يُروى أن اينشتاين كان سيئ الخط .. وقد رأى معلمه خطه، فأقسم أنه سيكون ذا مستقبل مظلم! والأمر ذاته ارتبط بعبقريات وذوي مواهب أسطورية في شتى المجالات – علمية وأدبية وسواها – مثال الأديب الفذ جورج برناردشو والمخترع النابغة توماس أديسون وسواهما كُثْر! وأذكر أن أذكى طالب بيننا – في سنيّ الدراسة الأولى – كان ذا خط ينطبق عليه الوصف الشائع "خربشة دجاج" .. وقد صار اليوم من عباقرة الهندسة الميكانيكية في المانيا والعالم! والأمر ذاته يسري على واحد من أمهر الزملاء الصحفيين – الذين عرفتهم خلال حياتي المهنية – ومن أكثرهم كفاءة في التحرير والكتابة، هو الزميل والصديق خالد إبراهيم سلمان الذي يحتاج فهم طلاسم خطه إلى خبير في أسرار الكتابة الهيروغليفية، أو إلى الخبير ذاته الذي استطاع فك طلاسم حجر رشيد! تواترت هذه الخواطر إلى ذهني، فيما كنتُ أقرأ الحوار الذي أجرته هذه الصحيفة الغراء – ونشرته في عدد الثلاثاء الماضي – مع أحد المشتغلين في مضمار علم "الجرافولوجي" وهو العلم المختص بتحليل الشخصية من خلال خط اليد أوالتوقيع أو حتى "الشخبطة" التي يُجريها المرء على الورق في لحظةٍ ما، كما يحدث معنا جميعاً في بعض الأوقات. وقد كنتُ – ومازلتُ – أُردِّد دائماً أن الكتابة إنْ لم تُشبه صاحبها، فإنها بنت حرام .. ولكنني كنت أقصد الكتابة بمفهومها الواعي، لاخط اليد ولا شخبطة القلم .. وقد ثبتَ لي – من خلال الحوار مع خبير علم الجرافولوجي سالف الذكر – أن كتابة الانسان ماهي إلاَّ خريطة لمخ صاحبها. وهنا –مرةً أخرى – أقصد الكتابة الواعية، لا الشخبطة الساهية كما يقصد هو. أما خربشات الدجاج، فقد ثَبت لي – بالدليل القاطع والبرهان الساطع - أنها ترفع أصحابها إلى أعلى الرُّتب وأرفع المراتب ..فكلما كان ماتكتبه – أوحتى ما تقوله –غير مفهوم على الإطلاق، كنتَ قادراً أن تُمدٍّد رجليك ولا تبالي.. في هذا الزمن الرديء!... والحليم تكفيه إشارة، أو حتى خربشة!