استدعت الخارجية المصرية أمس القائم بالأعمال الايراني للاحتجاج على تصريحات إيرانية بشأن الأوضاع في مصر، وذلك بفارق ساعات عن إعلان القاهرة قرارها استدعاء سفيرها في قطر للتشاور، بعد الانتهاء من استفتاء المصريين في الخارج على الدستور، وذلك احتجاجا على تدخّل قطر في الشؤون الداخلية لمصر. ويقول مراقبون إن قاسما مشتركا يجمع بين كل من إيرانوقطر في علاقتهما بمصر ما بعد الإخوان، يتلخّص في أن الدوحة، خسرت باندلاع ثورة 30 يونيو حلفاءها الإخوان الذين اجتهدت كثيرا وبذلت دعما إعلاميا وماليا لمساعدتهم على الوصول إلى سدة الحكم، بينما أقفلت الثورة بوجه طهران بابا للتدخل في الشأن المصري بعد أن قطعت حكومة الرئيس المعزول محمد مرسي خطوات سريعة لربط علاقات وثيقة مع إيران على حساب العلاقات العربية لمصر. وعلى عكس حكومة الإخوان المسلمين، لا ترتبط السلطات المصرية الحالية بعلاقات قوية مع طهران. كما أن العلاقات مع قطر يعتريها فتور شديد منذ أسقطت الثورة حكم الإخوان، حيث أصرّت الدوحة على شقّ الإجماع الخليجي في دعم السلطات المصرية الجديدة وسخّرت قناة الجزيرة لشنّ حملة متواصلة على القاهرة. وتحوّل الفتور إلى غضب مصري من قطر مع إصدار الخارجية القطرية الأسبوع الماضي بيانا هاجمت فيه تصدي السلطات المصرية للاضطرابات التي تثيرها جماعة الإخوان بشكل متواصل منذ إسقاطها من الحكم. ونقلت منابر إعلامية مصرية أمس عن مصادر وصفتها بالمطلعة، قولها إن وزارة الخارجية قرّرت استدعاء سفير القاهرة فى قطر محمد مرسي، «ردا على التدخل القطري المرفوض فى الشأن الداخلي للبلاد». وقالت المصادر، إن السفير مرسي، قام بناء على تكليف من وزير الخارجية نبيل فهمي «بنقل رسالة احتجاج شديدة اللهجة إلى الخارجية القطرية، مؤكّدا رفض مصر للتدخلات القطرية في الشأن الداخلي المصري وأن مصر لن تسمح باستمرار هذا المسلك القطري المرفوض». وأشارت إلى أن السفير مرسي سيظل في عمله إلى حين انتهاء إجراءات الاستفتاء على الدستور للمصريين في الخارج التى ستجري يومي 8 و12 يناير الجاري لمتابعة مشاركة الجالية المصرية في قطر وأنّه سيعود إلى القاهرة بعد إجراء الاستفتاء، وذلك تنفيذا لقرار استدعائه للتشاور. وكانت الخارجية المصرية استدعت في وقت سابق السفير القطري لديها وأبلغته رسميا «رفض مصر التدخل في الشؤون المصرية الداخلية، وأن الدوحة تجاوزت كل حدود اللياقة، وتدخّلت بشكل سافر». وعن إيران، قال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، بدر عبد العاطي في تعقيب على تصريحات المتحدثة باسم الخارجية الإيرانية مرضية أفخم حول الأوضاع الداخلية فى البلاد، إن «مصر تستهجن مثل هذه التصريحات، باعتبارها تدخلا مرفوضاً شكلا وموضوعا في الشأن الداخلي للبلاد». وأضاف «أن مصر لن تسمح مطلقا لأي دولة بالتدخل فى شؤونها الداخلية»، مؤكّدا «حق الحكومة المصرية في اتخاذ القرارات الضرورية لتوفير الأمن للمواطنين وفرض للنظام العام في إطار تطبيق القانون، وأن الحكومة مسؤولة أولا وأخيرا أمام الشعب المصري». ويربط مراقبون تواتر التدخلات الأجنبية في الشأن الداخلي المصري، بإقبال مصر على استحقاق مفصلي يتمثل في الاستفتاء على الدستور الجديد، والمقرّر ليومي 14 و15 يناير الجاري، وللمصريين المقيمين بالخارج من الثامن إلى الثاني عشر من نفس الشهر. ويقول هؤلاء إن التدخلات القطريةوالإيرانية، والتركية أيضا، تهدف للتشويش على ذلك الاستحقاق الذي ينتظر أن يكون نجاحه فاصلا في عبور مصر إلى وضع الاستقرار.
وعلى هذه الخلفية تعمل السلطات المصرية على تأمين مختلف ظروف النجاح للاستفتاء في الداخل والخارج، بما في ذلك داخل البلدان التي أظهرت عداء لثورة 30 يونيو، وعلى رأسها قطر وتركيا. وفي هذا الخصوص بيّن السفير حمدي سند لوزة، مساعد وزير الخارجية المصرية، بأن السفارات المصرية في الخارج أبلغت السلطات المحلية بالدول المتواجدة بها بموعد تصويت المصريين بالخارج على الاستفتاء، موضّحا خلال مؤتمر صحفي عقده أمس أن جميع الدول لديها التزامات بتأمين مقار البعثات الدبلوماسية، مؤكدا أن هذا الالتزام يشمل قطر وتركيا وأن التوترات بين القاهرة والبلدين لن يكون لها أي تأثير على هذا الالتزام.