يعصف بنا الحنين إلي مشارف الوطن بعد أن قضينا بعض من سنين العمر في المهجر ..ويمزقنا الخوف أشلاء على عتباته وبين الحنين إلي الوطن والخوف من ما ينتظرنا وينتظر هذا الوطن يعتصرنا الألم وتتفجر بداخلنا براكين الغضب نكابر على حنيننا ونبرر للانفسنا الابتعاد عنه وتأبى الذاكرة إلا أن تجرنا إلي ذكرياتنا فيه و لم نكن نفقه حينها من الوطن سواء اسمه ونشيدا نردده مع كل طابور صباحي ومع كل ذلك الحنين فإننا نشعر بالخوف كلما اقتربنا منه خوفنا عليه وربما خوفنا منه أيضا .. ماذا يخبئ لنا ذلك المكان الذي يجمع الأضداد في شيئا واحد اسمه الوطن .. الوطن الذي لم يحفظ لنا حقوق المواطن رغم إننا حافظنا واحتفظنا بكل واجباتنا تجاهه وكل ماحفظه لنا عبارة عن شتات ذكريات وأيام ربما عشناها على هامش الحياة التي حلم بها أجدادنا وباءنا ولازلنا نحلم وسيحلم بها أجيال كثيرة بعدنا لأنه لا شيء على ارض الواقع يقول غير ذلك .. لماذا الحنين إذن وما الذي نحن إليه هناك من بقايا وطن أثقلت كاهله الصراعات حتى لم تبقى منه شيئا يستحق الحنين إن كل السنين التي مضت حملت لنا في طياتها الكثير من الآلام والأوجاع وكل السنين التي ستأتي لايبدو أنها ستحمل لنا مايسرنا ويخفف آلامنا وأوجعانا فان لم تزدها ستبقى عليها كما هي ورغم كل ذلك لازال الحنين يدق أجراسه في حنايا قلوبنا ويستحوذ على كل تفكيرنا ويشل في اغلب الأحيان حركتنا عن المضي قدما أو حتى مجرد التفكير في المضي قدما .. أتراها الأقدار تخبئ لنا يوم سعيدا بعد كل تلك السنين .. أم انه كتب علينا أن لانرى السعد ابد الدهر …. والذي ينعم في أحضانه الآخرين بل حتى أصبحوا يحسدوننا على خوفنا وحنيننا لأنهم وصلوا إلي حد التخمة من غدق أوطانهم عليهم بكل مايحتاجونه . إنهم يقولون ( مهما اليل طال فان الصبح لابد آت ) ولكن ليلنا طال ولم نرى ذلك النور الذي يقولون انه آت ,,إننا وسط نفق مظلم وكلما مشينا فيه بحثا عن بصيصا من النور المنشود إزادت عتمته . لم نعد نحلم بذلك الصبح بكل نورة واشراقاته يبدو إننا سنكتفي بمجرد بصص من الضوء لعله يدخل إلي قلوبنا بعضا من الأمل ولكن هيهات أن نرى حتى ذلك البصيص… ومع كل تلك الألام وتلك العتمة يراودنا الحنين بين حين وأخر ويعتصرنا الألم والخوف في كل حين.