محمد النجار-عمان نفذت أجهزة الأمن الأردنية ليلة أمس حملة اعتقالات ودهم شملت قيادات وعناصر التيار السلفي الجهادي بعد المواجهة بين منتمين للتيار وقوات الأمن بمدينة الزرقاء الجمعة، فيما يرى مراقبون أن جولة جديدة من المواجهة فتحت بين الأردن والتيار. وقال القيادي البارز في التيار جراح الرحاحلة للجزيرة نت إن قوة كبيرة من الأمن دهمت منزله وثلاثة منازل مجاورة بمدينة السلط بحثا عنه، متهما قوات الأمن ب"ترويع الأطفال والنساء والاعتداء على الجيران". وكشف عن تعرض منازل لمنتمين للتيار للدهم بمدينة السلط ومنازل آخرين في عمان وغيرها. وقال إن الجرحى الأربعة في مستشفى الحاووز بالزرقاء من أبناء التيار باتوا معتقلين وإن حراسة أمنية وضعت عليهم لاعتقالهم فور انتهاء علاجهم. وكانت قوات الأمن الأردنية اعتقلت منتصف ليلة الجمعة منظر التيار في شمالي الأردن أبو محمد الطحاوي أثناء مغادرته مكتب قناة الجزيرة في عمان بعد إنهائه مقابلة انتقد فيها رواية الأمن لأحداث الزرقاء. فيما تحدثت زوجة القيادي البارز سعد الحنيطي للجزيرة نت عن دهم منزل زوجها جنوبي عمان واعتقاله مع شقيقيه ليلة أمس بعد أن تم ضربه بشكل مبرح، كما قالت. وكان الحنيطي قبل اعتقاله بدقائق يتحدث للجزيرة نت عن تعرضه لإطلاق نار من مدنيين بمنطقة المقابلين جنوبي عمان وأن آثار الرصاص موجودة على سيارته. وأعلن مدير الأمن العام الفريق حسين المجالي في مؤتمر صحفي مساء الجمعة عن اعتقال 17 من منفذي اعتصام الزرقاء وأن هناك بحثا عن عدد آخر ممن شاركوا بالأحداث. وقال المجالي إن 83 من رجال وضباط الأمن أصيبوا بأحداث الزرقاء منهم أربعة إصاباتهم خطيرة نظرا لتعرضهم للطعن بآلات حادة. واتهم أعضاء التيار السلفي الجهادي بأن لديهم "نية مبيتة" للاعتداء على رجال الأمن وأنهم تعرضوا لمواطنين رغم حماية الأمن العام لاعتصامهم الذي استمر لساعتين بمدينة الزرقاء بعد صلاة الجمعة أمس "باعتبارهم مواطنين وبغض النظر عن أفكارهم". وتعهد المجالي ب"قبضة حديدية" لكل من يحاول المساس بالنظام العام، وقال إن نظرية الأمن الناعم ستستمر لكل من يستحقها وأنه من الآن فصاعدا سيتم التعامل بخشونة مع من يستحقها. وبحسب القيادي الرحاحلة فإن الاعتصام جرى بتعاون كامل مع الأمن ودون أي إخلال بالنظام العام متهما من أسماهم "البلطجية" بالاعتداء عليهم بالحجارة والشتائم نافيا طعن أو إيذاء أي رجل أمن. الفتنة العظيمة من جهته تبرأ القيادي البارز في التيار السلفي التقليدي الشيخ علي الحلبي من أحداث الزرقاء، واعتبر في بيان نشره على موقع كل السلفيين أن رجال الأمن والدرك راقبوا وحرسوا المكان واصفا ما جرى ب"الفتنة العظيمة". وتبرأ الحلبي من اعتصامات السلفية الجهادية وقال إنها "لا تتوافق مع الشرع"، وقال إن الدعوة السلفية "دعوة أمن وإيمان وأمان". ويرى مراقبون إن ما شهدته الزرقاء ربما يدفع لمواجهة جديدة بين الأمن الأردني والتيار السلفي الجهادي. رسالة سلبية ويرى الباحث في مركز الدراسات الإستراتيجية الدكتور محمد المصري أن ما جرى الجمعة ربما يكون رسالة سلبية للسلفية الجهادية بأن اللجوء لوسائل التعبير الحضارية "ليس مجديا". وتابع للجزيرة نت "هناك من السلفية الجهادية من سيقول لزملائه إن مثل هذه الوسائل ليست مجدية ويدفع لمواجهة مسلحة". وبحسب المصري فإن أجهزة الأمن الأردنية "وضعت نفسها في مأزق"، وقال "بدلا من استثمار مراجعات السلفيين الجهاديين الموصوفين بالتكفيريين ولجوئهم لأساليب متوافقة مع النظام العام تم اللجوء لمواجهة معهم". وقال "نشهد في الشارع العربي ومنه الأردني شارعا يتطور سياسيا ويخرج من الناس أفضل ما عندهم، تواجهها الأنظمة وأجهزتها بالعنف والبلطجة في سيناريو بات متكررا". وقال "الشارع الأردني يحسد على أنه الوحيد الذي يطالب بإصلاح النظام بينما تهتف شوارع أخرى بإسقاط النظام". وبرأيه فإن الملك عبد الله الثاني "لديه فرصة ذهبية تاريخية بأن يقود تحولا سياسيا من موقعه المجمع عليه في الشارع الأردني وهو موقع إجماع لا تحظى به أي قيادة عربية أخرى". يشار إلى أن السلفية الجهادية نفذت على مدى شهرين سبع فعاليات في عمان ومعان والسلط وإربد والزرقاء للمطالبة بالإفراج عن معتقليهم في السجون والبالغ عددهم نحو ثلاثمائة ومنهم منظر التيار أبو محمد المقدسي الذي يحاكم حاليا أمام محكمة أمن الدولة بتهمة دعم حركة طالبان وتجنيد شبان للقتال في العراق