أحياناً مجرد الإمعان فقط في فحوى الخطاب الثوري لبعض منظري .. (إخوان الشيطان) حزب الإصلاح .. ومقارنتها بما هو حاصل على الأرض من قبلهم .. يصيبني بحالات حادة ومفاجئة من القيء والغثيان، كما يورثني شعوراً عارماً بالامتنان للرب الذي خلقني خادماً وجعلني ماركسياً .. مجنباً أياي مساوئ السقوط في مستنقع السياسة والحكم بكل ما تحويه في بلادنا من مطامع سلطوية محكومة عادة بأبشع صور التجاذبات الفئوية والسلالية والعشائرية والقبلية الفوقية..؟ فبالنسبة للإصلاحيين فإن العنف والحض على العنف .. والكذب والغيلة والتآمر والخداع والتضليل الكيدي والإعلامي يعد أبداعاً في مفهومهم السياسي والأيديولوجي، وأمرا لا بد منه إذا ما أرادوا تطبيق شرع الله .. وكأن هذا الشرع يبدأ وينتهي عند عتبة اليدومي أو الحزمي أو الزنداني لا فرق .. الخ لقد كذبوا وبإفراط ليس فحسب على شعوبهم ومجتمعاتهم المحلية .. وإنما أيضاً على الله وحتى على أنفسهم .. في سياق توظيفهم الانتهازي الخاطئ للعقيدة الدينية في لعبة الصراع السياسي .. إلى الحد الذي باتوا معه على قناعة راسخة بأنهم معصومين روحياً من الكذب وممارسة الرذيلة .. كون ما يقومون به من أعمال وفواحش تندرج أصلاً في خدمة الرب الذي اصطفاهم ولوحدهم فقط من بين جميع عباده لتنفيذ مشيئته ورعاية مصالحه في الدنيا بوصفهم صلة الوصل الوحيدة بينه وبين عباده .. فمثلاً حينما يقوم مهووس تكفيري من داخل حزب الإصلاح بقتل نفسا معصومة فإن هذا لا يعد بنظرهم فعلاً شائناً ومحرماً بقدر ما يجسد حقيقة الصلة القائمة بينهم وبين الرب .. كون الهدف الرئيسي من أعمال القتل والغيلة تلك يندرج في سياق مهامهم الافتراضية المتعلقة بترتيب اللقاءات الدورية ما بين الخالق وعباده .. أي أنهم في هذه الحالة عبارة عن محطات توصيل وترانزيت لا أكثر ولا أقل ..؟ وهو الأساس الذي بنوا عليه قيمهم ومذاهبهم السياسية والثورية .. وحتى تحالفاتهم المتقلبة دوماً بحسب الظروف .. والتي يمكن من خلالها أيضاً قياس حجم التناقضات الأيديولوجية والنظرية والفكرية التي عادة ما تشوب رؤاهم وتوجهاتهم السياسية والفكرية، وبما يتواءم وطبيعة الظروف والمتغيرات المحيطة بهم، خاصة إذا ما كانت تخدم بطريقة ما تموضعهم السياسي والسلطوي بالصورة المكرسة حالياً على ضوء نجاحهم في تفيد ثمار الحركة الشبابية الثورية والهيمنة على مجرياتها .. انظروا مثلاً كيف أسهموا كجماعة منحرفة في سياق فكرهم الرجعي والماضوي خلال العقود الماضية التي شهدت نشوءهم الكارثي في المعادلة السياسية والحركية الوطنية في تقديم الإسلام ( كعقيدة وكإطار فلسفي ) بأسوأ الصور والتشوهات الممكنة عبر الصيغ والتصورات الجهادية والدموية التي طبقوها بإفراط في الداخل والخارج ضد أعداء الله وأعداء الإسلام المفترضين الذين كانت تتقدمهم آنذاك إلى جانب القوى الشيوعية شرقاً وغرباً .. كذلك أميركا وأعوانها بالطبع من حكام عرب وساسة حداثيين ومفكرين ليبراليين وخوارج وغيرهم .. الخ أما اليوم فقد تغيرت تلك المعادلة بصورة كلية .. فأميركا لم تعد في نظر الإخوان شراً مطلقاً .. أو قوة جاذبة للأذى .. مثلما لم يعد الشيوعيون والخوارج والوثنيون يشكلون نفس المستوى من الخطورة التي تشكلها فلول وبقايا النظام والعائلة على الدين والأمة والسلم الأهلي والاجتماعي .. بالصورة التي لخصها في الأسبوع الفائت منظرهم الدرامي ( أحمد عثمان ) حينما وصف في مقالته المنشورة تحت اسم شوارد في الصفحة الأخيرة من عدد الجمهورية الرسمية رقم (15828) الصادر يوم الأحد 21/04/2013م آخر مسيرة جماهيرية طافت شوارع تعز تأييداً لمحافظها الخارج عن الجماعة من منظور المطاوعة بأنها أشبه بغزوة مؤتمرية مسلحة بامتياز .. بحيث لا تقل كفراً وفجوراً وضلالاً عن تلك الغزوات التي كان يشنها كفار قريش والجزيرة العربية بين الحين والآخر ضد النبي محمد وأتباعه مع بزوغ فجر الدعوة الإسلامية.. ما يحز في نفوس الإصلاحيين في هذا الصدد يتمثل على ما يبدو في أن خطر الجاهلية المتفشي حالياً بين الجماهير المخدوعة بواسطة بقايا النظام والعائلة يأتي في الوقت الذي منَّ الله فيه بالهداية على حليفتهم ( إمبراطورية اليانكي ) .. أميركا.. التي تحولت في نظر إخوان الشيطان من عدو حضاري لدود .. إلى نصير رئيسي لأمة الإسلام .. وبدرجة قد لا تقل ربما من حيث أهميتها الاستراتيجية عن ظاهرة إسلام المغول الذين حولهم الدين الجديد من شر مطلق وخطر ماحق على الإسلام والمسلمين .. إلى جزء أساسي من تكوينهم الروحي والديمغرافي والقيمي ..الخ وهو الواقع الذي يمكن تبيانه بجلاء من خلال قياس مستوى إيمان الإخوان وافتتانهم الملحوظ بمعشر الأمركيان الذين بلغوا ربما مرتبة الفاتحين الحقيقيين بساستهم وجنود بحريتهم المرابطين بصلابة في عمق عاصمتنا السياسية المسلوبة .. بالإضافة أيضاً وهذا هو الأهم إلى طائراتهم المسيرة ذاتياً والشديدة الشبه ربما من منظور الإخوان بمنظومة ( الطير الأبابيل ) التي أمطر الرحمن بواسطتها ذات مرة وتحديداً في القرن السادس الميلادي أبناء عمومتنا ( الأحباش ) بصورة أهلكت جندهم ونسلهم وحرثهم وجبروتهم ..الخ وبالطريقة ذاتها التي تبرع بها اليوم ( طائرات اليانكي ) المسيرة ذاتياً بصورايخها المحمومة والمسخرة لتطبيق شرع الله .. في إمطار الجموع الضالة والخارجة عن الجماعة ولتثبيت دعائم الأمن والاستقرار والثورة والديمقراطية .. علاوة على ما تبذله لوبياتها من جهود مشكورة على الأرض لترتيب البيت اليمني بما يرضي الله ورسوله واليدومي وجماعته بالتأكيد .. وللحديث بقية.. · الرئيس التنفيذي لحركة الأحرار السود في اليمن رئيس قطاع الحقوق والحريات في الإتحاد الوطني للفئات المهمشة في اليمن