أعضاء في كتلة حزب الإصلاح النيابية يمثلون التيار السلفي المتشدد داخل الحزب مثل محمد الحزمي وهزاع المسوري “ وهما خطيبان في مسجدين بالعاصمة" يكافحون بضراوة ضد التعديل المقترح في قانون الأحوال الشخصية. فقد اقترحت الحكومة في مشروع التعديل أن يكون الحد الأدنى للزواج بالنسبة للأنثى (18 سنة) واقترح مجلس النواب أن يكون الحد الأدنى (17 سنه)، ومع ذلك لم يتقدم المجلس خطوة تالية لإقرار مقترحه بسبب ممانعة نواب كثيرين من أمثال المسوري والحزمي، رغم أن نواباً من كتلة حزب الإصلاح مثل فؤاد دحابة وشوقي القاضي يؤيدون التعديل، وهذا الأخير قدم أدلة شرعية تدعم موقفه وتدحض تصلب المتشددين القائلين بأن شريعة الإسلام تجيز تزويج البنت وهي في سن السادسة أو أدنى من ذلك حتى بدعوى أن الشريعة لم تحدد سناً معيناً للزواج. هؤلاء السلفيون عندما وجدوا أن الذين يؤيدون التعديل القانوني لتحديد سن أدنى للزواج ب (18 أو 17 سنة) قد دعموا موقفهم هذا بحجج شرعية وقانونية وعلمية لا تقهر، لجأوا إلى مهاجمة مؤيدي التعديل ورميهم بشتى الاتهامات.. مثل موالاة الغرب، وشنوا حملة تشهير بوزير العدل الدكتور الأغبري، لأنه أعلن أمام مجلس النواب تمسك الحكومة بمشروعها في تقنين الحد الأدنى لسن الزواج.. ولأن ليس لدى هؤلاء أي حجة لتبرير موقفهم الداعي إلى تزويج الأطفال ولا حجة لمنع تحديد سن أدنى للزواج لجأوا إلى مهاجمة الآخرين، وفي الوقت نفسه يدعمون موقفهم بمغالطات وأكاذيب فجة، فهذا النائب الإصلاحي وهو أيضاً واعظ وخطيب مسجد يقول: “ان تحديد سن معين للزواج أمر مخالف للشريعة بأدلة قطعية ثابتة “، ونتحداه هو ومحمد الحزمي وغيرهما أن يقدموا دليلاً واحداً من هذه التي يسمونها “ أدلة قطعية ثابتة"!!. ولكي يقوي هؤلاء موقفهم يلجأون إلى تشويه مشروع القانون بأكاذيب وشائعات تريك كيف أن هؤلاء لا يحترمون الحقيقة إما تعمداً أو جهلاً، يقولون مثلاً – وهذا الكلام منسوب لهزاع المسوري- إن مشروع التعديل القانوني في قانون الأحوال الشخصية في اليمن لتحديد سن الزواج بثماني عشر سنة يأتي ضمن بنود اتفاقية السيداو، التي تدعو للمساواة بين الجنسين و" إطلاق الحرية الجنسية" وإن هذه الاتفاقية" أبرمتها الحكومة" دون الرجوع إلى مجلس النواب!. هذا هو كلام الشيخ النائب الواعظ هزاع المسوري خطيب المسجد.. أما الحقيقة فهي شيء آخر.. الحقيقة هي أن اتفاقية السيداو “ اسمها الكامل هو اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة.. أقرها مجلس الشعب الأعلى في جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية عام 1984م، وصارت ملزمة وورثتها الجمهورية اليمنية بعد تحقيق الوحدة.. فكيف يقول هذا الجاهل إن الحكومة “ أبرمتها دون الرجوع للبرلمان"؟!.. وهذه الاتفاقية المكونة من (30) مادة ليس فيها أية إشارة إلى ما ادعاه المسوري ومن قبله الحزمي عن دعوتها إلى “ إطلاق الحرية الجنسية".. فالاتفاقية الدولية تحث الدول الأطراف على اتخاذ تدابير من أجل مساواة المرأة بالرجل في الحقوق ومنع التمييز بينهما بسبب إن هذا ذكر وهذا أنثى.. أي منع أي تمييز بسبب الجنس. الاتفاقية من أول ديباجتها إلى مادتها الثلاثين تتضمن حث الدول على المساواة بين الرجل والمرأة في حق الترشح في الانتخابات والحصول على الجنسية والعمل والتعليم والمساواة في الأجور ومنع استغلال الإناث في البغاء، وحق المرأة في اختيار الزوج أو الرضى بالزواج، وأن تقوم الدول بتوفير ضمانات من أجل تربية عائلية سليمة وأن توفر الخدمة الصحية.. الخ. هذا هو المضمون العام للاتفاقية التي يقول السلفيون أنها تشرع للحريات الجنسية.. ويقولون انها جعلت سن الزواج “18 سنة".. بينما ليس في الاتفاقية أي شيء من ذلك سوى حث الدول على أن تتخذ تدابير لمنع الاغتصاب الجنسي، وأن تحدد – الدول نفسها - حدا أدنى لسن الزواج لمنع انتهاك الطفولة والاتجار بالإناث.. فقد جاء نص وحيد في الاتفاقية وهو البند الثاني في المادة (16) يقول :" لا يكون لخطوبة الطفل أو زواجه أي أثر قانوني، وتتخذ الإجراءات الضرورية لتحديد سن الزواج".. وعلى ذلك فان كل دولة تحدد الحد الأدنى لسن الزواج حسب أوضاعها، فدولة تحدده بسن (20) وأخرى(18) وثالثة (17) وهكذا.. فالاتفاقية تحث الدول على ضمان المساواة والحقوق واتخاذ تدابير من أجل تكوين عائلة محترمة وطفولة وأمومة تحظى بالرعاية.. ليس فيها شيء مما يقوله هؤلاء عن الإباحية والحريات الجنسية.. ثم ما مصلحة هؤلاء في منع تحديد سن أدنى للزواج؟!.. ما مصلحتهم في جعل الأمر مفتوحاً..؟ وهم الذين يرون كما نرى طفلات زوجن مبكراً وتم بيعهن من قبل أولياء أمورهن، وانتهى بهن الأمر إلى ضحايا منتهكات الحقوق مغتصبات الأجساد.. والأمثلة على ذلك لا تحصى.