البرلماني بشر: تسييس التعليم سبب في تدني مستواه والوزارة لا تملك الحق في وقف تعليم الانجليزية    شركة النفط بصنعاء توضح بشأن نفاذ مخزون الوقود    السامعي يهني عمال اليمن بعيدهم السنوي ويشيد بثابتهم وتقديمهم نموذج فريد في التحدي    السياغي: ابني معتقل في قسم شرطة مذبح منذ 10 أيام بدون مسوغ قانوني    نجاة قيادي في المقاومة الوطنية من محاولة اغتيال بتعز    التكتل الوطني يدعو المجتمع الدولي إلى موقف أكثر حزماً تجاه أعمال الإرهاب والقرصنة الحوثية    دولة الأونلاين    مليشيا الحوثي الإرهابية تمنع سفن وقود مرخصة من مغادرة ميناء رأس عيسى بالحديدة    احتجاجات في لحج تندد بتدهور الخدمات وانهيار العملة    جمعية التاريخ والتراث بكلية التربية تقيم رحلة علمية إلى مدينة شبام التاريخية    النصر يودع آسيا عبر بوابة كاواساكي الياباني    اختتام البطولة النسائية المفتوحة للآيكيدو بالسعودية    "الحوثي يغتال الطفولة"..حملة الكترونية تفضح مراكز الموت وتدعو الآباء للحفاظ على أبنائهم    شاهد.. ردة فعل كريستيانو رونالدو عقب فشل النصر في التأهل لنهائي دوري أبطال آسيا    نتائج المقاتلين العرب في بطولة "ون" في شهر نيسان/أبريل    سالم العولقي والمهام الصعبة    يافع تودع أحد أبطالها الصناديد شهيدا في كسر هجوم حوثي    وفاة امرأة وجنينها بسبب انقطاع الكهرباء في عدن    لليمنيّين.. عودوا لصوابكم ودعوا الجنوبيين وشأنهم    الهند تقرر إغلاق مجالها الجوي أمام باكستان    13 دولة تنضم إلى روسيا والصين في مشروع بناء المحطة العلمية القمرية الدولية    هل سيقدم ابناء تهامة كباش فداء..؟    هزة ارضية تضرب ريمة واخرى في خليج عدن    نصف الراتب المتعثر يفاقم معاناة معلمي وأكاديميي اليمن    سوريا ترد على ثمانية مطالب أميركية في رسالة أبريل    مباحثات سعودية روسية بشان اليمن والسفارة تعلن اصابة بحارة روس بغارة امريكية وتكشف وضعهم الصحي    صدور ثلاثة كتب جديدة للكاتب اليمني حميد عقبي عن دار دان للنشر والتوزيع بالقاهرة    عيد العمال العالمي في اليمن.. 10 سنوات من المعاناة بين البطالة وهدر الكرامة    فاضل وراجح يناقشان فعاليات أسبوع المرور العربي 2025    انخفاض أسعار الذهب إلى 3315.84 دولار للأوقية    "خساسة بن مبارك".. حارب أكاديمي عدني وأستاذ قانون دولي    حرب الهيمنة الإقتصادية على الممرات المائية..    عرض سعودي في الصورة.. أسباب انهيار صفقة تدريب أنشيلوتي لمنتخب البرازيل    هل سمعتم بالجامعة الاسلامية في تل أبيب؟    غريم الشعب اليمني    جازم العريقي .. قدوة ومثال    العقيق اليماني ارث ثقافي يتحدى الزمن    إب.. مليشيا الحوثي تتلاعب بمخصصات مشروع ممول من الاتحاد الأوروبي    مليشيا الحوثي تواصل احتجاز سفن وبحارة في ميناء رأس عيسى والحكومة تدين    نهاية حقبته مع الريال.. تقارير تكشف عن اتفاق بين أنشيلوتي والاتحاد البرازيلي    الصحة العالمية:تسجيل27,517 إصابة و260 وفاة بالحصبة في اليمن خلال العام الماضي    اتحاد كرة القدم يعين النفيعي مدربا لمنتخب الشباب والسنيني للأولمبي    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    النقابة تدين مقتل المخرج مصعب الحطامي وتجدد مطالبتها بالتحقيق في جرائم قتل الصحفيين    برشلونة يتوج بكأس ملك إسبانيا بعد فوز ماراثوني على ريال مدريد    أطباء بلا حدود تعلق خدماتها في مستشفى بعمران بعد تعرض طاقمها لتهديدات حوثية    غضب عارم بعد خروج الأهلي المصري من بطولة أفريقيا    علامات مبكرة لفقدان السمع: لا تتجاهلها!    حضرموت اليوم قالت كلمتها لمن في عينيه قذى    القلة الصامدة و الكثرة الغثاء !    عصابات حوثية تمتهن المتاجرة بالآثار تعتدي على موقع أثري في إب    حضرموت والناقة.! "قصيدة "    حضرموت شجرة عملاقة مازالت تنتج ثمارها الطيبة    الأوقاف تحذر المنشآت المعتمدة في اليمن من عمليات التفويج غير المرخصة    ازدحام خانق في منفذ الوديعة وتعطيل السفر يومي 20 و21 أبريل    يا أئمة المساجد.. لا تبيعوا منابركم!    دور الشباب في صناعة التغيير وبناء المجتمعات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لاجئون أفارقة في اليمن، مضطهدون حتى بعد موتهم
احصائيات تقول أن عددهم وصل إلى 90 ألف لاجئ وحين رافقنا بعضهم سمعنا ما يعانوه من تمييز بسبب اللون والدين وهم غير الإنسانية لا يحتاجون لشيء سوى الإنسانية..
