أدى رفض الرئيس اليمني التنحي إلى تزايد الضغوط على البيت الأبيض لقطع المساعدات الأمريكية عن اليمن، لكن ليس من المرجح أن يحدث ذلك فارقاً كبير في وضع يتدهور بسرعة كبيرة رغم جاذبية هذا الخيار . وما من شك في أن الولاياتالمتحدة ليس أمامها فيما يبدو خيارات جيدة في ما يتعلق باليمن كما ليس لديها تأثير يذكر في مسار الأحداث هناك رغم أنها ترسل نحو 300 مليون دولار من المساعدات إلى اليمن سنوياً . بعثت واشنطن إشارة إلى صالح مفادها أن عليه التنازل عن السلطة من خلال التحذير من أنها ربما تعيد النظر في أمر المساعدات، لكن خبراء يقولون إن قطع المساعدات لن يؤدي سوى إلى تراجع النفوذ الأمريكي أكثر في بلد له أهمية محورية لجهود الولاياتالمتحدة في محاربة الإرهاب، كما أنه ليس من المرجح أن تؤدي هذه الخطوة إلى تغيير حسابات صالح في ما يتعلق بمسألة رحيله عن السلطة . ويمثل عدم وجود خيارات كثيرة عبئاً بالنسبة للولايات المتحدة لأن من المتوقع أن يكثف تنظيم القاعدة في جزيرة العرب المتمركز في اليمن والذي يثير قلق الولاياتالمتحدة بالفعل من عملياته بعد أن قتلت قوات أمريكية زعيم القاعدة أسامة بن لادن . وقال مسؤول أمريكي ل”رويترز” إن جون برينان مسؤول البيت الأبيض لشؤون مكافحة الإرهاب اتصل بصالح بنفسه للضغط عليه كي يقبل اتفاق نقل السلطة رسمياً . وحذر برينان من أنه في حالة عدم حدوث ذلك فسوف تنظر واشنطن في خيارات أخرى . ولم يتضح بعد ما إذا كان البيت الأبيض سينفذ تهديداته . وهناك اتفاق بين الخبراء على أن النفوذ الأمريكي محدود في ما يتعلق باليمن . وقالت باربرة بودين وهي سفيرة أمريكية سابقة في اليمن لرويترز “ما هي الخيارات المتاحة لدينا لفرض تسوية ما؟” وأضافت “لا أعتقد حقاً أن العقوبات ستساعدنا على حسم المسألة . . وبالطبع التهديدات لن تفلح” . وتبرز المعضلة التي تقابلها واشنطن في اليمن مشكلة تواجهها الولاياتالمتحدة على مستوى العالم في محاربة المتشددين بمساعدة حكومات مثار قدر من الجدل . وعزز استمرار العنف في صنعاء مخاوف من أن اليمن ربما يصبح دولة فاشلة مثل الصومال إلى جانب حدوث ذلك على أعتاب المملكة العربية السعودية أكبر مصدر للنفط في العالم . ويقل دخل أكثر من 40 في المئة من سكان اليمن عن دولارين في اليوم في حين أن ثلثهم يعاني جوعاً مزمناً . وقال مارك تونر المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية “الفوضى الحالية تمثل بالفعل مشكلات تثير قلقنا، الافتقار المتواصل للأمن وأثره المحتمل في قدرة تنظيم القاعدة في جزيرة العرب على التدخل” . وأضاف “لكن مرة أخرى يعزز هذا من حقيقة أن الرئيس صالح يجب بالفعل أن يوقع على الاتفاق وأن يضع اليمن على الطريق نحو تسوية سياسية” .
ويقول مسؤولون أمريكيون طلبوا عدم نشر أسمائهم إن الاضطرابات السياسية صرفت أنظار صالح عن محاربة القاعدة . ويتهم البعض أوباما بأن حساباته خاطئة في ما يتعلق بعدم تبني موقف أكثر صرامة تجاه صالح في وقت سابق معتمداً بدلاً من ذلك على تصريحات حذرة سعت لتحقيق توازن بين التعبير عن الخوف من العنف ودعوة المحتجين للتفاوض .
وقال جريجوري جونسن وهو خبير في شؤون اليمن إن الولاياتالمتحدة أمضت وقتاً كبيراً في التحري حول شكل الدولة التي ستكون من دون صالح وأعاقها الخوف من قدر أكبر من الاضطرابات . وأردف قائلاً “السؤال الذي كانوا يحتاجون إلى طرحه هو . . ماذا سيكون شكل اليمن إذا استمر الرئيس صالح في حكمه؟ ما أدركته الولاياتالمتحدة هو أن الشكل الذي سيبدو عليه اليمن إذا ظل الرئيس صالح في السلطة سينطوي على مشكلات عدة بالنسبة للولايات المتحدة وخاصة بالنسبة للاعتبارات الأمنية للولايات المتحدة .”
لكن عندما يتعلق الأمر بالخيارات في اليمن يرى جونسون أنه لاتوجد حلول سهلة وأضاف “أعتقد أن ما يحدث حالياً هو خارج نطاق التدخل الخارجي” .