جهاد أبو العيس-بيروت تتعالى في لبنان هذه الأيام المخاوف من تأجيل الفاتيكان الزيارة الرسمية المقررة للبابا بنديكت السادس عشر والمقررة منتصف الشهر الجاري، على الرغم من تأكيد الحكومة اللبنانية أن الزيارة قائمة ومقررة كما خطط لها. وترجع أوساط مسيحية وسياسية مبررات تخوفهم من تأجيل الزيارة إلى حالة الفلتان الأمني وفوضى قطع الطرق وعمليات الخطف في بيروت والاشتباكات شبه المستمرة في طرابلس، إلى جانب حالة الاحتقان التي خلفها ضبط واعتراف الوزير السابق ميشال سماحة بالتخطيط والتدبير لهجمات إرهابية داخل البلاد. وكان الفاتيكان قد أعلن أن البابا سيقوم بزيارة إلى لبنان بدءا من الرابع عشر من الشهر الجاري ولمدة ثلاثة أيام بدعوة من الكنيسة الكاثوليكية في لبنان وكذا الحكومة، حيث من المقرر أن يوقع البابا ما يعرف ب"الإرشاد الرسولي المنبثق عن السينودس الخاص لأساقفة الشرق الأوسط". ودفعت مخاوف إرجاء الزيارة بصحف رئيسية في البلاد لطرح استطلاع مفتوح على القراء تسألهم فيه عن توقعاتهم من موضوع تأجيل الزيارة، في الوقت الذي تناول فيه كتاب صحفيون الموضوع من جهة أهمية أن تكون القدرات الأمنية جاهزة وعلى مستوى الحدث لتبديد هذه المخاوف. ضرر كبير وترى أوساط سياسية في حال إلغاء الزيارة ضررا كبيرا على سمعة ومستقبل لبنان من ناحية تكريس حالة وسمعة الفوضى الأمنية، التي تسببت خلال الشهور الماضية بضربة موجعة للموسم السياحي وتدفق حجم عائدات الاستثمار، في بلد يعاني من مديونية خارجية تجاوزت منتصف العام الجاري 54 مليار دولار. ووفقا للأكاديمي والمحلل السياسي عماد شمعون فإن الزيارة ستتم "على الرغم من الظروف الأمنية غير المناسبة"، وأضاف في حديثه للجزيرة نت "إذا أردنا انتظار ظروف أمنية أفضل في لبنان فهذا سيدعونا للانتظار ثلاثين سنة!". ويعتقد شمعون أن الظروف الأمنية القاهرة جدا فقط هي التي من شأنها التسبب بإرجاء زيارة البابا، كتلك الظروف الأمنية التي سبقت موعد زيارته للعراق وتسببت في إلغاء كلي للزيارة حتى اليوم. وعن الدواع الحقيقية للزيارة يرى أنها جاءت بصورة رئيسية "لتخفيف الاحتقان الطائفي في البلاد دون أن تكون لها أية أدوار أو مساع سياسية لتقريب وجهات نظر الاختلاف المسيحي المسيحي القائم في لبنان". وزاد بالقول "لن يأتي البابا وبيده عصى سحرية لحل مشاكل لبنان ومحيطه، ولا أظن أن تسهم الزيارة في تحسين مشاكل لبنان بعد انتهائها، هي زيارة روحية ليس أكثر. مشاكلنا الداخلية أكثر تعقيدا من أن تحل بزيارة لشخصية دينية بهذا الوزن أو ذاك". " زيارة البابا ستركز على ضرورة اندماج المسيحيين بمجتمعاتهم وتفعيل أدوات الحوار والتعايش المشترك بين المسيحيين والمسلمين " اندماج المسيحيين في المقابل يرى الكاتب والمحلل السياسي طوني فرنسيس أن من حق المتخوفين من إرجاء الزيارة إطلاق مثل هذه المخاوف، لكنه يرى في الوقت ذاته أن كل التحضيرات والتصريحات تؤكد أن الزيارة ستتم في موعدها رغم الظرف الأمني الحالي. وقال فرنسيس للجزيرة نت إنه وبالرغم من حالة الفوضى الأمنية القائمة في البلاد إلا أنها لم تصل لحد الدفع والجزم بالقول بوجوب إلغائها، مشيرا إلى أن الزيارة تحددت رسميا منذ عام 2010 وليس لها أي ارتباط بالأحداث القائمة في سوريا أو الإقليم. ويرى أن رسالة البابا الرئيسية ستركز في الزيارة على أهمية وضرورة اندماج المسيحيين بمجتمعاتهم، إلى جانب أهمية تفعيل أدوات الحوار وسبل التعايش المشترك بين المسيحيين والمسلمين بعيدا عن العصبية والتعصب. وتعد زيارة البابا بنديكت السادس عشر (85 عاما) المنتظرة للبنان الثانية إلى منطقة الشرق الأوسط، بعد زيارته الدينية للأماكن المقدسة في الأردن وفلسطين في مايو/أيار 2009، وتعد الزيارة الثانية لرأس الكنيسة الكاثوليكية للبنان بعد زيارة البابا يوحنا بولس الثاني عام 1997. اخبارية نت – الجزيرة نت