نشر في صوت الحرية يوم 27 - 12 - 2012

عبر البحر يصل المهاجرون الأفارقة إلى اليمن؛ بغية الاستقرار بها أو لكونها "دولة عبور" إلى السعودية.. وهناك شبكة مهربين في دول المنبع "افريقيا والقرن الأفريقي" دورها هو الترويج بأنها قادرة على تغيير حياة الشباب الاقتصادية ونقلها بشكل نوعي، ويتم الاتفاق معهم مسبقاً أنهم سيقومون بنقلهم إلى اليمن ومن ثم السعودية مقابل مبلغ مالي يُدفع مسبقاً قبل عملية التهريب..
تتم عملية التهريب عبر البحر فيصلون بهم إلى سواحل المخا وعدن وشبوة ويتم نقلهم إلى الحدود السعودية سيراً على الأقدام، وفي حالات كثيرة يتم رميهم على الشواطئ والانصراف، وفي حالات أخرى يتم تسليمهم للمهربين في اليمن الذين بدورهم يعملون على احتجازهم بالأحواش الخاصة أو بمناطق أخرى لم يتم حصرها حتى الآن.. ولا يتم الافراج عنهم إلا بعد تسليم مبالغ مالية أخرى غير التي تم الاتفاق عليها مسبقاً، وعادة ما يطلب المهربين مبالغ تتراوح بين 2000 إلى 3000 ريالاً سعودياً، وعند عدم تجاوب الأفارقة مع مطالب المهربين يتم تعذيبهم أقسى أنواع التعذيب، وخلال هذا يعملون على التواصل مع أقربائهم ويسمعوهم صراخه، وإن تم التجاوب يتم نقله للمرحلة الثالثة وإن لم يحصلوا على ما يريدون فمصيرهم يتم تحديده وفق نوعيه الرفض..

عرض المناطق التي يتواجد بها اللاجئون الأفارقة في خريطة أكبر..
انتهاكات جسدية
في مايو المنصرم تم ربط أحد الاثيوبيين وحيداً على الحدود اليمنية السعودية وتم العثور عليه بعد خمسة عشر يوماً وبعد أن هجمت عليه مجموعة كلاب ونهشت ظهره ثم جمبه ثم مؤخرته، وندرك أن عدم مقاومته لما تعرض له؛ هو الانهاك الشديد الذي عانى منه قبيل تعرضه للهجوم؛ بسبب انهاكه الشديد لعدم حصوله على الطعام والشراب فالكلاب لا تهاجم الكائن البشري إلا إذا كان غير قادر على صد أي نوع من أنوع الهجوم. رقد الشاب في الهلال الأحمر -حرض- ولم نستطع رؤيته وتصويره بسبب التكتيم على حالته بيد أن الأطباء قالوا حينها أن حالته الصحية سيئة للغاية، ولم نعرف مصيره هل توفي أم لا..
