حذَّر وزير الخارجية المصري، نبيل فهمي، من خطورة محاولات ترمي إلى زيادة تقسيم الدول الضعيفة في المنطقة، ومن تزايد ظاهرة الإرهاب. وأكّد رئيس الدبلوماسية المصرية، خلال محاضرة بعنوان “السياسة الخارجية لمصر الجديدة ما وراء الاقتراع والسياسة”، أن أمن الخليج والحفاظ على دور مصر في أفريقيا هما رأس أولويات الحكومة المصرية. وصف وزير الخارجية المصري، نبيل فهمي، بعض الحكومات في المنطقة العربية والشرق الأوسط ب”الحكومات الضعيفة” التي تدعم الطائفية، وهذا يؤثر على أمنها القومي، وعلى أمن جيرانها الإقليميين. وحذّر، في كلمته في محاضرة تحت عنوان “السياسة الخارجية لمصر الجديدة ما وراء الاقتراع والسياسة”، بالجامعة الأميركية في القاهرة، من أن هناك اتجاها دوليا لزيادة تقسيم الدول الضعيفة بالمنطقة، وهذا يحدث في البيئة القريبة من مصر بسبب الإرهاب، الذي ازدهر بفعل الظروف غير العادية التي تعيش على وقعها المنطقة اليوم. هذا الوضع، وفي ظل مرحلة إعادة التوازن الدولي والإقليمي لمصر، يحتّم إعادة هيكلة السياسة الخارجية المصرية، وفق نبيل فهمي، الذي أكّد في ذات السياق على أن ذلك سيسمح لبلاده بتنويع الحقيبة السياسية وتحسين علاقاتها الخارجية. ولفت إلى أن الشرق الأوسط يواجه فترة عصيبة، منذ الحرب العالمية الثانية، لذلك هناك ضرورة لتحسين موقف مصر وعلاقتها الاستراتيجية مع الولاياتالمتحدة وأوروبا وأفريقيا. وشدّد وزير الخارجية المصري، في سياق حديثه عن علاقات مصر الإقليمية، على أن مسألة تأمين منطقة الخليج العربي ولبنان وحظر السلاح الإقليمي والحرب في سوريا والانقسام بين السنة والشيعة ومسألة الأكراد لها تأثر كبير على الأمن القومي المصر، لذلك وجب على مصر تحمل المسؤولية لمواجهة هذه النزاعات والمكافحة بشدة ضد الذين يحاولون التقليل من قيمة مصر ودورها القومي. الموقف من سد النهضة حول قضية سد النهضة، الذي تبنيه إثيوبيا على منابع النيل، أكّد وزير الخارجية المصري أن بلاده لا تعترض على بناء السد أو إقامة أي مشاريع مائية شرط أن يكون ذلك في إطار الاتفاقيات المبرمة بين دول نهر النيل وحسن التعاون بين تلك الدول. لابد من إعادة هيكلة السياسة الخارجية المصرية في مرحلة إعادة التوازن الدولي وقال نبيل فهمي في مداخلته: “إن بناء السدود على النيل ليس بجديد، ونحن لسنا ضد التنمية في إثيوبيا، والحكومة المصرية سعت أكثر من مرة إلى التوضيح للجانب الإثيوبي أنها ليست ضد أي مشروع يستهدف دفع عجلة التنمية والتقدم في إثيوبيا أو أية دولة من دول حوض النيل، لكن بالتنسيق والتعاون مع دول المصب لضمان عدم وقوع أضرار عليها”. وأكد على أن الحكومة المصرية عرضت على الجانب الإثيوبي المشاركة في بناء السد وإدارته حتى تضمن عدم الإضرار بمصالحها ولكنهم رفضوا العرض المصري. وأوضح أنه لا مجال أمام مصر لتجاوز هذه الأزمة المتصاعدة دون التوصل إلى تفاهمات مشتركة بين مصر وإثيوبيا والسودان حول المواصفات المثلى للسد وأسلوب تشغيله وإدارته بما يضمن تحقيق الهدف التنموي منه لإثيوبيا وعدم الإضرار في الوقت ذاته بمصالح مصر المائية. وشدد فهمي على أن التوصل إلى حلّ بين الجانبين، المصري والإثيوبي، ليس أمرا مستحيلا، محذرا في الوقت ذاته من الفشل في ذلك في أسرع وقت حتى لا تجد مصر نفسها أمام وضع يستحيل معه أن تفرّط في أمنها المائي. وقال وزير الخارجية المصري، خلال الندوة التي أدارها الإعلامي حافظ الميرازي، إنه على الجميع أن يكون مستعدا للتعامل مع تداعيات أزمة غير مرغوب فيها في المنطقة. ولفت إلى أن الخيارات ستكون صعبة للغاية، رافضا الإجابة عن سؤال بشأن تلك الخيارات ونوعيتها. في الشأن الأفريقي، أيضا، توقّف وزير الخارجية المصري، عند الملف السوداني، فالسودان بلد مجاور لمصر، وما يجري فيه له انعكاسات كثيرة على أمنها القومي والإقليمي. واعتبر فهمي تجاهل ما يحدث في السودان، من أهم الأخطاء التي وقعت فيها السياسة الخارجية المصرية خلال السنوات الماضية، مشددا على أن مصر لن تسمح بتكرار إضعاف علاقاتها بمحيطها الأفريقي. سياسة خارجية جديدة “نحن في مصر حاليا نشهد حالة ولادة جديدة للوطن ونثق في الوصول إلى مصر جديدة يتمناها كل مصري”.. بهذه الكلمات شرح وزير الخارجية المصري نبيل فهمي “السياسة الخارجية الجديدة لمصر”، لافتا إلى أن توفير احتياجات 90 مليون مصري وضمان سلامة الغذاء والماء على قائمة الأولويات. تجاهل ما يحدث في السودان، من أهم الأخطاء التي وقعت فيها السياسة الخارجية المصرية وقال فهمي إن تحقيق ذلك يتطلب توفير 750 ألف وظيفة جديدة سنويا ورفع معدل الاستثمار وتوفير بيئة للحصول على الاحتياجات المطلوبة. وأشار إلى أن الآمال التي أطلقتها الثورة تتعدى السياسة الخارجية، وتتطلب إعادة الحيوية لتأمين الأسواق وضمان المستقبل الاقتصادي. في ما يخص ملف جماعة الإخوان المسلمين ومستقبل المصالحة بين أطراف العملية السياسية، قال فهمي إن جماعة الإخوان المسلمين معظمهم مصريون ويجب أن نبحث كيف نعيش جميعا تحت مظلة الدستور الجديد، طالما كان هناك نبذ للعنف وأنه لابد أن يكون هناك نوع من الحكمة، لأن عصر القوة قد مضى ولا يمكن للإنسان أن يقبل بالتغيير بسهولة. وتجاهل وزير الخارجية المصري الإجابة عن تساؤلات عديدة تم طرحها من جانب الحضور بشأن العلاقة مع قطر واحتضانها لرموز جماعة الإخوان والجماعة الإسلامية وتوفير الدعم لها، قائلا: “ليس كل الأسئلة يمكن الإجابة عنها وأنت في موقع المسؤولية”. وقال إن تطبيق قوانين حقوق الإنسان في مصر لا يجب أن يكون لإرضاء الغرب ولكن لأجل المصريين، معترفا بوجود حوكمة سيئة بمصر، كانت السبب في قيام المصريين بثورتين، خاصة وأن مؤسسات الدولة لازالت تعاني، لافتا إلى أن ذلك سيكون جزءا من إعادة بناء النظام السياسي الجديد في مصر.