في صحيفة 26 سبتمبر كان لديَّ عمود ثابت هو(بيت العصيد). كان اليمنيون في تلك الأيام يعيشون على أمل وعلى حلم..كانوا يأملون ويحلمون بعصيدة الوحدة التي طالما سال لعابهم شوقاً إليها. وحتى لا يتبخر الأمل ويتحول الحلم إلى كابوس.. كتبتُ حينها مقالة قلت فيها بأن ثمة قاعدة أساسية معروفة في كتاب: (قواعد العصيد) يعرفها جميع العصَّادين والعصَّادات في قريتنا وكلِّ قرى العالم. والقاعدة تقول: (لا يجوز لعصَّادتين أن تعصدا في طنجرة واحدة وفي وقت واحد). أيامها كان المؤتمر والاشتراكي هما الحزبان الشريكان في تحضير عصيدة الوحدة.. وكان لكلٍّ منهما فلسفته في العصد، ولكلٍّ منهجه وطريقته في تحضير العصيد. وبسب اختلاف فلسفتيهما، وكذا بسبب احتكاك معصديهما، وتصادم منهجيهما، وتعارض طريقتيهما في تحضير العصيد.. وقعت الطنجرة وشبَّت النار في بيت العصيد، واحترقت العصيدة. ولأن الأمل والحلم هما حقٌّ من حقوق الإنسان، فإن من حق اليمنيين- بعد أن تبخرت آمالهم وأحلامهم في عصيدتهم الوحدوية- أن يأملوا ويحلموا- بعد ثورة الشباب السلمية- بعصيد تهم الثورية. لكن هل يمكن أن يتحقق هذا الأمل وهذا الحلم؟ الجواب في نفس كتاب (قواعد العصيد)، وفي نفس القاعدة سالفة الذكر: (لا يجوز لعصَّادتين أن تعصدا في طنجرة واحدة وفي وقت واحد). لكن اليمنيين يكررون نفس الأخطاء.. وهم ليسوا بذكاء الحمير حتى يتعلموا بالتكرار . فبدلاً من عصَّادَتين بعد الوحدة.. صار لدينا- بعد ثورة الشباب السلمية- عشر عصَّادات يعصدنَ، عشر معاصد تتصادم داخل الطنجرة، كل معصدٍ يتحرك بعكس اتجاه المعصد الآخر وكلُّ عصَّادةٍ تعصد لنفسها ولحزبها لهم العصيد، وعلى الشباب الوقيد لقد عصدوا البلاد وعصدوا العباد وهات يا عصد.