بالعودة إلى المرحلة الثالثة من التهريب فالأفارقة قالوا إن المرحلة الثالثة تتم حين تسليم المبالغ المالية لمهربي اليمن، حيث يتم نقلهم لمهربين آخرين في السعودية عبر دولة العبور "اليمن" ويكون استلامهم هناك من ذات الشبكة.. ويقولون أنهم يلاقون نفس المعاناة التي تعرضوا لها في اليمن، ناهيك عن أنهم إذا حصلوا على عمل فلا يتعدى راتبهم 150 ريال سعودي بالشهر وذلك بسبب أنهم غير معروفين ودخلوا بطريقة غير شرعية..
وفي صنعاء هناك العديد من الانتهاكات التي يتعرض لها الأفارقة وسنأتي على ذكرها أسفل هذا التقرير..
"حرض" دولة العبور..
مديرية "حرض" تقع في محافظة "حجة" اليمنية وهي على الشريط الحدودي مع المملكة العربية السعودية، ولأنها منطقة حدودية فهي دولة عبور بالنسبة لشبكة الاتجار بالبشر، وفيها يتم تسجيل حالات انتهاك عدة ضد الإنسان في ظل صمت مدني حقوقي وحكومي مريبين..
فيها يقع "الكمب" وهو حوش يتم فيه جمع المهجرين الأفارقة إلى اليمن لتسجيلهم ومن ثم ابلاغهم بالانتقال إلى العاصمة صنعاء لزيارة مقر المفوضية السامية لشئون اللاجئين والانتظار ليتم الموافقة على قبولهم كلاجئين أو عدم الموافقة..
مصادر خاصة قالت إن هناك مطالبات لنقل "الكمب" لمدينة "الحديدة" كونها قريبة من المطار وبعيدة عن الحدود السعودية؛ ليتم ابعادهم عن أي خطر قد يتعرضوا له أو اغرائهم لدخول السعودية، سيما أن "حرض" تحوي عدداً من الأحواش التي يتم فيها احتجاز المهاجرين الأفارقة وعدد المعروفة والكبيرة منها 20 إلى 25 حوش، وتملك أسماء خاصة بها، وفيها يتعرض المهاجرين لأنواع التعذيب والجرائم ضد الإنسانية، ناهيك عن عدد من قضايا التحرش الجنسي للإناث وسط تهاون من السلطة المحلية والأجهزة الأمنية في المديرية..
تهاون الأجهزة الأمنية في المديرية أثار الشكوك حولهم، وحين سؤال أحدهم "رفض ذكر اسمه" قال إنهم إن تدخلوا فلا يتم النظر في قضايا الأفارقة لأسباب ثلاثة: الأول أن اليمن موقعة على اتفاقية حقوق اللاجئين وبمجرد أن يدوس أي مهاجر أرضها ويعلن أنه يطلب اللجوء فلا يحق لأي سلطة محاكمته، الثاني أن المنظمات الدولية وُجدت لحل هذه القضايا وتستلم مبالغ مالية هائلة ولا تعمل شيء، أما الأخير فهو عدم تعامل النيابة بجدية مع القضايا المشابهة التي يتم تحويلها إليهم.. وبهذه المبررات نشعر أنهم -نوعا ما- على حق، سيما إذا علمنا أنه في يونيو المنصرم انطلقت حملة أمنية كبيرة من الأمن المركزي والأمن العام تم خلالها ضبط عديد من المهربين وتقديمهم لنيابة حرض الابتدائية، ولكن سرعان ما تم الإفراج عنهم..
قبل ذلك ألقت الأجهزة الأمنية في "حرض" القبض على مجموعة مهربين "من ضمنهم مهربة أثيوبية" تقوم باستقطاب الاثيوبيات إلى اليمن وتسليمهن للمهربين اليمنيين، واتضح أنها على علاقة غير شرعية مع أحد المهربين اليمنيين الذي كان يدّعي أنها زوجته، وتم تحويل ملفها إلى النيابة وظلت هناك دون أن يتم النظر فيها، تعمد المهربة على فتح أفلام اباحية للأثيوبيات في أحواش المهربين لجرهن نحو ممارسة الجنس مع المهربين، وحينها تم تسجيل حالة اغتصاب لفتاة اثيوبية عذراء نقلت إلى مستشفى "أطباء بلا حدود" لإثبات حالتها..
