أنا مسيحي ..جملة أراد صديقي محمد ان يصرف به أحد الباعة المتجولين بالكتب الدينية المؤرخة لسيرة النبي الاكرم و صحابته رضوان الله عليهم ، فالباعة المتجولون في أحياء القاهرة (لوكين) وبالذات مع الغريب، ولابد ان يعكر مزاجك أي واحد منهم قبل ان تنهره ويمضي بذنبك الى حال سيبله . وبغروبه اشرق بائع آخر ومعه هذه المرة أدوات حلاقة، فنظرت باستمتاع كيف سيتصرف معه صديقي محمد المعكر اساسا مزاجه على الاخر وهو يفكر بامور العمل والدراسة والسفر ومهموم جدا بالثورة، وقبل ان يعرض ما لديه من حاجيات ذات مواصفات عاليه وزهيدة الثمن بلهجته المصرية السريعة جدا..قال له محمد بابتسامة منغاضة وهو مشابك اسنانه انا مسيحي بس اليوم اعلنت اسلامي ولن أحتاج بعد اليوم لأدوات الحلاقة ولا لأي من هذه الاشياء التي تحملها، فمن اليوم وصاعدا سأطلق لحيتي ولن اهذب شاربي ولن استخدم الشامبو ولا العطر ولا أي نوع من هذه الانواع المستوردة من امريكا واسرائيل .. وهنا هلل الرجل واستبشر واطلق التبريكات والتحيات والصلوات المباركات وقرأ المعوذات وقال الله اكبر الله واكبر، ووقفت انا وصديقي مندهشين مما صنع الرجل وقد احدث ضجة في المكان ولفت كل الانظار الى حيث هو (يبترع) .. سحب الكرسي القريب وجلس بجانبنا بعد أن نسى ما جاء من اجله وبدأ يحدث صديقي عن الاسلام وفضائله شاكرا الله وممتنا له بان هدى محمد....الخ
كان الضحك يملئ قلبي وانا مشابك اسناني بقوة لكيلا انفجر ضاحكا وقد رأيت صديقي في موقف لا يحسد عليه .. وتذكرت كل الامثال العربية والشعبية ك(جنت على نفسها براقش وكالمستجير من الرمضاء بالنار ومش كل مرة تسلم الجرة... الخ) يعني محمد صرف بائع الكتب وجاء له صاحب أمواس الحلاقة ليقطع حديثنا ووقتنا اربا اربا .. وفور انقشاعه سألت محمد لماذا نسى الرجل امور البيع والشراء وبدأ كما لو انه ولي امر المسلمين،،هل نحن بحاج الى مزيد من المسلمين لكي نغتبط باسلام هذا او ذاك؟؟وقد بلغ تعداد المسلمين اليوم مليار مسلم لا يصلي منهم سوى عشرة بالمائة، ولا يقول الصدق منهم ويتحلى بالامانة والوفاء سوى واحد بالمائة ؟ فأجابني محمد وقال: يا صديقي إن خرج من الاسلام هؤلاء المفخخون وأصحاب العبوات الناسفة والعقول المتجحرة وأصحاب فتاوى القتل والتدمير واللحى السوداء والبيضاء والحمراء ودخل بدلا عنهم مسيحيون أسلموا لما سمعوا وقرؤوا عن دين التسامح والتعايش.. دين إسلامي حنيف يجرم القتل والسرقة والزنا والغش والنفاق ..إن حدث هذا فصدقني إن الاسلام سيتعافى وسيعود الى سابق مجده ويسود أهله الدنيا .. تذكرت اليوم هذا الموقف وأنا اتابع الاخبار الواردة من صنعاء وتفيد باقتحام السفارة الامريكية من قبل محتجين على الفيلم المسئ لرسولنا الاعظم صلوات ربي وسلامه عليه وآله، وبالأمس أيضاً وردت الأخبار بتفجير انتحاري في صنعاء راح ضحيته ستة قتلى وعدد من الجرحى، وتذكرت تفخيخ مجالس العزاء في أبين وتفجير بيوت الناس في عدن..وتساءلت مرة أخرى هل النبي راضٍ عن هؤلاء الناس وهم يقتلون اخوة لهم بلا رحمة بل إنهم اليوم غير قادرين على العيش بدون سفك الدماء ..وأي دماء؟؟ دماء المسلمين دماء العرب .. هل من طريقة أخرى غير القتل نستطيع أن ندافع بها عن ديننا ونبينا الأكرم ؟