شددت السلطات الأمنية الجزائرية منذ الساعات الأولى لنهار اليوم السبت إجراءاتها في شوارع العاصمة وأمام الوزارات والمؤسسات الإستراتيجية تحسبا لثلاث مسيرات جديدة تعتزم بعض قوى المعارضة تنظيمها. وبالتزامن مع ذلك دعا رئيس حركة مجتمع السلم (حمس) أبو جرة سلطاني في تصريح له إلى الانتقال مما وصفها بالديمقراطية الشكلية إلى الديمقراطية الحقيقية في الجزائر. وقبل أن تنطلق مسيرة المعارضة المنضوية ضمن ما يعرف باسم "التنسيقية الوطنية من أجل التغيير والديمقراطية"، سيطر متظاهرون مؤيدون للرئيس عبد العزيز بوتفليقة على ساحة بوسط العاصمة كانت المعارضة تعتزم تنظيم مسيرتها فيها. وقال شهود عيان إن العشرات من الشباب المؤيد للرئيس بوتفليقة، وعددهم لا يتجاوز الخمسين فردا، تصدوا وأبعدوا زعيم حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية سعيد سعدي وأنصاره من الساحة، رافعين لافتات مؤيدة لسياسة بوتفليقة وأن "بوتفليقة ليس مبارك". كما مُنع سعيد سعدي من الوصول إلى حي المندية في قلب العاصمة الجزائرية. وقررت هذه المعارضة تنظيم ثلاث مسيرات تنطلق من حي حسين داي إلى ساحة أول مايو بالعاصمة، ومن حي المدنية إلى مبنى التلفزيون في الوسط، ومن حي البنيان إلى ساحة شهداء غرب العاصمة. وفي وهران -كبرى مدن الغرب الجزائري- كان من المقرر تنظيم مسيرة دعت إليها نفس الجهات المعارضة التي قالت إن السلطات حظرتها. وتصدت قوات الأمن لثلاث مسيرات سابقة، غير أن الانقسامات التي شهدتها التنسيقية نفسها، إضافة إلى فشلها في استقطاب المواطنين، جعلها غير مؤثرة في الشارع الجزائري. يذكر أن حالة الطوارئ المفروضة منذ 19 عاما في الجزائر جرى رفعها يوم 24 فبراير/شباط الماضي. دعوة من جهة أخرى، قال رئيس حركة مجتمع السلم (حمس) أبو جرة سلطاني –الذي تشارك حركته في التحالف الرئاسي- إن كل الشروط متوفرة للانتقال من ما وصفها بالديمقراطية الشكلية إلى الديمقراطية الحقيقية في الجزائر، على أساس التناوب على السلطة والحريات السياسية وحرية الرأي والتعبير والحريات النقابية. واعتبر في تصريح له اليوم أن استكمال مسيرة استقلال البلاد مرهون بمعركتين على الوطن خوضهما لبلوغ التغيير، وهما الانفتاح السياسي وتأهيل الشباب. وقال سلطاني إن الانفتاح السياسي يتوقف على أربعة محاور أساسية وهي: مراجعة الدستور وقانون الانتخابات، وضمان شفافية الانتخابات المقبلة، وفتح الحقل الإعلامي، وضمان حق ممارسة النشاط النقابي. ويرى أن الانفتاح السياسي من شأنه تسهيل عملية مرور سلمي وسلس نحو الديمقراطية التي يتطلع إليها الشعب الجزائري، داعيا الطبقة السياسية في الجزائر إلى الترفع عن ما سماها الانشقاقات والاختلافات وتغليب لغة الحوار والتشاور. تعهد من جهة أخرى، تعهد حزب جبهة القوى الاشتراكية المعارض في الجزائر بمواصلة النضال حتى إسقاط النظام، ودعا إلى إزالة الحواجز والعوائق التي قال إنها تمنع الجزائريين من ممارسة حق التعبير بحرية. وأكد الأمين العام للحزب كريم طابو في تجمع حاشد أمس الجمعة في قاعة الأطلس بالعاصمة الجزائر حضره ممثلون لأحزاب سياسية من المغرب وتونس ومنظمات المجتمع المدني، أن حزبه لن ينجر وراء العنف. بيد أنه أوضح أن حزبه "سيناضل قطرة قطرة إلى أن ينكسر النظام"، معتبرا أن الشعب الجزائري يتقاسم تطلعات شعوب المنطقة المتضمنة مزيدا من الحرية والعدالة والمساواة، ومشيرا إلى أن العالم الجديد الذي يتشكل الآن "يمكننا المشاركة في بنائه حتى لا يتكون في غيابنا أو ضدنا"