الأحواش في "حرض" تملك أسماء خاصة بها، ففي حوش السنيدار مثلاً حصلنا على مقطع فيديو يعرض قيام الأجهزة الأمنية في ابريل المنصرم بضبط تسعة عشر فتاة وستة شباب من مهاجري اثيوبيا، وقامت بتسليمهم لمنظمة الهجرة الدولية، الفيديو يعرض نزول المهاجرين من إحدى السيارات "دينّة" لإدارة أمن المديرية، بعد أن تم الامساك بها وهي محملة بعدد من "السلال" الفارغة ويختبئ تحتها المهاجرين، فتم الامساك بها بنفس الوضعية التي عثروا عليها واحتجازها بإدارة الأمن لفترة ليست بالطويلة ومن ثم لم ندري عن مصيرها.
انتهاكات حقوقية..
في قضايا المهاجرين -الأثيوبيين إنموذجاً- نجد أن التلاعب بهم يأتي من ثلاث جهات مختلفة، الأول من قِبل السفارة الأثيوبية التي ترفض تقديم أي خدمات لهم، الثاني من السلطة المحلية والتنفيذية المتمثلة في الأجهزة الأمنية التي ترفض التدخل في قضاياهم بسبب المبررات السابقة ناهيك أن بعض الجنود قالوا أنهم إذا تدخلوا في هذه القضايا فسيعملون على تقديمهم للنيابة التي بدورها يتعارض عملها مع القانون بسبب توقيع اتفاقية حقوق اللاجئين، أما التلاعب الثالث فيأتي من منظمة الهجرة الدولية التي لا تقدم أي واجب لهم ولا تملك أي نظام حماية ولا محاميين تابعين لها يعملون على متابعة القضايا الواقعة ضد المهاجرين ووجودها في اليمن مُبهم للغاية لكنها تقول أنها تعمل على مساعدة اليمن في الإعادة الطوعية للمهاجرين لبلدانهم، بيد أن هذا المبرر يتعارض مع ما حدث في 2011 حيث وصل حوالي 45 ألف مهاجراً فقط إلى "حرض" ولم تقم المنظمة بإعادتهم كما تقول، فقط استطاعت أن تُعيد ما يقدر بخمسة ألف مهاجر خلال عام كامل..
بالمقابل تنشغل المفوضية السامية لشئون اللاجئين في العمل مع نازحي حرب صعدة مع أن عملها الأساسي هو تقديم الدعم والحماية ومساعدة اللاجئين، وهذا هو هدف وجودها في اليمن، ناشطون حقوقيون يتهمون المفوضية السامية بتأجيل عملها مع اللاجئين بسبب أن قضاياهم مضمونة وبالإمكان العمل معهم بأي وقت ولكن قضايا النازحين ستحل خلال الفترة القادمة؛ وبذلك تكون حصلت على تمويل متعدد وضمنت بقائها لفترة أطول..
وضمن حالات الانتهاك الخطيرة التي تعرض لها المهاجرين قيام منظمة الهجرة الدولية قطع التغذية على المهاجرين الأفارقة "خاصة الصومال" في يوليو المنصرم، بسبب ما قالوا عنه بأنه تم التعدي عليها من قبل مجموعة صوماليين..
انتهاكات عنصرية..
في صنعاء هناك أفارقة "صوماليين وأروميين وإرتيريين" خاطبتهم المفوضية السامية لشئون اللاجئين بترك منازلهم أثناء حرب الحصبة في مايو 2011، كان خطابهم عن رسائل SMS بأن عليهم أن يتركوا منازلهم للحفاظ على سلامتهم، ولكن لم يتم توفير بدل سكن ما أدى لافتراشهم أحد الشوارع في العاصمة ونصب مخيمات بالقرب من مقر المفوضية، حاول المعتصمين الأفارقة الدخول لمقابلة ممثل المفوضية لكن ذلك لم يحدث إلا بعد أن عمدت القوات اليمنية على تفريقهم من أمام مقر المفوضية ورشهم بغازات مسيلة للدموع وإطلاق الرصاص الحي والمباشر عليهم، ما أدى لمقتل وإصابة عديد منهم..
حاولنا زيارتهم إلى مخيماتهم ولكن الخوف كان مسيطر علينا، سيما بعد المعلومات التي حصلنا عليها بأن الصحفيين الذين زاروهم خرجوا من عندهم وهناك من ينتظرهم لأخذ ذاكرات كاميراتهم وأشرطة مسجلاتهم، فكان علينا التخفي للدخول إليهم، والمشي معهم مسبقاً بعد التنسيق مع أحدهم، في طريقنا القصير للمخيمات استمعت لعدد من الكلمات التي تحوي تمييزاً عنصرياً بسبب اللون والانتماء من قبل أغلب المارة..
