولة والمجتمع ومآلات الثورة نفسها. أما الثانية فهي الأقلية المنهكة، لكنها "الأقلية الهائلة"مضمرة بموقف وطني ومدني خالص، والأكثر وعياً، بينما كانت مثلت بؤرة الثورة التي تعاضدت كل الأطراف المهيمنة لإقصائها، وغايتها تراكم التنوير ونضج الأداء لصنع التحرر والتقدم. هذه القوى ستظل تنتشر في جهات الحلم من أجل التغيير، وبالتأكيد لن تظل حبيسة القمقم العام الذي هندسته القوى المضادة على الإطلاق. تلك حتمية .. حتمية شاقة جداً كما نعرف. بل إن الأمر أكبر من مجرد حتمية. وأما في ذاكرة التاريخ فإن نصيب الفعل النوعي والفعالية الحقيقية كانت دائماً في النهاية لقوى التغيير وإن تعاظمت التضحيات وطال سفرنا الجمعي إلى الأيام الخضراء.