* من لا يدرك حقيقة مدير أمن محافظة تعز الحالي العميد محمد صالح الشاعري، فما عليه سوى الإمعان بموضوعية في هوية الشلل والوجوه المحيطة به، ليدرك مدى السوء الذي يشكِّله وجود هذا الرجل على رأس مؤسساتنا الأمنية، ومدى المخاطر الناجمة عنه على صعيد أمننا العام والمجتمعي. * فهذا الرجل المحاط بعدد من رموز العهد الإخوانجي الجديد ورجال المافيا المحلية أكثر بكثير من عدد النياشين والأوسمة الزائفة المعلقة على صدره، بات لا يخجل من الظهور علناً بوصفه أحد (المصلحين الجُدد) الذين ينظرون للمستقبل من منظورهم الاقتلاعي المحكوم عادة بمنطق العنف والقوة والتفوق والافتراضات البطولية والزيف.. المنطق الذي يتحاشى أصحابه ودعاته باسم الدين والعقيدة والأخلاق كلَّ قيم ومفاهيم العصر الحديث في السلام والوحدة والوفاق والتنوع والمصالحة والإقرار بحق ووجود الآخر وبآدميته وشراكته المفترضة وبماضيه وحاضره وتاريخه ومستقبله. * وهو ما يتبدى بوضوح من خلال مناخات الخوف والفوضى السائدة والتطرف والانحطاط المخيم على حياتنا باسم التطهير والعدالة الثورية الذي صار لها صولاتها وجولاتها ورجالها ولجانها المختصة الشبيهة بمحاكم التفتيش الديني التي سادت أوروبا في عصور ما قبل الحداثة.. خصوصاً وأن ما يميز محاكم التفتيش المحلية خاصتنا هو أنها ذات طابع ومضمون إصلاحي بامتياز، كما يتضح من خلال التوسع الملحوظ في نشاط أطرافها الذين وضعوا نصب أعينهم على ما يبدو قائمة بعدد من الأهداف والرؤوس المستهدفة التي حان قطافها في سياق مساعيهم المشكورة لاستكمال مهماتهم الثورية واستئصال بقايا النظام والعائلة.. خاصة بعد أن بات واضحاً أن قائمة المستهدفين لم تعد محصورة كما كانت قبلاً بالأستاذ حمود خالد الصوفي محافظ المحافظ السابق.. ولا بالأستاذين محمد أحمد الحاج، أمين عام المحافظة نائب المحافظ.. وجابر عبدالله غالب، عضو مجلس النواب وعضو مؤتمر الحوار الوطني الشامل ورئيس فرع المؤتمر الشعبي العام بالمحافظة، والذين نجوا مؤخراً وبأعجوبة حقيقية من اعتداء وشيك كان معداً ومخططاً له بعناية في جلسة افتتاح مؤتمر الحوار المحلي صبيحة يوم السبت 5/5/2013م بقاعة المركز الثقافي بمنطقة صالة.. كما دلت بذلك العديد من المؤشرات الدالة على نوايا إخوان الشيطان لتفجير الوضع الأمني المختل أصلاً في المحافظة وتحويل العملية التحاورية برمتها إلى ساحة للاقتتال وتصفية الحسابات السياسية والحزبية وفق طرقهم ووسائلهم المعتادة. * بقدر ما تعدتها هذه المرة لتشمل إلى جانب العديد من هيئات ومرافق الدولة الحيوية والمحاصرة من قبل المطاوعة تحت بند المحاصصة.. كذلك عدداً من الرؤوس والشخصيات السياسية والاعتبارية الهامة التي يرى الإصلاحيون ضرورة زحزحتها وإزالتها من المعادلة السياسية ومن الحياة أيضاً، لضمان تأمين الثورة على حد زعمهم.. مثل وكيلي المحافظة الأستاذ الكاتب والأديب عبدالله أمير، رئيس فرع اتحاد كتاب وأدباء تعز.. والشيخ محمد منصور الشوافي الذي نجا مؤخراً وبالتحديد صبيحة يوم الأحد 