محمود جمعة-القاهرة تجددت في مصر مظاهرات عناصر الشرطة من الأمناء والأفراد المطالبين بتحسين أوضاعهم المعيشية ومساواتهم في مزايا العلاج والمسكن مع الضباط، وسط مخاوف من تدبير قيادات في الداخلية لهذه المظاهرات لعرقلة مهمة وزير الداخلية الجديد منصور العيسوي. وانضم مئات المدنيين العاملين في وزارة الداخلية يوم الثلاثاء إلى نحو ألفين من أمناء الشرطة والمندوبين أمام مقر الوزارة في القاهرة، مرددين هتافات تطالب بإقالة الوزير الحالي ورفع رواتبهم إلى 1200 جنيه شهريا (202 دولار أميركي) كحد أدنى، وعودة العمل بآلية ترقية الحاصلين منهم على مؤهلات عليا ومتوسطة، وإلغاء المحاكمات العسكرية لهم. وقال أحد أمناء الشرطة في المظاهرة إن أجره لا يتجاوز 600 جنيه، ويعمل نحو 12 ساعة يوميا، كما أنه وزملاءه محرومون من العلاج في مستشفيات الشرطة أسوة بالضباط. وأضاف "نعاني تمييزا من الدولة ومعاملة غير لائقة من الضباط، رغم أننا نتحمل 90% من العمل الشرطي ومخاطره". وأضاف شرطي آخر أن العديد من الأمناء يشاركون في المظاهرة تضامنا مع زملائهم الذين فصلوا بشكل تعسفي في فترات سابقة، وحصلوا على وعود من الوزير الأسبق محمود وجدي بالعودة لعملهم دون تنفيذ. وطالب بمحاسبة القيادات الأمنية في الداخلية المسؤولة عن قتل المتظاهرين خلال الثورة "لتتبرأ ساحتنا أمام الناس بدلا من النظرة العامة لكل أفراد الشرطة بأنهم مجرمون". وطوقت عربات الأمن المركزي وقوات من الجيش المظاهرة خوفا من اختراق أمناء وأفراد الشرطة المتظاهرين الطوق الأمني والدخول إلى الوزارة، مما أدى إلى تحرك بعضهم في مسيرات إلى مقر الحكومة المجاور لمبنى وزارة الداخلية. وخرج وزير الداخلية منصور العيسوي من مكتبه للقاء أفراد الشرطة والعاملين المدنيين المتظاهرين ووعدهم ببحث مطالبهم والعمل على حلها سريعا، كما وعدهم بالعمل على توفير أفضل رعاية صحية واجتماعية ومادية لهم ولأسرهم، باعتبارهم جزءا لا يتجزأ من منظومة العمل الأمني داخل البلاد. تحد كبير وما زال جهاز الشرطة يمثل تحديا رئيسيا أمام الحكومة، ففي حين تواجه ضغوطا من أفراد الشرطة المطالبين بتحسين أوضاعهم الوظيفية والمعيشية، تلح المنظمات الحقوقية والقوى الوطنية وأسر شهداء وضحايا الثورة على محاكمة الشرطة المتورطين في إطلاق النار وقتل المتظاهرين خلال ثورة 25 يناير. واستبعد المستشار الإعلامي لجمعية "الشرطة والشعب لمصر"، طارق العوضي، وجود محاولات من قيادات أمنية بتأجيج احتجاجات الشرطيين لتعقيد مهمة وزير الداخلية الجديد. لكنه قال إن الدولة ما زالت متلكئة في الحلول العملية لاستعادة الأمن بالشارع من ناحية، وإعادة تأهيل أفراد الشرطة من ناحية ثانية، خاصة أن ثورة 25 يناير "كانت درسا قاسيا للشرطة، لكنه مطلوب لإعادة صياغة العلاقة بين المؤسسة الأمنية والمجتمع". واعتبر أن الحل يكمن في محاكمة عادلة للضباط والقيادات الأمنية المتورطة في قتل متظاهري الثورة، وكشف ملفات الفساد الأمني التي ارتبطت بفترة تولي الوزير الأسبق حبيب العادلي المسؤولية، بالتوازي مع برنامج تأهيل نفسي لأفراد الشرطة وآخر لتحسين رواتبهم والخدمات العلاجية والاجتماعية المقدمة لهم. وأشار العوضي إلى أن التردي الأمني قد يستمر عاما أو أكثر، وأن النقص الحادث في صفوف الضباط بسبب استقالات العديد منهم يمكن تعويضه بتعيين خريجي كليات الحقوق في السلك الشرطي، باعتبارهم من دارسي القانون وأعرف الناس به وبتطبيقه. وطالب بوضع آلية جديدة لاختيار المتقدمين لكلية الشرطة، كاشتراط أن يكونوا من المتفوقين علميا وتمتعهم بوعي اجتماعي وثقافي عاليين، وأن يكونوا ممثلين لكافة شرائح المجتمع، منتقدا قصر اختيار أفراد الأمن (جنود الأمن المركزي) على الشرائح المتدنية التعليم، داعيا لاستبدال متطوعين بهم، يعينون في وزارة الداخلية ليتاح إكسابهم الخبرة بمرور الوقت ومحاسبتهم إذا ارتكبوا أخطاء. مدن أخرى وتزامنا مع مظاهرات الشرطة في القاهرة تظاهر أكثر من 400 شخص من العاملين بوزارة الداخلية بمحافظة المنوفية أمام مقر مديرية الأمن. وفى الغربية نظم عدد كبير من أمناء الشرطة والخفراء أمام مديرية الأمن احتجاجا على الفرق الكبير في المرتبات والحوافز مع ضباط الشرطة، كما طالبوا بضغط ساعات العمل لهم وتنظيم المناوبات بينهم بشكل عادل. وفى الشرقية تظاهر أيضا عدد كبير من أفراد وأمناء الشرطة أمام مقر مديرية الأمن للمطالبة بنفس مطالب زملائهم في بعض المحافظات ومن بينها القاهرة. وقد نفى أمناء الشرطة مسؤوليتهم عن الحريق الذي اندلع مساء الثلاثاء بمبنى شؤون الأفراد التابع لوزارة الداخلية بوسط القاهرة، وأكدوا أن الحريق مدبر للإساءة إلى مظاهراتهم السلمية. وكانت النيران قد امتدت إلى مبنى الاتصالات الكائن بوزارة الداخلية، وهو من المباني الهامة جدا في وزارة الداخلية، وانتقلت على الفور إلى عدد من سيارات الدفاع المدني، وقد تولت النيابة التحقيق في الحادث.