التطورات التي عصفت بالتحالف الذي يحكم اليمن بقوة السلاح منذ سيطرة جماعة الحوثي على السلطة في سبتمبر/ أيلول من عام 2014، تشي بقرب النهاية بين الميليشيات الحوثية وجماعة الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، فالاشتباكات التي دارت أول أمس بين الجانبين في ميدان السبعين في العاصمة صنعاء، وبضمنه جامع الصالح، وامتدت لتشمل منازل تابعة للرئيس المخلوع وأقاربه وأنصاره، أكدت استحالة التعايش بين الجانبين، حيث يتربص كل منهم بالآخر للانقضاض عليه، ويبدو أن حساباتهما بدأت تضيق كل بالآخر، فلجآ إلى المواجهات العسكرية الدامية التي أسقطت عدداً من القتلى والجرحى، وإحراق آليات عسكرية تابعة للطرفين، ناهيك عن إقلاق السكينة في العاصمة وأهلها المحاصرين بالجوع والعطش من جراء السياسات المتبعة من قبل ميليشياتهما. بعد ساعات من المواجهات المسلحة، أصدر حزب المؤتمر الشعبي العام وحلفاؤه بياناً حمل فيه ميليشيات الحوثيين مسؤولية سقوط كل قطرة دم تسفك في صنعاء، واتهمهم بأنهم مرتزقة، ما يعني أن المواجهة الشاملة بين الجانبين اقتربت، خاصة بعد أن وجه الحزب قواعده وأنصاره في الحارات والقرى والمدن بالاستعداد للمواجهة بحمل السلاح وحماية أنفسهم من تغول الحليف، بعد سلسلة من الاقتحامات للمؤسسات الحكومية التي تقع ضمن نصيب حزب المؤتمر في الحكومة الانقلابية، إضافة إلى مقتل عدد من المقربين من صالح، كان آخرهم خالد الرضي، الذي قتل في مواجهة مع الحوثيين في أغسطس/ آب الماضي. لم يقف حزب المؤتمر عند حد الاتهامات للحوثيين بارتكاب انتهاكات ضد قياداته وقواعده، بل امتد الأمر إلى التأكيد أن «الاستمرار في الاقتحامات المسلحة لمؤسسات الدولة ودور العبادة والمحاكم، إلى جانب عدم احترام بنود الشراكة الوطنية بين المؤتمر الشعبي العام وحلفائه وأنصار الله وحلفائهم يعد عملاً انقلابياً يقوض الشراكة بين الطرفين». من الواضح أن الانقلاب الذي قامت به ميليشيات الحوثيين وصالح ضد الشرعية في البلاد عام 2014، بات يتآكل، والشواهد على ذلك كثيرة، فكل طرف بات مستعجلاً في قطف ثمار اشتراكه في الانقلاب، فإذا كانت حسابات الحوثيين تكمن في استخدام صالح وحزبه للمرور على جثث الأبرياء للوصول إلى السلطة منفرداً، فإن صالح كان يراهن على استنزاف الحوثيين في حروب داخلية وخارجية لإنهاكهم، ومن ثم العودة إلى السلطة من جديد، والتي فقدها بفعل الأحداث التي عاشها اليمن عام 2011، لكنه ظل يتحين اللحظة التي يعود إليها من جديد. لقد أثبت الحوثيون أنهم نبتة سياسية ومذهبية خارجة عن تكوين المجتمع اليمني، الذي عاش لقرون مسالماً في إطار نسيج مذهبي متجانس، إلى أن جاء الحوثيون المرتبطون مذهبياً بإيران و«ولاية الفقيه»، وذهبوا لحد تدمير الجوامع والمساجد ودور القرآن وفرض مشروعهم الذي يرفضه اليمنيون ويقاومون فرضه بقوة السلاح، فيما أثبت حزب المؤتمر الشعبي العام أنه حزب شمولي لا يرى نفسه إلا في الدولة وليس خارجها، ولذلك يبدو التحالف الهش الذي نشأ بين مشروعي صالح والحوثيين في طريقه إلى النهاية بعد أن اقتنع كل طرف باستحالة التعايش مع الطرف الآخر، ويعمل على التخلص منه بكل ما يملك وبأي وسيلة كانت.