ودون ذلك شكو من سوء معاملتهم من قبل الحكومة اليمنية، وحكوا قيام أحدهم بدهس زميلهم وحين توجهوا لمنطقة الوحدة "قسم 7 يوليو" تم احتجازهم وكأنهم مذنبون والاعتداء عليهم بالضرب، والافراج عن سائق السيارة الذي استاء من شكواهم وتوجه بمعية ثلاثة من أصدقائه ليغدق زملاء لهم بالضرب ويهددهم بألا يشكو مرة أخرى وإلا سيكون مصيرهم القتل، وأضافوا أنهم تحملوا أعباء نفقات علاج صديقهم، كما تحملوا أعباء نفقات علاج من تعرض للإغماء أو اصيب بطلقات نارية حين استخدمت قوات الأمن اليمنية الرصاص لتفريق تواجدهم أمام مقر منظمة المفوضية السامية لشئون اللاجئين..
وبعد مرور عشرة أشهر من اقامتهم في مخيمات تنقصها أبسط الاحتياجات الإنسانية تم الاتفاق معهم على نقلهم إلى "مخيم خرز" الذي يقع في محافظة "لحج" الجنوبية، وحين نقلهم تم احتجازهم 48 ساعة في قسم الجوازات بالأمانة، ولم أستطع الدخول إليهم حين أبلغوني بذلك..
انتهاكات دينية..
في الجزء الآخر من اليمن يقع "مخيم خرز" الخاص باللاجئين الذين يتم ترحيلهم من صنعاء أو عدن، وهناك تحدثت تقارير صحفية في أغسطس المنصرم عن عمليات انتهاك عديدة ضد حرياتهم..
ليس هذا فقط، بل تحدث العديد منهم عن تعرضهم لانتهاكات بسبب الانتماء الديني (اسمي في اليمن محمد ياسين وفي اريتريا سلمون سيو) بهذا استهل "سلمون" حديثه وهو لا يهتم بالاسم الذي قد تناديه، لكنه يهتم بطبيعة ونوعية معاملتك له عندما تعرف ديانته، قال بنوع من الأسف (أي يمني يعرف بأني مسيحي يقوم بتهديدي بالجنبية) ويقول إنه لا يستطيع أن يعمل إلا إذا غيّر اسمه، وأفاد بأن من يعمل معهم يقومون -عندما يعرفون أنه مسيحي- بطرده من العمل بحجة أنه كافر ويهودي، مشيراً إلى أنه عمل في إحدى المرات كعامل يحمل الأحجار لبناء إحدى البيوت وحين عرف العمال بأنه مسيحي قاموا بالاعتداء عليه وطرده وقالوا أنه لا يشرفهم العمل مع الكفّار، ناهيك أنهم حرموه من مستحقاته اليومية ليعود ذلك اليوم خالٍ من أي قطعة نقود..
مسيحيون أفارقة يعيشون في اليمن كلاجئين؛ هرباً من بطش بلدانهم، ويقولون أنهم حين خرجوا من بلدانهم كان العدو من خلفهم والبحر الأحمر أمامهم فوجدوا أنفسهم في اليمن، ويتحسرون لذلك لأنهم "هربوا من جحيم يعرفونه إلى جحيم لا يعرفونه"..
وبحسب الاتفاقية العربية للاجئين فإن اللاجئ هو "كل شخص يوجد خارج بلد جنسيته أو خارج مقر إقامته الاعتيادية في حالة كونه عديم الجنسية ويخشى لأسباب معقولة أن يضطهد من أجل عرقه أو دينه أو جنسيته أو انتمائه إلى فئة اجتماعية أنه سيظل بحماية ذلك البلد أو أن يعود إليه" وجاء هذا التعريف ليؤكد حق اللاجئين في كافة جوانب الحياة؛ لكن الممارسات التي يتعرضوا لها تصنع عداء مع الشعب اليمني؛ كون ما يحدث يسبب لهم تأزم نفسي "والتاريخ لن يُنسي الشعب الأريتيري ما يحدث لأبنائهم في اليمن" والدموع بعينيها تتساقط وبصوت عالٍ للغاية قالت "داب مهراك" هذه الجملة، ثم تساءلت (ما ذنبنا.. هل ذنبا أننا لاجئون.. لماذا يتعاملون معنا وكأننا أتينا من النار أو كأننا جن.. كنا نتوقع أننا في بلاد الإسلام، بلاد سبأ وحمير، ولكننا فوجئنا بغير ذلك)..
