تتجاوز الازمة اليمنية منذ يومها الأول حدودها المحلية فهي الورقة التي يلعب بها الأطراف الدوليين للضغط والمناورة والتهديد. في لقائه الأول مع قناته المسيرة خرج قائد جماعة الحوثيين رافعا عنوان الدفاع عن المصالح الإيرانية في البحر الأحمر تحت راية الممانعة ومحور المقاومة؛ مهددا المجتمع الدولي أن مضيق باب المندب سيقفل في وجه تجارة الطاقة العالمية إذا ما تأثرت مصالح (دول محور المقاومة) وعلى رأسها الجمهورية الاسلامية الإيرانية. يتجاوز عبدالملك الحوثي في رؤيته هذه شعارات المصلحة الوطنية متقمصا بها دور قاطع الطريق في البحر الأحمر، والفتى الذي يريد نيل رضى صاحب الفضل عليه. وفي البحث عن مآلات هذه التصعيد الفوضوي نجد أن العاقبة لن تطال إيران أبدا، ففي لغة المصالح العالمية يبقى هذا التهديد في خانة (مصادر الإزعاج) التي يمكن إنهاؤها إذا ماتحول الأمر إلى تهديد الدول التي بدورها تريد إنهاء الأزمة اليمنية، إذ أنها ستتحول إلى معركة مصالح عالمية ميزان القوى فيها غير عادل، والطرف الضعيف فيها والمتضرر منها هو الشعب اليمني. يمثل توقف الحرب في اليمن ضياع ورقة مهمة على إيران للضغط على المجتمع الدولي عبر مضيق باب المندب من خلال الموالين لها في شمال الجمهورية اليمنية والذين ظهروا في اوائل صفوف المدافعين عن مشاريع التوسع الإيراني في المنطقة العربية بعد فرض العقوبات الأمريكية على إيران. تتفاقم الأزمة اليمنية يوما بعد آخر بسبب هذه التبعية الإيرانية غير المعقولة وجر اليمنيين رغما عنهم نحو صراعٍ هم في غنى عنه، وقادرين بلغة العقل والمنطق والمصالح المتبادلة أن يتجاوزوه إلى منطقة آمنة لاستعادة عافيتهم من حرب عبثية تريدها إيران ولا يردها اليمنيون.