من المنتظر أن تشهد مدينة بنغازي الليبية غدا الأحد إطلاق أول عملية انتخابية ستجرى في ليبيا بعد 42 عاما من الحكم الفردي تحت سلطة العقيد الراحل معمر القذافي. ويعلن المجلس الانتقالي رسميا إقرار قانون انتخاب المؤتمر الوطني وتعيين المفوضية العليا للانتخابات، وفق ما ذكرته مصادر إعلامية. وقد كشف المجلس عن تعديلات طفيفة أدخلت على المسودة التي طرحت قبل 10 أيام على الشعب لإبداء الملاحظات بشأنها، حيث أُلغي نظام الحصة (الكوتة)، واشترط أن يكون المترشح ليبي الجنسية وفقاً لأحكام القانون رقم 24 لسنة 2010، بينما لا يشترط في هذا المترشح حصوله على مؤهل جامعي، وتم الاكتفاء بكونه يجيد القراءة والكتابة. واعتمد أسلوب الترشح على نظام الصوت الواحد الذي يفوز بحصوله على أكثرية أصوات الناخبين الصحيحة. ويتألف القانون الجديد من تسعة فصول وأربعين مادة، ولا يسمح لأعضاء المجلس الوطني الانتقالي المؤقت وأعضاء الحكومة الانتقالية والمكتب التنفيذي السابق بالترشح لانتخابات المؤتمر الوطني العام. عبير أمنية: هناك استعجال وارتجال في معالجة قانون انتخاب المؤتمر الوطني (الجزيرة) آلاف الملاحظات وتحدث المستشار القانوني للمجلس المهدي كشبور عن تسلمهم أكثر من 14 ألف ملاحظة عبر الموقع الإلكتروني، إضافة إلى تلقي أكثر من 200 ملاحظة مباشرة، مضيفا أنه بعد استقراء الرأي العام من خلال الملاحظات والندوات قرر المجلس الإبقاء على النظام الفردي. ورأى كشبور أن اتباع هذا النظام يتناسب مع واقع الأحزاب في ليبيا التي لا تزال فتية ولا يوجد قانون ينظمها حتى الآن، ونفى بشدة أن يكون هناك تجاهل لمطالب الشارع، قائلا إنه الركيزة التي استند إليها المجلس الوطني للخروج بقانون الانتخابات في شكله الحالي. ويضيف المستشار أن القرار تم التوصل إليه عن طريق التصويت بطريقة ديمقراطية، وفق تعبيره. لكن عبير أمنية -وهي إحدى المشاركات في صياغة المسودة الدستورية- لديها رأي مخالف، وتقول إن المقدمات تشير إلى النتائج، وتلفت إلى ما وصفته بالاستعجال والارتجال في معالجة قانون الانتخابات، مضيفة أنها على يقين من أن النموذج الوليد سيكون مشوها، وأنها لا تثق بمشاريع تصاغ في العتمة، حسب قولها. ومن جانبه، استبق اتحاد ثوار ليبيا الإعلان الرسمي، واستنكر في بيان ما أسماه إصرار المجلس على إصدار قانون الانتخابات بصيغته المقترحة، معتبرا ذلك "استخفافاً" بكل القوى الوطنية التي تقدمت بمقترحات تصحيحية. انحراف وقال الاتحاد إن المجلس بدأ ينحرف عن مبادئ الثورة، وصار يمثل جسماً تسلطياً يصنع سياسات بعيدة عن طموحات الشعب الليبي التي دفع من أجلها الدماء والشهداء، مؤكدا أن وظيفة المجلس الأساسية والحقيقية هي إدارة العملية السياسية بالمشاركة وليس بالانفراد في صناعة القرار السياسي. وفي موقف مماثل، رفض ائتلاف 17 فبراير في العاصمة طرابلس القانون بصيغته الحالية، معبرا -في بيان رسمي- عن تضامنه مع كافة مؤسسات المجتمع المدني الرافضة. وذكر رئيس ملتقى القوى الوطنية عوض المختار أن تعديل عدة نقاط في المسودة التي وصفها بأنها "مخيبة للآمال" أصبح أمرا واقعا، واعتبر التعديلات المدخلة نوعا من ذر الرماد في العيون. واتهم السياسي الليبي المجلس بالالتفاف على المطالبات المتعددة بتعديل المسودة، وأعرب عن اعتقاده بأنها تجذر القبلية والجهوية. وخلص المختار إلى أن ظهور قانون انتخاب المؤتمر الوطني بهذا الشكل من شأنه تأجيل الانتخابات بسبب غياب قاعدة البيانات التي تنظم الانتخابات وأجهزة القضاء، واعتبر أن الهدف الرئيسي من وراء ذلك هو إطالة عمر المجلس الانتقالي. أما خبير القانون الدستوري علي بوسدرة فقال من جانبه إن القانون بشكله الحالي لا تزال تشوبه عوائق وإشكاليات كثيرة. وأضاف أن رفض إحداث تعديلات جوهرية على المسودة الدستورية يصب في مصلحة من لا يريد تأسيس الدولة الجديدة على أسس الديمقراطية والحزبية. كما أنه يصب في مصلحة "التجمعات النرجسية" ذات المصالح الاقتصادية والسياسية الواحدة، مشيرا إلى أنه من الخطأ تقديم قانون جاهز وفوقي للشعب في وقت عاجل دون الاتصال بمؤسسات المجتمع المدني. ورأى بوسدرة أن هناك إجماعا وطنيا على القضية الحزبية وحق الانتخاب على القائمة الحزبية، واعتبر أن تجاهل إرادة الشعب يقود إلى التهميش والإقصاء، داعيا إلى تكوين مؤتمر وطني على أساس التوجهات السياسية، وليس على الأساس الجهوي والقبلي. === " اتحاد الثوار: المجلس بدأ ينحرف عن مبادئ الثورة، وصار يمثل جسماً تسلطياً يصنع سياسات بعيدة عن طموحات الشعب الليبي التي دفع من أجلها الدماء والشهداء " اخبارية نت/ الجزيرة نت /خالد المهير-ليبيا