بشكل عام فاليمن تصدر تأشيرات إقامة للقساوسة ليتمكنوا من توفير الاحتياجات الدينية لجاليتهم، وتقيم أيضاً علاقات دبلوماسية مع الفاتيكان، ولا تحتفظ بسجلات تبين الهوية الدينية للأفراد، وليس هنالك قانون يطلب من الجماعات الدينية أن تسجل نفسها لدى الدولة..
"مهراك" صرخت مجدداً وقالت إنهم إذا كانوا عالة على المجتمع اليمني، وإذا الحكومة والأمم المتحدة غير قادرون على تقديم أي شيء لهم فيجب أن يعطوهم ملفاتهم الخاصة باللجوء والتي يحصلوا بسببها ملايين الدولارات، وقالت بتحسر (غير الإهانة في اليمن لم نلقى شيء.. نحن بشر نريد أن نبني مستقبلنا وأن نعيش حياتنا وأن نكون محترمين)..
"عثمان جلادلو" ممثل الأوروميين في مخيم خرز قال إننا حين نذهب لبلدانهم لا نلق أي من أنواع الاضطهاد الديني، ويأتي تساؤله مع علمنا أن الحكومة اليمنية تمنع التبشير للمسلمين بموجب الشريعة الإسلامية، ويعد تحول المسلم لدين آخر ردة وجريمة يعاقب عليها بالإعدام، ويقول مسيحيون أفارقة التقينا بهم أنهم يتعرضوا لكل أنواع الاضطهاد الديني، ويؤكدون أن المجلس الأعلى للكنائس يعلم تماماً بمعاناتهم ولم يعمل لأجلهم أي شيء، وبحسب كلامهم فإنهم لا يريدون أي شيء، فقط أن يعيشوا بكرامة وإنسانية (نريد أن نعيش كغيرنا من اللاجئين في العالم، أو إعادة توطيننا لبلد ثالث، بلد يُحترم فيه اللاجئ) ويقولون (نحن في اليمن لا نتعلم ولا نعمل، وإذا قتل أحدنا لا نجد أحداً يقف بجوارنا ويأخذ حقنا، وإذا مرضنا لا نجد أي علاج)..
الاثيوبي "عبده عمر" وهو اسم حركي؛ يخاف أن يتزوج في اليمن لكونه لا يملك مستقبل وأولاده أيضاً لن يملكوه؛ بسبب أن المفوضية لم تمنحهم أية بطائق شخصية أو جواز ولم تعترف بأي اثيوبي بأنه لاجئ، وأيضاً لم تمنحهم الحكومة اليمنية الجنسية.. ويقول "لا نستطيع الرجوع إلى بلدنا لأننا لاجئين سياسيين وسيحكم علينا بالسجن المؤبد أو الموت" ويؤكد أن المشكلة الأكبر "حين يموت أحدنا في اليمن فالمقابر لا توافق على دفنه إلا إذا غيرنا اسمه بمعاملات رسمية" ويعزز خوفه بقوله "في اليمن أخاف وأنا حي وأخاف حين أموت"..
احصائيات..
اليمن هي الدولة الوحيدة في منطقة شبه الجزيرة العربية التي وقعت على اتفاقية عام 1951 الخاصة بوضع اللاجئين وبروتوكول عام 1967 التابع لها، لهذا تستقبل المد الأفريقي بشكل كبير وأعلنت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في نوفمبر المنصرم أن عدد اللاجئين الذين قدموا إلى اليمن من دول القرن الإفريقي خلال الأشهر ال10 الماضية من العام الحالي 2012 وصل إلى 90 ألف لاجئ، في حين شهدت الفترة نفسها من العام الماضي تسلل 100 ألف لاجئ..
