باتت القضية الجنوبية تحتل مكان الصدارة في المشهد السياسي اليمني، بل إن حلها ومعالجة تداعياتها يحدد مستقبل البلاد ونظام الحكم فيه، ويمتد تأثيره إقليمياً ودولياً، والأهم في الكيفية التي ستحل بها القضية وأثرها في وحدة الجمهورية اليمنية، التي قامت بعد دمج جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية والجمهورية العربية اليمنية في العام ،1990 وشهدت حرباً أهلية عرفت بحرب صيف ،1990 أقصي بعدها الحزب الاشتراكي اليمني بقياداته وكوادره من منظومة الحكم، وهو الذي كان يحكم جنوب البلاد حتى العام ،1990 لينفرد الرئيس السابق علي عبدالله صالح بالحكم، حتى إخراجه من موقع رئاسة اليمن بعد ثورة احتجاجية شعبية اندلعت ضد حكمه مطلع العام الماضي، فيما كانت قامت حركة احتجاجية سلمية مبكرة في جنوباليمن ضد نظامه في 7 يوليو/تموز ،2007 عرفت لاحقاً بالحراك الجنوبي السلمي . إلا أن مواقف الناشطين السياسيين في المحافظات الشمالية إزاء القضية الجنوبية تختلف بالنسبة لحلها عما هو موقف الجنوبيين، إلا أنهم يقرون بأن الجنوب والجنوبيين تعرضوا لانتهاكات شتى، ناهيك عن تعرضهم لاستباحة النظام السابق . صحيفة “الخليج”تسعى من خلال ضيوف ندوة نظمتها في مدينة عدن وأخرى في صنعاء، لتقديم تعريف للقضية الجنوبية والإشكاليات القائمة أمام قوى الحراك الجنوبي السلمي لجهة تمثيلها والمشاركة في مؤتمر الحوار الوطني اليمني الشامل المفترض انطلاقه في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، وفقاً لبنود التسوية السياسية التي قامت على أساس المبادرة الخليجية الموقعة بين أطراف النزاع السياسي في نوفمبر العام الماضي .
شارك في الحوار كل من الجنوب: قاسم داؤود، (الناشط السياسي، السكرتير الثاني لمنظمة الحزب الاشتراكي اليمني في محافظة عدن)، العميد ناصر الطويل، (أمين عام الحراك الجنوبي في عدن)، ويعد أحد ابرز القياديين العسكريين المتقاعدين، الذين أشعلوا شرارة الحراك الجنوبي الاحتجاجي السلمي ضد نظام الرئيس صالح في العام ،2007 الدكتور سالم سعيد الهامل، (الناشط السياسي، أستاذ جامعي في كلية العلوم الإدارية بجامعة عدن)، محمد عمر زين السقاف، (الناشط السياسي، عضو الهيئة العليا في التكتل الوطني الجنوبي الديمقراطي)، وشارك من الشمال: عبده غالب العديني (رئيس الدائرة السياسية في التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري)، وعبدالله علي صبري (ناشط سياسي وكاتب صحفي)، ونائف القانص (الناطق باسم تكتل اللقاء المشترك) .
“الخليج«: في البدء كيف يمكن توصيف القضية الجنوبية من وجهة نظركم كناشطين سياسيين ارتبطتم بها؟
قاسم داؤود: القضية الجنوبية تعني الشعب في الجنوب، وهو صاحب الحق بها . وللقضية بعدان، سياسي وحقوقي خصوصاً لجهة بعض الإجراءات التي حصلت بعد حرب ،94 فقد دخل الجنوب في الوحدة مع الشمال في عام 90 وبعدها حصل انقلاب على الوحدة، حيث تحول الجنوب بعد الحرب العدوانية الظالمة في عام 94 من شريك في مشروع الوحدة إلى شعب واقع تحت الاحتلال .
الوضع الذي واجهه الجنوب يتمثل في مشروع استهدف تاريخه واستهدف المجتمع الجنوبي بذاته، ومقومات المجتمع الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والروحية واستهدف مؤسسات دولة الجنوب وحتى طموحات الجنوبيين بأن يعيشوا في وضع أفضل، ليس كما يقال إن الحرب استهدفت فقط السياسات التي اتبعت في الجنوب قبل الوحدة، أو أنها استهدفت مجموعة أو شريحة معينة، فلو كان هذا الذي حصل لكنا قلنا هذا أمر آخر، أي استهداف الحزب الاشتراكي أو السلطة التي كانت في الجنوب، لكن الذي اتضح أن المشروع استهدف كل الجنوبيين من دون استثناء من الإنسان الأمي إلى السياسي، من الفقير إلى رجل الأعمال من الجنوبيين، أكانوا داخل الوطن أو الذين كانوا خارجه، فالمجتمع كله وجد نفسه مستهدفاً في تاريخه وفي حاضره ومستقبله، فالقضية مرتبطة بحق هذا الشعب أن يعيش في دولة، أن يعيش في تطلعات وان تكون له سيادة على أرضه