انطلقت اليوم الخميس في تونس الجولة الثانية من الحوار الوطني التي يرعاها الاتحاد العام التونسي للشغل وتشارك فيها الأحزاب السياسية الكبرى في البلاد، حيث يسعى المشاركون إلى إيجاد توافقات بشأن العديد من الملفات الوطنية المهمة. وشارك في الجلسة الافتتاحية لهذه الجولة الرئيس التونسي منصف المرزوقي ورئيس الحكومة علي العريض ورئيس المجلس الوطني التأسيسي مصطفى بن جعفر، بالإضافة إلى مسؤولي العشرات من الأحزاب السياسية والمنظمات الوطنية ومؤسسات المجتمع المدني. ودعت كلمات مشاركين إلى التوافق لتحقيق الأهداف الوطنية، ومعالجة القضايا الراهنة التي تهم الشعب التونسي. وقال الأمين العام لاتحاد الشغل -أكبر منظمة نقابية في تونس- حسين العباسي خلال كلمته الافتتاحية إن التونسيين يريدون من هذه الجولة أن تكون "لحظة فارقة تقطع مع حالة الاستقطاب، وتُخفف من الاحتقان، وتُعيد الثقة في النخبة السياسية". واعتبر العباسي أن الوقت قد حان لبناء التوافقات بين الفاعلين السياسيين من أجل صياغة معجم خاص بالانتقال الديمقراطي يقوم على تشخيص مشترك لأوضاع البلاد السياسية والاقتصادية والاجتماعية. في حين دعا المرزوقي في كلمته إلى التنازلات الضرورية لتحقيق الأهداف المشتركة، من ذلك الحفاظ على الوحدة الوطنية، وبناء الدولة المدنية الديمقراطية المتجذرة في القيم العربية الإسلامية. نتائج الحوار واعتبر أن الشعب سيحكم على الحوار الوطني بنتائجه، أي بقدرته على التجاوب مع أعمق انتظارته، كما سيحكم عليه بقدرة الأحزاب على الالتزام بنتائجه على أرض الواقع. كما دعا المرزوقي السلفيين إلى الاندماج في الحياة السياسية وفقا للقانون، مقدما اعتذاره لكل الدول التي مسّها الأذى من الإرهاب الذي مارسه تونسيون ينتمون إلى من وصفها ب"الجماعات الإرهابية". أما علي العريض فقد شدّد على أن المرحلة الانتقالية التي تمر بها تونس تقتضي التكامل والتضامن بين الشرعية الانتخابية وبين التوافق الوطني الواسع على كبرى القضايا التي تهم حاضر التونسيين ومستقبلهم. واعتبر أن تونس اليوم بحاجة إلى حوار وطني واسع ومتعدد المسارات والأطراف لبلورة سياسات عامة، ومعالجات ناجعة لقضايا الاقتصاد والمال والتنمية، ودعا في المقابل الجميع إلى مساندة مجهود الدولة في هذا المجال. والتحق حزبا حركة النهضة والمؤتمر من أجل الجمهورية المشاركان في الائتلاف الثلاثي الحاكم بهذه الجولة بعد أن قاطعا الجولة الأولى للحوار التي عُقدت يوم 16 أكتوبر/تشرين الأول الماضي. وسيتم خلال جلسة الحوار "وضع خريطة طريق سياسية تحدد المواعيد الانتخابية القادمة واستكمال صياغة الدستور"، وفقا لما جاء في وكالة الأنباء التونسية الرسمية. وضع البلاد وبحسب المصدر ذاته فإن محاور الحوار الوطني ستتطرق إلى الوضع العام في البلاد حيث ينتظر أن يُناقش موضوع "الإرهاب"، ومواضيع أخرى من ذلك تحييد الإدارة والمساجد والمؤسسات التربوية والجامعية. ويأمل المشاركون أن يمكنهم الحوار من "الوصول إلى وفاق وطني يختصر الفترة الانتقالية ويساعد على تجاوز المسائل الخلافية التي عطّلت عملية الانتهاء من صياغة الدستور وضبط روزنامة واضحة للاستحقاقات القادمة"، وفقا لوكالة الأنباء التونسية الرسمية. يشار إلى أن المرزوقي دافع خلال كلمته عن حق المنقّبات في دخول قاعات الامتحانات في مؤسسات البلاد التربوية، معربا عن استغرابه من "ممارسة أي نوع من التمييز على المواطنين بسبب طريقة ممارستهم لدينهم أو بسبب لباسهم". ولم يرق هذا الموقف لعدد من مسؤولي منظمات وجمعيات المجتمع المدني الذين قاطعوا كلمة المرزوقي بالصراخ، ثم انسحبوا من الجلسة الافتتاحية للجولة الثانية من الحوار الوطني، تعبيرا عن رفضهم لخطاب المرزوقي. واعتبرت رئيسة جمعية "كلنا تونس آمنة" آمنة منيف، إضافة إلى عدد من أعضاء جمعية "النساء الديمقراطيات" وشبكة "دستورنا"، أن خطاب المرزوقي تضمن مواقف "مُخجلة"، واصفة إياه بأنه "لعبة سياسية". يذكر أن قادة سياسيين بينهم المرزوقي والرئيس السابق للحكومة التونسية حمادي الجبالي، كانوا قد دعوا في الجولة الأولى للحوار إلى أوسع توافق ممكن للتعجيل بصياغة الدستور وتحديد موعد الانتخابات القادمة. اخبارية نت – الجزيرة نت