أتوقف هذه المرة أمام المستشفيات.. مع مهنة الطب ومع الأطباء أصحاب البصمة الاستثمارية.. · وليس المشهد سوى مزاد من الأحاسيس الفاجرة البليدة حيث أمين الصندوق وحده هو من يعمل بكل طاقته للوفاء بنزوات ونزعات إداري أو طبيب يهرف على غير ما يجب أن يعرف، ويتكلم خارج منظومة ما تعلَّم . · من أجل أن يعيل أسرته اضطر أحد العمال أن يقضي يوم الجمعة في عمله بالأجر اليومي لكن حظه العاثر أوقع إحدى أصابعه تحت منشار قص البلاط .. وفي مستشفى " أهلي" سمع ما هو أقسى وأكثر إيلاماً من الإصابة .. · قالوا له إصابتك تحتاج إلى نصف درزن من الغُرز..على كل غرزة مبلغ ..قال لهم حاضر .. من العيون.. ثم قاموا بالرتق..قالوا له..ادفع قيمة الدواء..رد عليهم :وأين هو الدواء..؟ قالوا له : إنه المُطهِّر الذي وضعناه قبل أن نقوم بخياطة الجرح..ثم كتبوا له روشتة بعد أن أتوا على ما في جيبه وجيب مرافقه . · شعر الرجل بغصّة في الحلق، ليس لأنهم أخذوا منه ثمن عن كل غرزة إبرة وخيط رغم أن العدد في الليمون ،وإنما لأنهم نظفوا جيبه مقابل دواء لم يكن له وجود فليس المطهر إلا جزءاً من الخيط والإبرة. · سألني بحرقة وإصبعه ملفوفة بالشاش الأبيض .. أين يذهب الفقير أمام مستشفيات بكل هذا الطمع ؟ أين القانون وأين الضمير وأين مسؤولية الدولة تجاه مواطنيها ؟!! · انتهت هذه الحكاية ،ولم أجد من وسيلة لمواساته سوى القول ..الحمد لله على السلامة فأن تزور مستشفى أهلياً أنت على موعد مع امتحان صعب يجعلك تستشيط غضباً وقهراً من حكومة لا شيء عندها ذو أهمية إلا استهلاكها لموارد البلاد فيما تردي الأوضاع الخدمية يضرب كل شيء . · المشكلة أنه لا صدى لأسئلة من نوع من يحمي المواطن من الفقر ومن الجوع ومن المرض ، وإلى متى يستمر هذا التردّي في الأوضاع الصحية ، ولماذا يتحول القائمون على معظم المستشفيات والعيادات الاستثمارية إلى كائنات جلّها من مواليد برج النار..؟ · ويا أيها المستثمر الهلع .. أيها الطبيب الطمع .. أيها الحانث بالقسم الطبي .. ضعوا أصابعكم في أنوفكم مادمتم لا تعرفون شيئاً عن شرف مهنة الطب وأخلاقيات التطبيب ولكم الله يا من يضعكم المرض تحت مقاصل من لا يرحم .