عالم الشريعة لقب يدل على مَنْ يبذل جهده في الوصول إلى الحكم الشرعي ، وتكون عنده القدرة على استنباط الأحكام الشرعية من أدلتها ,فالعالم من توافرت فيه شروط الفتوى والإجتهاد حتى لايفتح الباب على مصراعيه أمام كل أحد صغيرا كان أو كبيرا , ومن أهم تلك الشروط أن يعلم من الأدلة الشرعية ما يحتاج إليه في اجتهاده ، كآيات الأحكام وأحاديثها وأن يعرف ما يتعلق بصحة الحديث وضعفه ، ومعرفة الإسناد ورجاله ،و الناسخ والمنسوخ ومواقع الإجماع ، حتى لا يحكم بمنسوخ أو مخالف للإجماع وأن يعرف من الأدلة ما يختلف به الحكم من تخصيص ، أو تقييد ، أو نحوه ، حتى لا يحكم بما يخالف ذلك وأن يعرف من اللغة وأصول الفقه ما يتعلق بدلالات الألفاظ كالعام والخاص والمطلق والمقيد والمجمل والمبين ليحكم بما تقتضيه تلك الدلالات والقدرة التي يتمكن بها من استنباط الأحكام من أدلتها فمن توافر فيه الشرط الشرعي فهو العالم الشرعي ، وما دونه فلا يصح أن يوصف بذلك, كما أن مصطلح شرعي ، له معناه وله شروطه ، فمن غير الجائز التساهل في إطلاقه على كل من تكلم في الأحكام الشرعية ، أو درس المواد الإسلامية في المدارس والجامعات أو اشتغل في الدعوة إلى الله أو تصدر إلقاء المحاضرات والندوات ، فقد يكون الرجل داعية إلى الله ، ويبذل فيها جهده ، ولكنه لم يصل إلى درجة العالم علاوة على صفة الشرعية , وحيث أن الأصل في كل العلوم التحصيل و التخصص ومن ثم الإجازة العلمية المعتبرة فإن لقب العالم الشرعي أولى بذلك , أن المتأمل في أعضاء ( الهيئة الشرعية ) لاوجود لما يمكن تسميته عالم شرع فيهم بالمعنى السليم , ومع تقديرنا لجهدهم التوعوي والخطبي والدعوي فإنهم لايتعدون كونهم دعاه ولايمنعنا هذا وذاك عن التنبيه الى جملة من القضايا والملاحظات بشأن وضعهم ودورهم ومن ذلك خطابهم الذي تبدو منه معاني إستنساخ مناهج ممعنة في التطرف والغلو بعيدا عن منهج المدرسة الوسطية الممتدة في ربوع الجنوب من المهرة حتى باب المندب علاوة على قصر الفهم وغياب بعد النظر فيما يصدر عنهم ,فلم يغادروا دائرة إصدار الفتاوى وإضفى الشرعية لمهرجان أو فعالية أو ساحة أو منصة أو قيادة دون أخرى, ناهيك عن ركة الخطاب الإسلامي الذي يوحي عدم فهم السياسة الشرعية و بالتالي القصور في ترجمة الجق المتمثل في قضية الجنوب المؤيد بشريعة الحق ببعدها الإسلامي والثقافي والإنساني . إن إفتقاد ثقافة الوسطية وغلو نبرة الخطاب التسلطي باسم الشريعة الذي يذكرنا بثقافة ولاية الفقيه عند الشيعة وبثقافة مكتب الإرشاد وبثقافة أمير الجماعة في تنظيم القاعدة كل ذلك يعني التأسيس لمنهج مغالي في احتكار الحق وفردية تمثيل الشرع , ففي نبراتهم خطابا متشنيا ومتعصبا يؤكد الإمتداد المنهجي لبعض المدارس السلفية الضاربة في الغلو الشبيهة تماما بعقلية مصدري الفتاوى التكفيرية في صنعاء والعجيب عدم الحيادية والدفاع المطلق المستميت عن اتجاه متطرف إلتصق مؤخرا بثورة الجنوب في حين أن هذا الأخير مرتبط بالشيعه ارتباطا مصيريا ولعل الحاجة إلى إضفى الشرعية ألى مفتقد الشرعية الثورية كانت السبب في التحالف الوقتي ولهذا كان من الطبيعي أن يخلق هذا التناقض شرخا في الصف الجنوبي أدى إلى تمايز وفرز مرحلي كمخاض سياسي ضروري وحتمي . إن ماتسمى بالهيئة الشرعية تعطي أكثر جهدها اصدار الفتوى بشرعية مظاهرة او ساحة او قيادي او لقاء بدلا من الوقوف بمسافة واحدة وعادلة من الجميع, فهي هيئة متطرفة الى أقصى اليمين وموالية لأقصى اليسار المتطرف مبهمة الرؤى والبرامج مثله تماما سكونا وحركة إبتذالا وتزلفا وخداعا تنفيذا لمخطط صنعاء لوأد الحراك الجنوبي فحضورها يبرز في موالاتها للقيادات الموالية لأحزاب صنعاء وسلطتها في الحراك الجنوبي لغرض الذهاب بالجنوب إلى باب اليمن للمرة الثانية . فلم نر تنسيقا مع أي منظمة او رابطة اسلامية او علماء في العالم الاسلامي لنقل القضية الى مرحلة متقدمة كون طابعهم التقوقع والإنغلاق, كما لوحظ التعصب بتطرف الى تيار الضاحيه في حين عدم وجود أي سعي لإيجاد تقارب مع المدارس الموجودة في الجنوب أو حتى مناظرات مع من يمجد الاحتلال منهم ,بل العمل على سلوك منفر لعلماء المنهج الوسطي ذي المدرسة الحضرمية , وبالجملة فمن ينتمي للهيئة الشرعية ليسوا روادا لعمل اسلامي أو خيري , وقد اقتصر نشاطهم مؤخرا على فتاوى شبه تكفيرية ضد كل من خالف أوامر سماحة السيد بإعتباره لاينطق عن الهوى . اسئلة كثيرة تدعو إلى ضرورة توجيه الدعوة الى علماء الشرع الحنيف من أصحاب الفكر والمنهج الوسطي لتداعي واعي بعيدا عن التطلعات الأنانية و ثقافة التباينات والغلو المرتبط مركزيا بأحزاب صنعاء والشيعة, للنأي بالشريعة الاسلامية الغراء عن مظاهر العنتريات البراقة والشرعنات الباطلة لإتجاه متقزم واقعيا وللنهوض بقضية الجنوب . إن ثقافة التأسيس للطاعة العمياء المنبثقة من ولاية الفقية ومكتب الإرشاد وطاعة أمير الجماعة ثقافة مرفوضة جملة وتفصيلا والشريعة الإسلامية منها براء .