05/05/2013م من محاولة اغتيال غادرة أمام حديقة تعاون تعز، على يد ثلة من المسلحين باللباس المدني الذين كمنوا له في طريق الحوبان الرئيسي إثر عودته آنذاك من اجتماع مشترك لقيادة المحافظة واللجنة الأمنية. * والغريب في أمر هذه الحادثة يكمن ليس فحسب في تراخي الأجهزة الأمنية وتردي الوضع الأمني عموماً في المحافظة.. وإنما في طبيعة الموقف الشاذ وغير المفهوم لمدير أمن المحافظة العميد محمد صالح الشاعري، الذي وعلى الرغم من معرفته الأكيدة لهوية الجناة ومن يقف وراءهم بحسب تأكيد المصادر الأمنية بالمحافظة التي أشارت في تصريحاتها المنشورة في حينه بكلٍّ من موقع المؤتمر نت الإخباري وصحيفة تعز العدد (892) بتاريخ 07/05/2013م على ضلوع المدعو عمار البرطي، ابن شقيق البرلماني عباس البرطي في تخطيط وتنفيذ محاولة اغتيال الشوافي.. الخ. وذلك بالنظر إلى طبيعة الدور المخزي الذي لعبه يومها مدير أمن محافظة تعز لتأمين الحماية والتغطية العلنية والسافرة للقتلة وتسهيل فرار بعضهم خارج البلاد.. عيني عينك، حيث قام المدير مشكوراً في هذا السياق بنقل المتهم الرئيسي من سجن احتياط إدارة أمن المحافظة على أساس إسعافه للمستشفى بزعم وجود توجيهات صادرة بهذا الشأن من قبل وزير الداخلية بحسب تبريرات مدير أمن المحافظة، ليتبين عندئذ أن وجهة الجاني كانت وبمعية أحد الأطقم العسكرية التابعة لأمن تعز هي مطار عدن الدولي الذي انطلق منه إلى خارج البلاد دون أي عوائق تذكر.. والشيء الأكثر غرابة هنا هو أن الشاعري لم يكتفِ بذلك الإجراء الانتهازي العلني الذي اتخذه بصورة سافرة في حق الضحايا والمستهدفين وطالبي العدالة والأنصاف، نظراً لقيامه بعد ذلك بتشكيل لجنة أمنية مناطة بالتحقيق في واقعة محاولة اغتيال الشوافي برئاسة أحد أقطاب محاكم التفتيش الإخوانجية ذاتها التي تضع الضحية ذاته (الشوافي) على رأس قائمة المستهدفين في مشروع التطهير الثوري.. والهدف واضح وجلي طبعاً ويهدف بالدرجة الأساس إلى طمس وتشويه الحقائق وإيصال القضية إلى طريق مسدود.. والبركة بالشاعري وأمثاله. * وعموماً، وبما أنه لا جدال هنا في أن أحداثاَ ومساوئ كتلك وإن باتت تبرهن من ناحية على ضراوة الواقع الوطني المشحون بالعنف والفوضى والدموية الإخوانجية التي قوضت أمننا واستقرارنا ووأدت تطلعاتنا المدنية وقدرتنا الفعلية على صوغ المستقبل والتحكم به.. إلا أنها تعكس في الإجمال الحقيقة المرة حول الوطن الذي خسرناه.. فالمجتمع الذي سعى للتغيير بعزيمة فولاذية بات مصيره الآن ومستقبله متشحاً بالسواد والضبابية.. لأن القوى التي غافلته وسلبت منه ثورته وأحلامه لا يمكنها التسليم بسهولة بحقه العادل والمشروع في التمتع بالأمن والسكينة والتقدم والاستقرار.. وستبقى البندقية ولغة القتل والإرهاب والسطو المنظم على مختلف هيئات ومؤسسات الدولة والبلاد هي السائدة والمهيمنة حتى تحين لحظة التغيير الفعلي.. * الرئيس التنفيذي لحركة الأحرار السود في اليمن رئيس قطاع الحقوق والحريات في الاتحاد الوطني للفئات المهمشة.