قال البيت الأبيض الأميركي إن الرئيس باراك أوباما سيستخدم حق النقض (فيتو) ضد مشاريع قوانين يسعى الجمهوريون من خلالها لخفض الإنفاق العام، في حين تصاعدت لهجة الانتقادات المتبادلة بين الجمهوريين والديمقراطيين في اليوم الرابع من الشلل الذي أصاب دواوين الحكومة بعد أزمة الميزانية. وقال أوباما إنه سيستعمل حق النقض ضد الإجراءات المجزأة التي عرضها الجمهوريون والتي رفضها مجلس الشيوخ الذي يسيطر عليه الديمقراطيون. وبينما وصف البيت الأبيض، نهج الجمهوريين، بأنه غيرُ مسؤول وغير جاد في إدارة الشؤون الحكومية، شن الجمهوريون أمس الجمعة هجوما مضادا حيث حمَّل رئيس مجلس النواب جون بوينر خصومه الديمقراطيين مسؤولية ذلك التعطيل. وأبدى بوينر استعداده للحوار مع إدارة الرئيس أوباما واستئناف العمل في المؤسسات الحكومية الاتحادية بكامل طاقتها. ورد أوباما على تلك التصريحات بالقول "سأكون سعيداً بالتفاوض مع الجمهوريين والسيد بوينر لكن ليس تحت التهديد" وذلك أثناء نزهة غير معتادة برفقة جو بايدن نائب الرئيس خارج البيت الأبيض لشراء سندويشات من محل مجاور، في مشهد نادر الحدوث. واقترح الرئيس وحلفاؤه الديمقراطيون، الذين يشكلون الغالبية بمجلس الشيوخ، التفاوض رسمياً حول ميزانية طويلة الأجل لكنهم يشترطون أن يصوت مجلس النواب الذي يسيطر عليه الجمهوريون على قانون مالي لستة أسابيع من أجل إعادة فتح كامل الإدارات الاتحادية. وتبنى الجمهوريون إستراتيجية إعادة فتح الهيئات الاتحادية تدريجياً بدءاً من الحدائق العامة والمتاحف والنصب الوطنية. لكن الديمقراطيين رفضوا هذه الإستراتيجية "المجزأة" واعتبروها "مخادعة". من جهة أخرى اعتبر وزير الخارجية جون كيري أن الأزمة المالية التي تتخبط فيها بلاده قد تضعف الولاياتالمتحدة في العالم. وقال كيري أثناء مؤتمر صحفي عشية افتتاح منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ (أبيك) في جزيرة بالي الإندونيسية "إذا استمرت الأزمة أو تكررت فقد يبدأ الناس يشكون في إرادة الولاياتالمتحدة في الاستمرار وقدرتها على ذلك، لكن الأمر ليس كذلك ولا أظن أن يحصل ذلك". تداعيات الأزمة يأتي ذلك في وقت حذر فيه البيت الأبيض الجمعة من أن مكتب إدارة الأصول الأجنبية بوزارة الخزانة المنوط به تطبيق العقوبات الأميركية على إيران ربما لا يتمكن من تصريف مهامه نظرا لتسريح موظفيه في إجازة بعد الشلل الذي أصاب دواوين الحكومة جراء أزمة الميزانية. وفي تطور جديد يُضفي على الأزمة تعقيداً، تستعد الشركات العاملة من الباطن في القطاع الدفاعي بالولاياتالمتحدة لمنح آلاف الموظفين إجازة غير مدفوعة إن استمر الإغلاق الجزئي للحكومة. فعدم توصل الديمقراطيين والجمهوريين بالكونغرس لاتفاق حول ميزانية الدولة تسبب بعرقلة العقود العسكرية، ذلك أن وزارة الدفاع (بنتاغون) وجدت نفسها بدون أموال للقيام بعمليات تفتيش وتدقيق إلزامية. وفي غياب عمليات التفتيش هذه لا تستطيع الشركات المتعاقدة بمجال الدفاع الاستمرار في صنع طائرات أو سفن حربية وغواصات وأسلحة أخرى، حتى وإن كان لديها أموال من عقود سبق وتمت الموافقة عليها. وأعلنت المجموعة العملاقة بالصناعات الجوية والفضائية، لوكهيد مارتن، وهي أبرز شركة معنية بأكبر برنامج تسلح بالتاريخ الأميركي المتمثل بالطائرة المطاردة إف 35، الجمعة، أن نحو ثلاثة آلاف موظف سيوضعون في إجازة غير مدفوعة الاثنين، وهو رقم مرشح للارتفاع إن استمر الإغلاق الحكومي بواشنطن. وتعتزم شركة سيكورسكي المتفرعة عن يونايتد تكنولوجيز المصنعة للمروحية العسكرية بلاك هوك بدورها وضع ألفي شخص في إجازة غير مدفوعة اعتباراً من يوم الاثنين، وذلك أيضاً بسبب غياب مفتشي البنتاغون. وكان أوباما قد اضطر أمس الجمعة إلى إلغاء جولة آسيوية كان مزمعاً أن يقوم بها الأسبوع القادم نظراً للشلل الذي أصاب الدوائر الحكومية في ظل استمرار أزمة الموازنة الاتحادية مع الكونغرس.