ونشر موقع "العربية نت" أن الحكومة اليمنية أعلنت مؤخرا أن عدد اللاجئين من بلدان القرن الإفريقي وخصوصاً من الصومال وصل إلى نحو مليوني لاجئ، وذلك منذ اندلاع الحرب الأهلية في الصومال مطلع تسعينيات القرن الماضي، مشيرة إلى أن الآلاف من اللاجئين الصوماليين يتدفقون شهريا على نحو مستمر، وبحسب الموقع فإن الحكومة سعت خلال سنوات سابقة إلى حصر اللاجئين في مخيمات خاصة، مثل مخيم خرز بمحافظة لحج، إلا أن زيادة أعدادهم بشكل لافت خلال السنوات الأخيرة، أدى لانتشارهم في مدن يمنية عدة، أبرزها صنعاء وعدن، حيث يمارس أغلبهم مهنا متواضعة.
وأضاف (ووفقا لخبراء اقتصاديين، فإن اللاجئ الواحد يكلف نحو 500 ألف ريال "2300 دولار أمريكي" سنويا، مقابل إقامته ومعيشته على الأراضي اليمنية، وحصوله على خدمات السكن والتنقل والعمل والطاقة والاتصالات والمياه والصحة والتعليم، أي أن مليوني لاجئ يكلفون الاقتصاد اليمني نحو 4.6 مليار دولار سنويا، وبحسب دراسة للباحث الاقتصادي رفيق القدسي، فإن اللاجئين يحصلون على خدمات تعليمية وصحية مجانية في مراكز الحكومة، كما أن هناك مدارس خاصة بهم تتكفل بها الدولة وتتحمل كافة نفقاتها. وتقوم الحكومة بتخصيص مراكز صحية للاجئين، مما يكبد الاقتصاد اليمني كلفة عالية، ومن جانبه، قال الخبير في الدراسات الاستراتيجية، ناجي مرشد، ل"العربية نت"، إن تواضع إمكانيات خفر السواحل اليمني، في ظل وجود شريط ساحلي كبير للبلاد يمتد على طول 2400 كيلومتر عبر البحرين الأحمر والعربي، يسهل تدفق المتسللين إلى الأراضي اليمنية، وأشار مرشد إلى غياب برامج تأهيل لإدماج اللاجئين وجعلهم عنصرا فاعلا في المجتمع اليمني، الأمر الذي فاقم مشكلاتهم على الصعيد الاجتماعي والأمني، على حد قوله)..
ونشرت وكالة "شينخوا" نشرت احصائية صادرة عن المفوضية السامية لشئون اللاجئين في يوليو المنصرم عبر بيان صادر عنها قالت خلاله إن اجمالي الواصلين الجدد من اللاجئين الى الشواطئ اليمني بلغ 43007 الفا وسبع لاجئين، وحسب الاحصائية فان اللاجئين الاثيوبيين احتلوا المركز الاول في عدد اللاجئين الاكثر في اليمن حيث بلغ عدهم 32.502 منذ بداية العام ثم الصوماليون حيث بلغ عددهم 10.416 لاجئا، مشيرة إن عدد اللاجئين الواصلين الى اليمني خلال الشهر الأخير من النصف الاول من العام الحالي "يونيو" بلغ 5601 لاجئ، منهم 4397 اثيوبيا و1189 صوماليا و15 اخرون..
وذكر البيان بأن أعمال المفوضية تأثرت بفعل الاضطرابات السياسية التي تعيشها اليمن، حيث أن عمليات تقديم العون والمشورة والمراقبة ومعالجات طلبات اللجوء صعبة بسبب تقييد الحركة، وأن عددا من مراكز الاستقبال التابعة للمفوضية تواجه تحديات كبيرة، وقال البيان "استجابة للاضطرابات المدنية المتزايدة في صنعاء، وبعد التشاور مع قادة مجتمع اللاجئين، قامت المفوضية بحشد الدعم لنقل بعض اللاجئين وكذا الحالات المستعصية من اللاجئين إلى خارج المدينة" ربما هذا ما دفع المفوضية إلى نقل المعتصمين السالف ذكرهم إلى "مخيم خرز" وقبل ذلك تم زجهم بقسم الجوازات في أمانة العاصمة..
تشريعات..
أخيراً يجدر بنا الإشارة إلى أن مختلف النظم والتشريعات أكدت وكفلت حقوق وحريات اللاجئين المختلفة، وللتأكد؛ علينا الرجوع لمختلف الأحكام، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الاتفاقية الخاصة بوضع اللاجئين 1951 والبروتوكول الخاص بوضع اللاجئين 1967، وأيضاً إعلان القاهرة حول حماية اللاجئين والنازحين في 1992..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.